مُلاحظات على الواقع السياسي العراقي/حسين الشويلي
Sun, 2 Jun 2013 الساعة : 14:45

نشأت الاحزاب العراقيه الحاليه بشقيها الاسلامي والعلماني وفق أراده وجدت قبل الاشخاص وهذه الاراده بحثت عن هؤلاء الاشخاص ليكوّنوا حزباً أغلب أطروحاته الايديولوجيه لها وجود مستقل ويتقدمها من ناحية الزمان فهم أفراد تتحنط في قوالب أيديلوجيه الحزب . ولايعد هذا نتاج للعمل التنظيمي الممنهج بل هو أفرازات ضرفيّه ووجود مرتبط بغايه وزمن محدد ولهذا تظمحل الاحزاب وتندثر لانها وجدت لغايه وتلك الاحزاب ببلوغها الهدف التي وجدت لاجله يصبح وجودها نشازاً أجتماعياً ومفهوم ذهني لايملك مقومات الخروج ليكون كائنا واقعياً " لانه يفتقر الى مادة الخطاب الجماهيري والاقناع والمبرر " ويكون نسق منغلق من الافكار الوهميه التي تدعي الحلول الواقعيه لمشكلات البلد من خلال نظام أفكار ورؤى سياسيه قادره على أستقطاب كل المياه الراكده في القعر لتخرجها كحل للجدب الاخلاقي والمهني الضارب الاطناب في مؤسسات الدوله . وفي العراق نملك نماذج متعدده من تلك الاحزاب التي فقدت شرعيتها لانها بلغت نهايتها الجغرافيه ولاتتمكن من الاستمرار لانه يكون أداء تكراري لوجود منعدم .
ومن الناحيه النقديه للاداء الحزبي حول مامدى حاجة البلد لهذه الايديولوجيه التي تعمل في الساحه السياسيه التي تستمد ديمومتها من الجانب الاجتماعي للبلد " ولان وجودها السياسي هو وجود ذهني لامبرر له ولاغايه تمنحها الشرعيه في الاستمرار فينعكس هذا التحرك والاداء الحزبي سلباً على الجانب الاجتماعي والذي هو كل ممارسات وتحركات المجتمع " من خلال البحث عن معقوليه تنتسب لنوع الصراع السياسي فهي تعمل على الحفاظ على وجودها ليس من خلال تقديم الاعمال الحزبيه والنقابيه المنتجه بل من خلال أيجاد خصم سياسي اقوى منها وأكثر حركيه لتكون خصماً مصطنعاً له وبهذا لجمت وجودها بصراع سياسي مفتعل وتكون حاضره في الساحه السياسيه كمعارضه حزبيه وليس معارضه برلمانيه لتقويم المسار البرلماني " لان المعارضه البرلمانيه طرف متكافئ مع الحزب ذات الديناميكيه الحزبيه المتجدده دوما " ولو أخذنا تجربه حزبيه كشاهد على هذا الزعم فيكون " التيار الصدري " والقائمه العراقيه " كنموذج ديني والاخر علماني " نجد أن التيار الصدري وجد لمرحله ضرفيه ولايحمل بداخله مقومات الاستمرار كمنظومه حزبيه تحمل أهدافاً وواقعاً تريد أن تطبقه كمنهج للمجتمع بل أنها كسّرت كل الاطر السياسيه والاجتماعيه بتبنيها سياسة الاعتراض المستمر كضمانه مجانيه غير مفكره للاستمرار في العمل الحزبي " ونلاحظ أن التيار الصدري وجد علاقه خصومه مع " حزب الدعوه الاسلاميه " ليستمد من الاخير مبرر لوجوده فهو ناقداً لحزب الدعوه ولرئيسه المالكي " دون أن يقدم حلولاً واقعيه معروفه الابعاد منذ أعوام فقد أختزل وجوده على معارضه " حزب الدعوه الاسلاميه " فمن تحركات أتلاف دوله القانون يجعل سنخيّه مناقضه ! كي يشعر الاخرين بوجوده " وعلى هذا النسق والتفسخ في الحركه الحزبيه يسير التيار الصدري وقد أضرّ هذا التهالك بالجانب الاجتماعي لاعتبارات عدّه " منها أستقطب هذا التيار أنصاره من خلال أولاً أفكار حزبيه قديمه منذ أعوام التسعينيات ولم يقم على تطوير مناهجه أو أنتاج رؤيه جديده تتناسب وطبيعة المتغيرات فالذي كان من الاحداث قبل خمس عشره عاماً لم يعد قائماً " والنظريه الفكريه ترتبط بمبدأ الزمان فأي أضطراب في التنسيق بين الفكره والزمن هو أخلال في الاداء والممارسه الواقعيه لان الفكره السياسيه قائمه على نمط سياسي وأجتماعي معين فهناك تجاذب وارتقاء تصاعدي بين المنظومه الفكريه للحزب وعامل الزمن . كانت صلاة الجمعه في التسعينيات تعد تحدياً للسلطه البعثييه فاقامة الصلاة في الجمعه كان مبرر قوي ومثمر لوجود أصل الفكره من انشاء التيار الصدري . فلدينا صلاة الجمعه كفكره ونهج حزبي " والزمن الذي منح الفكره مبررها وهو منع صلاة الجمعه من قبل سلطة البعث فكان تحدياً أضفى على التيار رونقا ناصعا وأحقيه في العمل -ومن تلك الجزئيه حصل التيار على أتباعه ووجوده وبعد زوال البعث من الحياة السياسيه والاجتماعيه أُزيلت التضحيه لاقامة صلاة الجمعه أي أكبر ذريعه يتمدح بها التيار الصدري فأصل الفكره القديمه فقدت صلاحيتها للتقادم الزمني وزوال من منحها صفة التحدي - ولو عملنا نوعاً من مقارنة الافكار التي هي مبررات وجودهم وركائزهم التي يتعكزون عليها مع الحاضر لوجدناها كلها تنتمي الى التأريخ ولم يعد لها أي مصداق في الخارج " الاتباع غير ملتفتيين الى تقادم الزمن على نظرياتهم والاعضاء لم ينتجوا أفكار ونظريات لأنتاج موائمه بين المنظومه الفكريه الحزبيه ونوع الحاجات والخصومات والتفاهمات وكل جزئيات الحياة . كي لايقف الانسان عند نقطه ويكون هو وفكرته جزء من التأريخ الذي لايصلح للعمل السياسي بل الى المتاحف هو أقرب واجدى . والنقطه الثانيه التي تعد مفصليه وينفرد بها التيار وهي أنه أُنشأ في داخل العراق في زمن الديكتاتوريه فكان التفافا جماهيريا حول الفكره التي تحمل المساواة أي أنها فكره تعويضيه " ولم يعتمد على أسلوب التنظيم الحزبي الذي عادةً يكون ممنهجاً . وجرّاء هذه الحيثيه يفتقر التيار لثوابت فكريه وفلسفيه ثابته معروفه كي يتم تطويرها والعمل على صيانتها لتكون أفكاراً منتجه لا رجعا تأريخياً متكرر . وأما عن القائمه العراقيه " لم تكن حركه أو حزبا بل كانت خلاصه وقتيه للعمل السياسي اُريد لها أن تحافظ على الارث البعثي لكنها سرعان ما أنهارت لانها أصطدمت بواقع لايقبل البعث فكراً وممارسه . فأنتفت بأنتفاء الغايه التي وجدت لاجلها . أن أكثر ما يسيئ الى الشعوب هي تلك الحركات النمطيه التي هي أستنساخ لأفكار وبرامج تأريخيه لم تعد قادره على أستيعاب الحاضر بما يحمله من متغيرات لاتقبل التوقف والتحجر بل هي بانسياب وتدفق مستمر وأي وقوف أو تراجع هو أنتكاسه سياسيه وأجتماعيه وفي العراق أمنيه " فالتفكير المستمر لانتاج الاصلح يقود الى مستقبل معقلن يمنح الاستقرار والطمئنينه للاجيال . وللاسف بعض الاحزاب السياسيه العامله في العراق أكتفت بالاسماء والمُثل الذهنيه وتركت أي مبادره واقعيه لتطوير نظرياتها أو حتى مراجعتها والاستفاده من تجارب الاخرين لا في الانتاج السياسي وغيره بل في أدوات الانتاج - فأي بحث ينبغي ويتعين أن يكون في الاداه التي تنتج لا في الانتاج الذهني - او العملي - لان تطوير الاداة والتي أعني بها الكيفيه من الاستفاده من الفرص المتاحه وأستغلالها لجلب مكاسب سياسيه وصفقات أقتصاديه فقط من خلال الاستفاده الواعيه من أي ممارسه سياسيه عالميه . على سبيل المثال لا الحصر - اليونان يعيش أزمه أقتصاديه مؤلمه وعميقه جداً بأمكان الاقتصاد العراقي والشركات العراقيه الاستفاده من تلك الازمه بمنح فرص عمل للخبراء والطاقات العلميه اليونانيه للعمل بالعراق وبثمن زهيد جداً للارتقاء بالصناعات العراقيه وتناسل الخبرات العلميه وتكاثرها " وكثير من الدول الغير نمطيه التفكير أتخذت هذه السياسه كمنهج لتطوير الاقتصاد وانشاء تحالفات وصداقات مع الطبقات السياسيه والاقتصاديه والعلميه فقط .