الناموس الواقعي " الأمن مسؤوليه الجميع "/حسين الشويلي

Fri, 24 May 2013 الساعة : 0:25

< من الخطأ الشائع أن يقال " مساندة الدوله في حفظ الامن " لأن الامن مسؤوليه الشعب قبل الدوله >

تُعرف قيمه الاشياء وتقاس بالغايه التي وجدت لاجلها فما وجدت الاشياء الا وهناك غايات تنتظرها ونهايات عينيه وليست جغرافيه أي ممتده على طول الطريق نحو المُغيى . وكل عمل يمارسه أفراد الشعب أنما هو لطلب المنفعه ودفع الالم والخساره المعنويه والماديه وحتى في الجانب التعبدي طمعا في الجنه وهروبا من العذاب والجحيم المخلّد , وهنالك أستثناءات لكن قليله وتكاد تنحسر في الانبياء والائمه عليهم السلام وعدد لايعلمه الا الله تعالى من الناس , والغايه من همنا الان هو الامن فيستحق منّا كل العنايه والاستغراق في التفكير والعمل لتحصيله .
وقضيه الامن وسلامه الناس من القيم الانسانيه العليا والتي أشتركت فيها الانسانيه على أختلاف منطلقاتها الدينيه والفكريه . ولانكاد نجد مجتمع أنساني يخلو من الشعور بالمسؤوليه حيال قضيه الامن لانها تهم وجود الانسان وكرامته . وعلى أعتبار أن مسئله الامن تهم الانسان ووجوده فهي مسئله تشمل كل أفراد المجتمع والكل مطالب بعمل ما لتحقيق هذه الغايه المتعاليه , ويزداد العمل المكرز لطلب الامن كلما أرتفع منسوب الجريمه بأنواعها فهي حركه تصاعديه وأي خلل من تكاسل أو غيره في الشرط الاول يتحقق الطرف الثاني من المعادله !
والعراق البلد الذي يفتقر الى الجانب الامني وترجم هذا الافتقار الى الاعمال الارهابيه التي تضرب مدنه بأنتقائيه على خلفيه طائفيه لاجل تحقيق قانون ( تماثل النسل مع الاصل ) أي منح العمليه الارهابيه القوه على التناسل التلقائي المتشابه من حيث النوع " ولهذا يركز الارهاب على الطائفيه لانها تمتلك مقومات الاستمرار على البقاء في البلد لفترات طويله .
هنالك دول تفوقت على دول أخرى في الجانب الامني وهذا التفوق لم يكن بدعه ولا كان نتاج شخصي أو حكومي بل عمل جماعي مكثف ومعقلن ومصدره الاول كل الشعب لانه المعني الاول بالامن " حتى وصل الامر الى دوله مثل امريكا أستغنت عن " قانون المكافئه " لمن يرشد الاجهزه الامنيه بالامساك بمجرم هارب لانهم في تصريح رسمي قالوا " من المهانه أن نعطي مواطناً يعيش في هذه الارض مالا لاجل القيام بواجبه الوطني في حمايه المواطنين والدستور " لان صاحب المكافئه قد باع أنتمائه للانسانيه والوطن بالمال وهذه المثل المنخفضه لاتليق بالانسان ذالك الكائن الاجتماعي المتسلق دوما نحو الفضيله . ومن خلال تلك التجارب الانسانيه في التعاضد لاجل الكل والوطن ينبغي أن نستمد منها بعض العبر والدروس الاجتماعيه في مجال المحافظه على الامن وأنها مسؤليه الشعب أولاً " وفي حادثه ليست ببعيده في العمل الارهابي في مدينه " بوسطن الامريكيه " بيد أن كل الاجهزه الامنيه كادت أن تعلن عن هروب الارهابي ولكن سرعان ما تبدد ذالك اليأس حين قام مواطن بسيط بالاتصال بالشرطه وأعلامهم بوجود الفرد المطلوب وكان مختبأ بزورق مغطى خلف باحه المنزل وتم القبض عليه . الشعب لم يحيل الامر الى الاجهزه الامنيه بل سارع للحفاظ على أمنه وكل مواطن تحول الى باصره وسامعه الجهاز الامني دون مقابل مادي بل الدافع الانساني المجرد . والامثله عديده لكن نكتفي أن نقول أن أكثر الاعداد التي تم القبض عليها تمت من خلال الشعب والاجهزه الامنيه قامت بالقبض فقط لكن الجهد المعلوماتي مصدره الشعب المنتدب دوما لحمايه نفسه ومصالحه من الاخطار " ولهذه الثقافه الانسانيه أبعاد أمنيه وأخرى أقتصاديه غايه في الاهميه وذالك أن الشعب حين يكون على درجه عاليه من الشعور بالمسؤليه لن يكون مطمعاً للاخرين ليعبثوا بأمنه والرفاه الاقتصادي نتيجه حتميه لاتقبل التخلف للاستقرار الامني . وحادثه أخرى لكن تختلف من ناحيه الكيف " وهذه القضيه مهمه من الجهه الانسانيه وتساهم الى درجه كبيره بتحقيق المساواة الاجتماعيه وحتى الامن لان بعض الجرائم كان الدافع الفقر او الشعور بالحرمان . قبل عدّ’ أيام ضربت عاصفه مدمره منطقه في ولايه ( أكلاهوما ) قتلت مايزيد على الخمسين ودرست معالم المدينه وحولتها الى حطام . بعد يوم على الكارثه البيئيه سارعت الفرق من المتطوعيين شطر المدينه المنكوبه لغرض تقديم المساعده " من أطباء وممرضين وفتحت في كل الولايات الامريكيه محطات للتبرع بالدم للمصابين وأنشأت حملات واسعه للتبرع بكل شئ من قطع منزليه الى العاب للاطفال وحتى نوعيات من العلاج كلها تُشحن من خلال شاحنات هي الاخرى متطوعه لأيصالها للمحتاجين وكما أعلن في الاعلام في نهايه هذا الاسبوع ستعاد الحياة طبيعيه الى تلك المدينه " وكل هذا والحكومه رقيب للعمل التطوعي من قبل الشعب لابناء الشعب الاخرين .
أنها ليست دعوه الى الاكتفاء بالجمعيات الخيريه والاستغناء عن دور الحكومه في العمل الاجتماعي ! بل الى تعزيز ورفع من منسوب العمل الجماهيري التطوعي لخدمه الانسان والوطن وأن لانحيل كل شئ الى الحكومه حتى لانكون أمه طفيليه مستهلكه لاتنتج حتى الموقف الانساني " فالامن وهو من أهم القضايا الصيقه بحياة الانسان وأكثرها أهميه لان هشاشه الامن مداخل لكل جريمه جنائيه وماديه وللاجندات الغريبه الهدّامه كالحزب الوهابي المنحرف . يستوجب التعامل معها بوطنيه ومسؤوليه عاليه وأن كل شخص يتحمل هذه المسؤوليه لانها شرعاً واجب عيني وكذالك ووفق المهمات الوطنيه يعد واجب يتحمله المواطن دون أن يعدّه تفضلاً أو أنه من مسؤوليات السلطه التنفيذيه أو الدوله بأجمعها " لكن وللاسف في العراق يعيش الانسان تناقضاً في تكوينه النفسي لأنه متذمر دوماً من سوء حاله وتردي الوضع الامني وتراه دوما حالماً بالدول الاخرى معجباً بحياتها وما توصلت اليه من حياة كادت أن تكون مثاليه " وفي ذات الوقت لم نجد المواطن العراقي يستخدم نفس الطرق والانساق التي أتبعها المواطن الغربي ليصل ببلده الى هذه الدرجه المتقدمه من الرقي الاجتماعي " فعلى العكس نجده على أستمرار في تلاوم مع الحكومه حول تردي الوضع الامني ومهما كانت الدوله قويه وتحمل مقومات النجاح لكن تبقى بحاجه الى مساندة الشعب بكل طاقاته لاجهزتها الامنيه من خلال " الاخبار عن أي عمل يثير الشبهه " أو تحرك قد يكون يحمل طابع أجرامي " أو الاخبار عن فرد يعمل أو يشتبه بأنه يعمل لصالح العصابات الاجراميه " وعدم السكوت عن أي من منتسبي الدوله أن رأى المواطن من أحدهم تساهلا في العمل الامني أو تعاطيه الرشا " بالمحصله الاخبار عن أي عمل يسهل على الاجهزه الامنيه كي تمسك بمجرم كي يتحقق مفهوم الامن العام .
المواطن أياً كانت خلفيته الحزبيه أو المذهبيه يملك شعور معمّق حول هذا المثل الاعلى في تأميم مسؤوليه الامن لتكون شامله لكل أفراد المجتمع والفرد الاخر يحمل ذات الهم وهكذا " والعراق الان بحاجه الى تكوين جمعيه تطوعيه تعمل على أيقاض تلك المُثل وأطلاقها لتكون واقعا معاشاً . كي لا تتأبد فكرة أن مهمه الامن من صلاحيات الحكومه فقط وأن أرادت معيناً لها وظفت " المخبر السري " ! وهذه نزعه متهافته فكريا وأجتماعياً وهي من تراث الحكومات الماضيه السيئه لانها عملت على أيجاد هذا التوجه في عقول الناس كي يبقى المجتمع بحاجه مستمره الى الدوله لتطعمه وتكسيه وتحميه وفي مقابل ذالك وجودها الابدي في السلطه فكأنه عقد بين الحكومه والشعب !
ومفهوم مسؤوليه الشعب في حمايه حكومتها يمنح الشعب قوه فوق مكانه الحكومه وهنا يتحقق مضمون " الديقراطيه الحقّه " وتدخل الشعب بحمايه نظامه السياسي والاقتصادي والامني يجعل من مجموع الشعب قوه فاعله قادره واثقه بنفسها مشاركه في بناء الدوله عملياً . وهذه ليست مفاهيم وأفكار مثاليه لامضمون لها ووجود عقلي فقط بل ترجمت الى أفعال واعيه في الغرب وتعد اليوم من أوضح معالمهم الاجتماعيه .
والاشكاليه التكراريه حول أن الحكومات الغربيه منحت الرفاه والحريه لشعوبها فتاثرت الشعوب بتلك الاخلاقيات فأنعكست الى ممارسات من قبيل ماذكرنا من التكافل الاجتماعي والمحافظه على الامن العام " الانسان العربي والعراقي بالتحديد واقع في هذا الجدل والتناقض منذ زمن بعيد والحقيقه أن مهمه الحكومات فقط منحت حق تدخل الشعب بحمايه أمنه العام واقتصاده وما الحكومه الا جهد ثانوي مساند للجهد الاول لكن طغى الدور الحكومي لانه مبرمج ومبوب ومحدد بشخصيات وهيئات عكس الشعب فهو نشاط جماهيري عفوي ليس له جهه ولا شخصيه محدده ولهذا طغى الجانب الحكومي شهرةً على الجانب الجماهيري . والحكومه العراقيه والدستور منح الحق لتدخل الشعب بحمايه أمنه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من المسيئيين وفق الانساق القانونيه والدستوريه كي لايتحول أمن الوطن الى مبرر لانتاج الفوضى .

Share |