عمار يقارن بين حقبتين-قصة قصيرة/عبد الامير محسن ال مغير
Sat, 18 May 2013 الساعة : 17:22

وصل عمار الدار منهكآ ظهر ذلك اليوم مع انه لم يراجع سوى دائرة واحدة لأبدال جواز سفر تالف لأبنه وتذكر كيف انه في عام 1999 وتحديدآ في شهر شباط من ذلك العام اراد السفر الى ليبيا طلبآ للعمل فدخل على مدير جوازات الكرخ لأبداء العون بتسهيل مهمته ومنحه ذلك الجواز كونه مريضآ وسأله المدير عن عمله فأجابه بأنه محامي وهل كنت موظفآ ... كنت موظفآ اداريآ واحلت على التقاعد ... وكيف انهيت خدمتك العسكرية ... ضابط احتياط مستمر وجرحت وحولت خدمتي للأدارة ... فرد عليه ذلك المدير بقوله ... عليك ان تجلب لنا موافقة وزارة الداخلية ونقابة المحامين وجامعة بغداد ووزارة الدفاع وهنا سأل عمار لم كل ذلك ... التعليمات تقول هكذا اجاب المدير وخرج عمار من غرفة المدير الى المكتب للحصول على كتاب يوجه لتلك المراجع وفاجأه ضابط يرتدي الملابس المدنية في مكتب المديرية للواردة والصادرة فسلمه كتابآ للتعبئة بوزارة الدفاع قائلآ له ان كنت تريد السفر فعلآ عليك ان لا تذكر بأنك كنت ضابط في الجيش لأن يتطلب منك الحصول على موافقة وزارة الدفاع وبمدة ستة اشهر حتى تحصل عليها الا ان عمار لم يلتفت الى ذلك واعتاد ان يكون صريحآ وصادقآ وذهب الى دائرة التعبئة لوزارة الدفاع بمنطقة الكسرة في بغداد وكان الدوام يوشك على الانتهاء ويوم الخميس من ذلك الاسبوع وعند مدخل تلك الدائرة وجد 8 ضباط يحملون رتب كبيرة بين مقدم الى عميد وعلى كتف كل واحد منهم علامة الركن ويقفون في ظل جدار تنعكس عليه اشعة الشمس واخبرهم بما يريد فأخذ احدهم الكتاب من يده وكان برتبة عقيد ركن وثبت على الكتاب وبهامش 7 نقاط وقال له نريد اكمالها لأعطائك جواب الى جوازات الكرخ بالموافقة على سفرك وكان احداها على ما يتذكر للمصرف الاسلامي فرد عليه عمار يراد لي ستة اشهر لأكمل ذلك فقال احدهم وهو برتبة عميد انت تذهب الى ليبيا ونحن نبقى هنا تحت حرارة الشمس وضع عمار الكتاب الذي ثبت عليه هامش العقيد في جيبه وعاد الى داره وهنا تذكر كلام ذلك الضابط في مكتب الصادرة والواردة في جوازات الكرخ وفي الصباح استصحب رجلآ موظفآ من معارفه وعاد الى ذلك الرجل الاشيب الذي نصحه ليخبره بما واجهه فقال له ذلك الرجل ان جلبك لموظف الى هنا وتدفع عشرة الاف دينار لكاتب العدل وتقول لضابط الجوازات اكملت الخدمة العسكرية بدفع البدل فستأخذ الجواز في اليوم التالي وهكذا تبين لعمار كيف يدفع المواطن العراقي ثمنآ باهضآ اذا كان صادقآ وجاء لمن يسمونه بكاتب العدل وهو مفوض امن جبل على سوء الادب فقط اصطف امامه العشرات من النساء والرجال وهو يصرخ بهم مع انه يعتبر كاتب عدل مزيف حيث ان تلك الصفة لا تعطى الا لمن حاز على درجة قاضي فيوقع كفيلك امامه ويستلم كاتب العدل المزيف مبلغ العشرة الاف دينار دون وصل وطبعآ مثل هذه المهمة ممكن ان ينجزها اي موظف في تلك الدائرة ويجمع ذلك المبلغ ويوزع في نهاية كل شهر لرفد رواتب الموظفين في تلك الدائرة وبمثل هذا الاسلوب وبعلم مراجع عليا طبعآ ابتدأ الاعتياد بأخذ الرشوة وكان ذلك يبرر في حينه بظروف الحصار وفعلآ رفق عمار ذلك التعهد بمعاملته وسلمها الى احدى شباكين حيث يجلس في كل منهما ضابط برتبة ملازم اول شرطة يرتدي الملابس المدنية وسأله ذلك الضابط كيف اكملت الخدمة العسكرية فأجاب عمار ... بدفع البدل ... تأتي صباح يوم غد لتأخذ الجواز كاملآ قال ذلك الضابط وفي بلدنا للأسف الشديد ان من يكون صادقآ يواجه ما كدت ان اقع به وافتقد عمار جواز سفره لأنه لم ينفذ الفكرة التي راودته بالسفر الى ليبيا فقدم طلبآ في منطقة سكناه الى قاضي التحقيق ودونت افادته وصدقت من قبل ذلك القاضي واخذ نسخه منها وسلمها الى احد ضباط الجوازات في المديرية العامة للجوازات فأخبره ذلك الضابط سوف ننشر فقدان جوازك وبأمكانك بعد مدة شهر الحصول على جواز سفر غيره وعندما قارن بين ما حصل معه عند فقدان جواز سفره مع ما واجهه عند تلف جواز سفر ابنه حيث راجع مديرية جوازات المحافظة وأبلغوه ان يجلب صك بمبلغ 25 الف دينار واصدار اضبارة جديدة ولم يستلموها بل ابلغوه عليه ان يراجع المحكمة المختصة في الكرادة لتجري التحقيق وحذره مدير دائرة الجوازات في تلك المحافظة بأن عليه ان يكون يقضآ حيث يوجد مجموعة من المحامين في باب تلك المحكمة وقد احتكروا ذلك ولا تحصل الموافقة الا لقاء دفع مبلغ (8) اوراق والا عند عدم الدفع يحرم صاحب الجواز التالف من السفر لمدة عام وهنا بدى له الامر غريبآ حيث لم فتحت تلك الاضبارة في منطقة سكناه ولماذا دفع مبلغ 25 الف دينار فراجع في صباح اليوم التالي مدير الجوازات وهو عميد في المحافظة التي يسكن فيها لعله يوجهه لما هو صحيح وهنا طلب العميد من موظف يقف في باب دائرته ليوضح كيف تتم تلك المعاملة فرد ذلك الموظف قائلآ لعمار عند دخولك باب المحكمة في الكرادة وعلى الجهة اليسرى من ذلك المدخل وفي اول مكتب على تلك الجهة صاحبه رجل طيب ينهي المعاملة بورقتين والا ما عداه فيأخذ 8 اوراق وهذا يعني ان زملائه المحامين وتلك المكاتب قد فتحت ابوابها لجمع الرشاوى وعند دخوله محكمة التحقيق في الكرادة وكان ذلك يوم 12/5/ 2013 وسأل عن اسم قاضي التحقيق لعله يعرفه بحكم قدمه في المهنة فقيل له انه السيد عماد السامرائي واراد الدخول ليهمش له القاضي على الطلب بتحويله الى المحقق فمنعه فراش السيد القاضي قائلآ انه في اجتماع ولديه تقسيم اعمال حيث يتبع السيد قاضي التحقيق الاول قضاة متعددين الا ان عمار يرى اشخاص يدخلون غرفة السيد القاضي ويخرجون منها يحملون نفس الاضبارة التي بيده واخرين جالسين صامتين وكأن الطير فوق رؤوسهم وقيل له بأن هؤلاء هم من المحافظات وكرر طلبه الا انه رأى بأن ذلك البواب لديه على ما يبدو سلطة القاضي نفسه حيث قال له في بادئ الامر اذا اردت ان تنتظر فانتظر لساعة ونصف ثم اردف ذلك البواب قائلا ان المعاملة تكمل في محكمة تحقيق منطقة السكن ثم تجلب بيد مأمور الى محكمة تحقيق الكرادة وتحول من هذه المحكمة الى محكمة الجنح لتأخذ سرى وتذكر عندها كلام من اخبروه في محافظته بأن معاملة ابدال الجواز التالف يراد لها 8 اوراق ولهذا السبب رأى الابواب موصدة بوجه المراجعين ليضطروا لدفع المبلغ واذا كانت محكمة جنح الكرادة قد اعتبرت ذات اختصاص نوعي لما ترسل الاوراق من محكمة تحقيق المنطقة الى قاضي تحقيق الكرادة حيث محكمة التحقيق ذات الاختصاص المكاني هي محكمة فقدان المستمسك فأذن اطالة هذه الحلقات هي لزيادة موارد المال التي يراد من المواطن العراقي دفعها كرشوة خصوصآ وان رجلآ يجلس امام غرفة قاضي التحقيق قال لعمار بأنه رجل امن ولا علاقة له بالموضوع كما يزعم ولكن اسر له وبكلام خافت ان 25 الف دينار تعطيها للمأمور وهنا اللتبس الامر على عمار هل 25 الف يعطيها للمأمور الذي يجلب الاوراق من محكمة تحقيق منطقة السكن الى محكمة القاضي الاول السيد عماد السامرائي او يعطيها للسيد الفراش واخذ يقارن مرة اخرى بفقدان جواز سفره والاكتفاء بتسليم الاوراق لمديرية الجوازات العامة لنشر ذلك الفقدان وتسائل لم كل هذه السلسلة وما علاقة قاضي التحقيق في الكرادة بمثل هذا الموضوع وعندما رأى زبانية يتلقفون المراجع وكأنهم زبانية جهنم في مدخل المحكمة وبمكاتب ينادي اصحابها ويتلقفون المراجع ويعطون تعليمات وتوجيهات وكل واحد منهم قد وضع قانونه في جيبه فأذن بين اصحاب تلك المكاتب وفراش السيد قاضي التحقيق في الكرادة ورجل الامن المزعوم يواجه المراجع ثلاثة اجتهادات جميعها تنطوي على هدف واحد ليضيق عليك حتى تضطر ان تدفع الرشوة 8 أوراق لأبدال ذلك الجواز ولم تكن المسألة سهلة وكيف تقدم على ذلك وانت تدفع مبلغ قرابة مليون دينار لمجرد ان تحول معاملتك من السيد قاضي التحقيق الاول الى المحقق ومن ثم الى محكمة جنح الكرادة ولما كنت لا تستطيع ان تتعامل مع جو من هذا النوع فسيلتبس عليك معرفة ما يراد منك وتختلط عليك الامور فتعود ادراجك لتقدم الطلب الى محكمة تحقيق منطقة سكناك وتعود مرة اخرى تتسائل ما الذي جرى حتى يصبح جهاز القضاء العراقي الذي عرف فيما مضى وهو نموذج في الاستقامة بين اجهزة الدولة ان يتحول للأسف الشديد الى مجاميع من متلقفي جمع الرشاوى في حين كان ولعهود مضت وكما يطلق عليه العراقيون بأمثالهم كجرف نهر عال تنكسر امامه الامواج الجارفة وعاد عمار ليدقق في ذاكرته كيف تتحول قيمنا وبهذا الشكل مفتقدة اوجه الامانة والصدق لتستثمر ضعف المواطن وقلة معرفته فتنهب ثمرة اتعابه وجهده وبهذا الشكل المعيب .