عماد ووليد والطائفية/هادي جلو مرعي
Tue, 28 May 2013 الساعة : 0:26

الصديقان عماد ووليد من مدينة الناصرية في الجنوب ،أحدهما يعمل شرطيا في وزارة الداخلية والآخر جنديا في وزارة الدفاع ينشطان في العمل الطوعي والثقافي برغم عدم حصولهما على شهادات علمية متقدمة لكنهما يتقدمان بشكل ممتاز في التصدي لمظاهر الفساد والتخلف والتراجع والتشدد والتطرف، ويفعلان كل مايستطيعان لتحشيد الشباب في (قلعة سكر) المعروفة بشعرائها ومثقفيها ورجال وعلماء الدين هناك ،ولديهما رابطة من الشباب تتابع كل المستجدات وتحلل الأحداث بموضوعية ،وبتجرد عن التعصب والإنحياز لهذه الجهة ،أو تلك كذلك تتواصل مع المثقفين من الكتاب والصحفيين في بقية المحافظات وفي العاصمة بغداد أيضا ،ولم يمنعهما إنهما يعملان في جهازين للأمن من أن يمارسا ذلك الدور الإنساني الرائد والمتجدد . في هذه الأيام قررا أن يفعلا كل مايستطيعانه من أجل وقف المد العاتي الذي يستهدف العراق والمتمثل بالموج الطائفي المتصاعد بأشكال مختلفة ويهدد وجود هذه الأمة وعمقها الحضاري والإنساني الذي ينزاح نحو صدام مذهبي مقيت يدفع ثمنه العراقيون بكافة مذاهبهم وقومياتهم وميولهم ،وهو ما لايتمناه كل منصف وخيّر في هذه البلاد المعذبة عبر التاريخ ،وهما يدركان إن المهمة ليست على عاتقهما، ولم يكلفهما أحد بذلك، ولم يدفع لهما مصاريف التنقل برغم إنهما وزملاء وأصدقاء آخرين لاأعرف أسماءهم تركوا بيوتهم وأهليهم وإستثمروا إجازاتهم ليتحركوا بإتجاه مدينة النجف منفعلين لما يواجه وطنهم من تحد خطير وليحشدوا طاقات الشباب الواعد ليستنهضوا الهمم من أجل المستقبل الواعد ،ويحركوا هواجس القلق من الغد الذي يغلف الوطن بالرهبة مما قد يحصل فيما لو خفت الجهود، وإستسلم الناشطون لليأس والإحباط والتراجع في مواجهة المخاطر المحدقة بالعراق. أبلغاني إنهما ذاهبان بوفد كبير نهاية الأسبوع الماضي الى مدينة النجف الأشرف للقاء المراجع الدينيين والشخصيات الثقافية الناشطة لمعرفة الآراء والتوجهات التي يحتفظ بها أطياف من الفاعلين في المدينة المقدسة خاصة وإن النجف هي المدينة المقدسة التي تحفل بالروح والحركة الفاعلة وتنشط فيها المرجعيات الدينية والثقافية ومنا يشع وهج العلم والمعرفة ويعلو صوت العدالة والحق الذل لايدانيه صوت ولا علو ولهذا كانت عبر تاريخها الطويل مقصدا للمسلمين كلما إشتدت الخطوب وحاول المرجفون زعزعة ثقة المسلمين بأنفسهم لتعيدهم الى دوحة التفاهم والوئام والتصالح مع الذات الحرة ليكونوا معبرين حقيقة عن دين متسامح متصالح يرمي الى تحرير الإنسان لاإستعباده كما يحاول الذين يريدون لصورته أن تتشوه في عيون أتباعه ومحبيه والمضحين لأجله . فالطائفية هي صناعة سيئة رديئة المنشأ لاقيمة لها ،وموادها الأولية غاية في السوء لايمكن أن تكون صالحة لأي صناعة مهما كانت عادية، ويبحث عنها ذوو الدخل المحدود من الذين لايجدون مايدفعون فيبحثون عن الرخيص من البضائع لعلهم أن ينتفعوا به في موضوع ما، أو في غاية ما وهو حساب قد لا يكون مثمرا في كل الأحوال.