نحن وفن ادارة المخاوف -محمد الكاظم

Tue, 19 Jul 2011 الساعة : 11:54

الضجة التي تثار حول رغبات الكويت في الاستثمار في جزيرتي وربه وبوبيان جديرة بالتفكير بوسائل عراقية غير سياسية لحمل الكويت على التراجع عن نيتها انشاء ميناء مبارك الكبير على جزيرة بوبيان الذي يتوقع ان يخنق العراق ويقفل اطلالته البحرية الصغيرة، ودفعها الى الغاء فكرة انشاء مفاعل نووي على جزيرة وربة التي لاتبعد سوى مسافة بسيطة عن الحدود العراقية .
طبعا ذلك لايعني اللجوء الى العمل العسكري كما يتوعد بعض الغاضبين في العراق الذي يبدو ان الدخول في ام معارك جديدة اصبح من ابعد خياراته.ولكن بايجاد طرق اخرى للضغط من بينها تفعيل بعض الملفات القانونية التي يلوح بها بعض الناشطين العراقيين،  او العمل على ايجاد رأي عام كويتي وعراقي ضاغط يساهم في تراجع الكويتيين عن مشاريعهم التي تشكل استفزازا للعراقيين .او تحفيز حس المشاركة الكويتية في استقرار وبناء العراق. لان أمن واستقرار كل منهما يمثل استقرارا للاخر. او استخدام ما يمكن تسميته بدبلوماسية إستثمار المخاوف .
ففي ظل جوار عصيب ساهمت في تعقيده عوامل الجيوبولتيك والجيولوجيا والطبوغرافيا طالما كانت مشاعر الكويتيين مشوبة بالقلق تجاه العراق الذي يمثل تهديدا مستمرا لهم خصوصا ان تجارب الكويتيين مع الانظمة العراقية المختلفة كانت دائما تحمل نتائج ليست سارة، يضاف الى ذلك ان الكويتين فشلوا حتى بعد سقوط النظام السابق في كسب ود الشارع العراقي الذي كان يمكن ان يكون افضل الضمانات لاستقرار للكويت.يترافق مع ذلك فشل عراقي في طمئنة الجيران الذين لايزالون يعيشون كابوس جوارهم مع جار اكبر ميال الى العنف يبتعد احيانا عن الواقعية ويشك كثيرا بالاخرين وينام متوسدا بندقيته
ومن الواضح ان مشاريع وربه وبوبيان ليست اكثر وسائل ضغط جديدة على الجار العراقي المنهك ، من اجل استلال تنازلات تاريخية للحفاظ على امن وطني يشعر الكويتيون بامكانية اختلاله مع الرحيل الامريكي المرتقب من العراق.ومن المفترض ان لايقع العراق في فخ تلك الضغوطات وان يناور بمايمتلكه من وسائل سلمية تدخل ايضا ضمن حقوقه في السيادة على اراضيه.
ومن تلك الوسائل التلويح بأنشاء مفاعل نووي عراقي جنوب البلاد في مناطق يخشى الكويتيون امتداد تأثيراته الى اراضيهم، وربما التلويح بانشاء مثل هذا المفاعل في الصحراء الفاصلة بين العراق والكويت سيحد من اي رغبة كويتية لانشاء مفاعل مماثل على جزيرة وربه القريبة من ميناء ام قصر، ويمكن ان تعد فكرة المفاعل ورقة ضاغطة اخرى لحمل الكويت على التراجع عن فكرة انشاء ميناء مبارك، فحرب المفاعلات في صالح العراق نتيجة لطبيعة جغرافيا المنطقة.
وربما يتذكر كثيرون ان اسعار اقنعة الوقاية من الغازات السامة ارتفعت الى ارقام قياسية في مدن الكويت بداية 2003 لمجرد تفكير المواطنين الكويتيين بأن نظام صدام قد يستخدم الغازات السامة ضد الامريكيين في العراق وبالتالي من الممكن ان تنقل الرياح الشمالية تلك الغازات من العراق الى الكويت. وبناء على تجربة تعامل دول الخليج ومنها الكويت في التعاطي في مفاعل بوشهر الايراني المقابل للكويت فأن قلقا كبيرا ينتاب حكومات الخليج من اقدام ايران على تطوير مفاعلها النووي المثير للجدل والمخاوف، مادفع الخارجية الكويتية للاعراب عن تلك المخاوف بصيغة تصريحات تكررت لاكثر من مرة معبرة عن الخشية من ان تساهم العوامل الطبيعية او الاخطاء البشرية في احداث كارثة يصل مداها الى الكويت رغم ان المفاعل الايراني يبعد 80 كيلومترا عن الكويت ، فلنتخيل مقدار مايمكن ان يثيره مفاعل عراقي شمال الكويت من "مخاوف" يمكن ان تكون ورقة ضغط عراقية اضافية خصوصا ان الكويت هي التي بدأت بالاقتراب من الحدود العراقية وكرر مسؤولوها اكثر من مرة ان الكويت تمارس حقها في السيادة على اراضيها .ونفس المبدأ يمكن ان ينطبق على العراق الذي يحق له ان يبني مصنعا او مدرسة او مفاعلا نوويا على اراضيه.
ويمكن ان يكون لمشروع المفاعل النووي العراقي مكاسب كبيرة سواء تحقق المشروع او لم يتحقق ، فأذا تم انجاز المفاعل النووي  نكون قد وفرنا جزءا مما نحتاج اليه من الكهرباء التي تشكل واحدة من اكثر المشاكل تعقيدا في العراق، بعد ان اثبتت الارقام ان ماتم انفاقه من قبل المواطن او الحكومة خلال ثمان سنوات يكفي لانشاء اكثر من عشرين مفاعلا نوويا ،كما نكون قد ساهمنا تطوير خبرات علمائنا وخبرائنا وفنيينا وكفاءاتنا ودخلنا الى عصر الذرة لنؤسس لقاعدة علمية يمكن ان تقوم عليها تطبيقات المستقبل ،كما يمكننا من وضع لبنة اولى للاستعداد لمرحلة مابعد نفاد النفط وجفاف منابعه ، واذا لم يتم انجاز المشروع فإن مجرد التلويح به سيكسبنا ورقة تفاوضية ضاغطة على الصعيد السياسي خصوصا مع دولة الكويت
 [email protected]
عن جريدة الاتحاد
 

Share |