البناء التربوي بين الاسرة والمدرسة/كاظم موسى الحميداوي

Sat, 1 Jun 2013 الساعة : 23:31

تعد المدرسة المؤسسة التربوية الثانية التي ينتقل فيها الطفل من مجتمع الأسرة المتجانس إلى المجتمع الكبير الأقل تجانسا الذي تتباين فيه الشخصيات التي يتعامل معها الأطفال وفقا للتجارب الاجتماعية المختلفة, والتي تدعم إحساسه بالحقوق, والواجبات، وتقدير المسؤولية، واكتسابه الأساليب الصحيحة في التعامل مع الآخرين, وبث روح التنافس الشريف والمشاركة الفعالة في الحياة بمختلف جوانبها؛ ولعل أهم ما يمكن إن تقوم به المدرسة هو تكوين الهوية الثقافية وبناء الشخصية المستقلة للطفل من خلال تعميق فهمه للعالم من حوله وإكسابه المهارات الاجتماعية والفكرية والوجدانية التي تساعده على أن يكون فردا سويا في مجتمعه مستعدا لتحمل المسؤولية ومدركا لحقوقه وواجباته ولابد أن يكون التعامل مع الأطفال في المدرسة مبنيا على أسس علمية وموضوعية، فالطفل يأخذ بمقدار ما يعطي على عكس المعاملة الأسرية التي تتسم بالتسامح والتساهل، وأحيانا بالشدة والتضييق لذا فالمدرسة تمثل مرحلة هامة من مراحل الفطام النفسي للطفل وهذا الدور المهم يبرر الاهتمام المتنامي للدولة بالمدرسة باعتبارها أي المدرسة المؤسسة التربوية التي يتم فيها بناء الإنسان الذي هو غاية الحياة ومنطلقها إذ تعمل هذه المؤسسة على تنشئته على قيم المواطنة الصالحة وتعميق ولائه وانتمائه لأسرته ومدرسته ووطنه مجتمعه ولابد أن تكون هناك شراكة حقيقية بين الأسرة والمدرسة والمجتمع حتى يتحقق التفاعل والتبادل الثقافي نحو بناء شخصية الطفل في أبعاده المختلفة ( الجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية ) ونمو الطفل في هذه الإبعاد لا يسير في خطوط متوازية وإنما بدرجات متفاوتة وخطوات متباعدة منذ السنة الأولى وحتى مرحلة النضج الاجتماعي التام الذي تكتمل فيها أبعاد التنشئة الاجتماعية ومن هنا تبدو ضرورة دراسة النضرة التربوية لحياة الطفل قبل وإثناء حياته المدرسية حيث إن التضارب وعدم التوازن مابين المفاهيم الأسرية ومفاهيم العملية التربوية في المدرسة يخلق ردة فعل لدى الطفل قد تكون حافزا لتغيير اتجاهاته وأنماط سلوكه وتكون سببا من أسباب الانحراف السلوكي والاجتماعي والأخلاقي لذا ينبغي الاهتمام في هذه المرحلة وبذل كل ما يمكن من اجل إيجاد البيئة المناسبة لتنشئة الأطفال وإعدادهم للتفاعل الايجابي في مجتمعهم . وهذا لا يمكن أن يكون مسؤولية فردية أبدا بل هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق الآباء والمربين والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ولتحسين أوضاع الأطفال يقتضي التنسيق والتكامل بين جميع المؤسسات ذات العلاقة من خلال توفير عناصر البقاء والنماء والحماية لجيل المستقبل والمطالبة بحقوق الطفل هو النداء الذي يوجه إلى ضمير البشرية وان يلزم المجتمع الدولي باحترامه فكم من الأموال تهدر ومثلها يسرق وينهب ومازالت المراكز العلمية والثقافية لرعاية الأطفال وتنمية مواهبهم وتطوير قابلياتهم في أطوارها البدائية لم تلق أي اهتمام كما أن اغلب البرامج المعدة لبناء شخصية الطفل في العالم العربي مازالت متأخرة قياسا مع دول العالم المتحضر ومن الثابت قانونا أن كل حق يقابله واجب فحقوق الطفل ما هي إلا واجبات هامة على الآخرين القيام بها باعتبار إن الاهتمام بالأطفال هو نقطة البداية إلى التنمية البشرية الشاملة .

Share |