العجيب في ثورات الربيع العربي/طاهر مسلم البكاء

Thu, 23 May 2013 الساعة : 1:35

قيل وسيقال، الكثير عن هذه الثورات وانها في شكلها العام أعجوبة من نواح عديدة ،في الإطاحة بأعتى دكتاتوريات تحكمت بشعوب هذه البلدان ،
وكون هذه الإطاحة جاءت بطريقة الثورات الجماهيرية المتشابهة وليست بأنقلابات عسكرية كما هي العادة في هذه البلدان ، وهي عجيبة أيضا" في تواليها السريع ، الواحدة بعد الاخرى ، كالسلسلة المترابطة ،وان حصولها اقتصر على العالم العربي، ومع ان شعوب المنطقة قد تعاطفت معها ، غير أن هناك خوفا" مبررا" ،فهي حتى وان كانت عفوية ، فأنها لن تخلو من شباك المتصيدين ، أولئك الذين يريدون أستمرار مصالحهم كما كانت ، وهذا لن يتوفر الاّ باستبدال الديكتاتور الذي ثار عليه شعبه ، بعميل جديد يرتدي قناعا" جديدا" مزوقا" بالشعارات الجماهيرية المطروحة في ساحة الثورة .
أن ما يسهل لهم الأمر امتلاكهم الإمكانيات المادية والمعلوماتية ..وغيرها وبالتالي التغلغل داخل هذه الثورات وسحبها بالأتجاه الذي يرغبون فيه ، ومما يساعد على ذلك خلو الساحة الدولية من الأتجاه الأخر الذي يساند الثوار ويؤخذ بأيديهم ليتجاوزوا مرحلة الثورة والوصول بالبلاد الى بر الأمان ،بدون مصالح آنية ضيقة .
لقد دأبت أمريكا وحلفاءها الغربيون على تحقيق هدف أعطته الأولوية ،حتى ولو تفوق على مصالح شعوبها وهو تثبيت أركان دويلة إسرائيل في فلسطين وجعلها مقبولة في ذهنية الموج المتلاطم من المسلمين الذي يحيطها ، ولكنهم لوتصفحوا صحائف عشرات السنين التي مضت ، منذ إغتصاب فلسطين ولحد اليوم ، وتفرسوا جيدا" بما صرفوه من جهود سياسية وعسكرية وبحثية ومن أموال وغير ذلك من إمكانات في سبيل تحقيق هذا الهدف ، سيجدون ان هذا الهدف لايمكن تحقيقه في ذهنية المسلم الذي يغادر بيته في مسيرة ألف كيلو متر مشيا" على الأقدام ،وسط مختلف الظروف الأمنية والجوية والبيئية ،قاصدا" زيارة الحسين بن علي رمز التضحية والبطولة والشهادة في سبيل المبادئ الأسلامية .
أن دراسة ثورة الحسين ستريهم جانب آخرمهم هو أن محاولة الطغاة والدول المارقة ،خلال 1400 سنة مضت لمحو أثار هذه الثورة أو على الأقل تشويه المبادئ التي أنطلقت من اجلها ، لم تفلح أذ أن امرها الى زيادة ،أذ كلما حاولوا اخفاءها ازدادت وهجا" ،كالشمس كلما حجبها الغيم أزدادت الحاجة إليها .
وعندما نعود الى واقعنا القريب نجد ان الأمة قد خنعت وأستسلمت بملوكها ورؤسائها ولم يكن هناك بصيص امل لولا صمود المقاومين في جنوب لبنان من أبطال حزب اللة والمقاومين الفلسطينين في غزة والذين اهتدوا بثورة الحسين لتحطيم اخلاقية الهزيمة التي عاشتها وتعيشها الأمة الأسلامية بسبب حكامها .

القنوات الفضائية الموجهة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت القنوات الموجه والمدعومة صهيونيا" ، تدخل بقوة لنقل وقائع الثورة ،وكانت تقدم نفسها وكأنها الأقرب الى الثوار لحصول الأطمئنان ،ولكنها في حقيقة الأمور تهيأ لأجندات خطيرة ،وتقوم بتقديم وابراز شخصيات مغمورة وكأنها هي المحركة وهي التي تقود وتأجج الثورة ، لأضاعة فرصة بروز قائد حقيقي يمكن أن يبرز لقيادة الجموع ، مما يؤدي الى تفرع الأتجاهات وتشتت الثورة ومن ثم أمتصاص خطرها على المصالح الغربية والصهيونية ،وقد كانت تركز جهود جبارة لأمتصاص الثورة المصرية بالذات ،وقد صرح قادة الصهاينة وبالمكشوف أن أشد ما يخشونه هو تكرار التجربة الأيرانية في مصر ، وهذا يتأتى من بروز قيادة يلتف حولها الشعب المصري ،فيصبح من الصعب توجيه الثورة واحتواءها ،وهذا ما فعلوه في العراق أيضا" ، حيث عملوا على تشظي الأتجاهات وتعددها ،وأفساد ما موجود منها بالثراء الفاحش وغيرها من المغريات ،وأثاروا النعرات الدينية والطائفية ، وهكذا عمل القتل والذبح في الشعب العراقي منذ عام 2003 ولحد اليوم في صور عصابات تكفيرية تفجر الأبرياء في الأماكن العامة وأماكن العبادة والأسواق ودور السكن وغيرها بأتجاه الحرب الطائفية .
لقد شهدنا ، في الذكرى السنوية الأولى للثورة الشعبية المصرية ،أن الجماهير لاتزال تشعر أن الثورة لم تحقق أهدافها بعد ،على الرغم من تنحية مبارك،وسمعنا الكثير من أقوال المصريين في هذا الأتجاه وننقل ما قاله رئيس حزب الغد والمرشح للرئاسة المصرية ، أيمن نور ، في لقاء معه أجرته احدى الفضائيات الأمريكية :
( لقد قلت في تصريح سابق ان الأنسحاب من ميدان التحرير كان خطأ وأود ان أصحح اليوم فاقول أن الأنسحاب لم يكن خطأ فقط بل كان خطيئة ) .
وأن دل هذا على شئ فأنما يدل على حجم محاولات الألتفاف واحتواء الثورة ، وأن ماجرى من أحداث بعد ذلك راح فيها مئات الضحايا من المصريين المسالمين ،كأحداث ملعب كرة القدم او حرق بعض مؤسسات الدولة او المواجهات الضارية بين الثوار والسلطة العسكرية ... ان دلت على شئ فأنما تدل على عمق المؤامرات المدعومة خارجيا" التي تحاك ضد الشعب المصري وثورته الأصلية الجبارة .
 

Share |