حزب الدعوة إلتفاتة تقييم ومراجعة/محسن وهيب عبد
Thu, 23 May 2013 الساعة : 0:42

بعد الهزيمة النكراء التي مني بها حزب الدعوة في الانتخابات المحلية، يتحتم ان يقف الدعاة وقفة تقييم ومراجعة لتشخيص الخلل ومراجعة مسيرة الحزب خلال العشرة سنوات السالفة، منذ سقوط الصنم ولحد الآن.
قد يبدو الابن الأخرق الذي ورث الكثير من الأرصدة عن أبيه العبقري المبدع، نعم يبدو وكأنه مؤهلا لتنمية تلك الأرصدة وقيادة المشاريع التي ورثها عن الأب العظيم إلى مزيد من النمو والتكامل، الا ان سرعان ما يظهر خرقه، و تبدو حقائق عجزه وقصوره من ان يكون لائقا بمنزلة أبيه وعقليته، فالسمعة الحسنة لا تستمر الا بمثلها من الحسن في القول والفعل والصبر والمثابرة عليهما.
هكذا حصل الدعاة بعد السقوط على سمعة الدعاة الأوائل وعاشوا عليها وحصدوا أرصدتها، بعد ان همشوا من تبقى منهم، إلا ان سمعة المجد التليد لا تبني مجدا تليدا، إنما الذي يبني المجد ويعليه، هو صدق الإيمان بالله تعالى و التضحية بالقول وبالفعل من اجله، قال تعالى مخاطبا الذين تنكروا لحقائق الإيمان وموازينه :
"يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومه لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ""المائدة – 54"
وهكذا كان ورأينا ما آلت إليه حال حزب الدعوة.. وسوف تكون النتائج أكثر كارثية إذا استمرت حال الترف التي يعيشها الورثة او الوارثون للمجد في حزب الدعوة التي شطب منه الإضافة" الإسلامية" في المؤتمر الأخير.. ولا ندري لمن صارت الدعوة بعدها؟!
لست متجنيا بما أقول على إخوتي، ولكن هالني هذا الانسحاق الهائل لحزب عتيد حسبت عليه في جزء من تاريخ حياتي ونلت ما نلت بسببه، ثم" ان الدين النصيحة"، وحتى ان لم يعتبروها نصيحة بسبب نرجسيتهم او قد أكون مخطئا، ولكن على كل الأحوال أرجو من الله تعالى ان يقبل مني لأنه سبحانه وتعالى يعلم أني اقصد وجهه الكريم.
ترف الورثة يتشخص بما يلي:
1- تميزت القيادات الوارثة في حزب الدعوة، بالنرجسية، بمعنى أنهم يرون أنهم لا يخطئون، ولذا لا يقبلون نقد ولا رأي، و لا يطلبون المشورة من احد فهم؛ ورثة شرعيون ليس لأحد غيرهم أن ينافسهم، لا يقبلون أن يغيرهم انتخاب، ولا يخضعون لشورى؛ فأعضاء الشورى يختارهم النرجسيون!!.. وهناك أساليب أخرى نخجل من ذكرها من معاني النرجسية المتدنية.
2- لا تنظيم ولا تقييم ولا إعداد للدعاة بالمعنى الحركي والعقائدي.. وهذا يعني لا معنى للحزب وجودا وعقيدة وفكرا.. إلا ان يكون مثل حزب "....." مجرد كيان لا معنى للدعوة و لا وجود لدعاة حقيقيين فيه!!!! فلمن يدعون ؟وبمن يدعون؟ والى من يدعون؟
3- العلاقات الشخصية مقدمة على الكفاءة والعلمية والنزاهة والشرف والتاريخ الجهادي... ولأجل حساسية الموضوع ولكي لا يخرج الموضوع عن جوهره"النصيحة"، ولا يكون تشهيرا، فليراجع المتتبع الوضع الحالي للحزب على صعيد الأشخاص ، منهم الأشخاص؟ ومنهم أصدقائهم في القيادة تسلسلا؟.
4- اعتماد الكم بدل النوع في اختيار الدعاة مثلهم مثل البعثيين"بعثناه لكل الشعب موتوا يرجعيه"، وهذا خلاف ما اعتدناه في ثقافة و أدبيات وقواعد الدعوة الإسلامية في اعتماد النوع وليس الكم، وقد رأينا ان مرشحي حزب الدعوة في الانتخابات الأخيرة معظمهم من منتسبي 2005 وما دون، بل وقياداتها في المحافظة غالبيتهم مثل ذلك.
5- كل ثقافات حزب الدعوة وأدبياته استبدلت بأدبيات وثقافة حزب البعث من الملق وتمجيد الأشخاص والمحسوبية والعشائرية...
6- التصريحات اللا مسئولة التي تدل على غباء لأنها تضر ولا تنفع مع عدم موجب لها.. وهي كثيرة لا تحصى، مثل" نحن نأخذ مشروعيتنا من صناديق الاقتراع وليس من المرجعية"، وهذه هي النتيجة فخذوها اليوم من صناديق الاقتراع.
7- الاستلاب بالفوقية الذي هو من سمات الترف الذي يرافق الوارثين وليس من سمات الدعاة الأصليين الى الله على الإطلاق..
مثلا؛ نرى المجلس الأعلى له مواكب وله مراسم عزاء ويشاركون في مراسيم المشي والمواكب.. وهكذا تيار الصدريين، وكذا حزب الفضيلة لهم مساجد وحسينيات ومواكب يصلون بين الناس ويشاركون الناس المراسم... الا الدعاة يعتبرون المواكب من حصة الكادحين، ومجالس العزاء ومراسم الحسين عليه السلام من حصة الناس الفقراء البسطاء، وهم منظّرون وأصحاب فكر وثقافة.. وليتهم كانوا كذلك!!
8- يختصون بميزات المناصب ويحوزون التعيينات ويغالبون ويكايدون، وكأنهم من ملة أخرى، والشعب من ملة؛ تصوروا ان احد ابنا شهداء حزب الدعوة المعروفين يطلب تزكية فلا يعطى، في حين يمكن لعضو في حزب البعث ورفيق صدامي يحصل عليه لأنه قريب لأحد الوارثين او لصيق من أتباع 2005.
9- تستر قيادات الحزب من خلال وجودهم في أعلى مراكز السلطة على الفاسدين والمفسدين، مما ترك تأثيرا سيئا جدا بين أبناء الشعب، وافقد تلك القيادات السمعة الموروثة.
10- استشراء الفساد بين قيادات الحزب او الذين يتولونهم، وهذه قضية سوف تطيح ليس بالحزب فقط بل بمكتسبات العراق الديمقراطية. لأنه لا توجد أي جهود تذكر للقضاء على الفساد من طرف الحزب والمفروض ان الدعاة الى الله لو لم يكونوا مترفين او مجرد ورثة أي لو كانوا دعاة لله حقيقيين لتجندوا كلهم في القضاء على الفساد، بل أصلا لم يكن هناك فساد على الإطلاق.
ان الله تعالى يقول:" ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال""الرعد- 13".
11- ان الخطة الأمنية التي تقام الدنيا ولا تقعد بعد كل خرق امني وما أكثره؛ هي تشريع يخص النواب والائتلاف الذي يقوده حزب الدعوة مسئول في وضعها، والحكومة هي المسئول عن تطبيقها وتنفيذها لكن الذي يحصل هو تخلي المشرع عن مهامه واتهام غيره بالتقصير؟؟؟!!!
وهذا الوضع ترك كارثة أمنية كبرى في العراق تحصد أرواح الأبرياء يوميا مما يعكس شعور بالخيبة ضد الحزب الذي يتولى رئاسة الوزارة!!
هذه مجرد خاطرة سريعة سيعتبرها النرجسيون اتهاما باطلا وأن فيها تجنيا وجرأة على مقامهم الذي يضنون انه سامي، أما للذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فيعتبرونه رحمة وعون على المراجعة وضوء للتقييم. فرحم الله من أهداني عيوبي.
الله تعالى من وراء القصد وهو ولي السداد وهو نعم الغاية