الشعب بين " الخبره والممارسه/حسين الشويلي
Sat, 18 May 2013 الساعة : 17:00

هل الشعب متجه نحو تحقيق ما كان يطالب به من فقدان الحريات والقيم وأنماط أخرى من الحقوق التي حُبست عن الشعب ومُنعت عنه من قبل " الحكم البعثي المتخلف " ؟ سؤال عائم في مدارك وضمائر المتخوفين على واقع ومستقبل العراق محاوله لاستنطاق واقعنا الاجتماعي لتحصيل الفهم الواقعي لطبيعه الممارسه الكليه للشعب وسبر ما تنطوي عليه النوايا . للعراق كشعب على أختلاف اجياله وتنوع ثقافاته تجربته مع أنظمه جاءت للسلطه بانقلابات عسكريه ومؤامرات حيكت فصولها في أقبيه " دول أخرى " فملكت السلطه والثروه دون تخويل الشعب لها بذالك فكانت انظمه غير شرعيه المنشأ " فكل ما صدر عنها هو تأصيل لوجودها وتأكيد على ديمومتها وأستمرارها " فتولد عن هذا الغزو السياسي مشاعر ناقمه رافضه من قبل مجاميع كبيره من الشعب سرعان ما جوبهت بالقمع الفوضوي والممنهج " ولكي تتخلص تلك الانظمه من معارضيها ووأد فكره ( التمرد ) عليها عمدت الى أساليب متنوعه لأشغال الجماهير وتعطيل كل فكر يتدارس الاطاحه بالنظام وتعطيل أدوات أي تحرك من خلال . أيجاد مشاغل للعقل بعيداً عن مشغل السياسه والتفكير بها وبعض الاجراءات في هذا الحقل تصفيه العقول المفكره والكفاءات الوطنيه المخلصه . قتل أو حبس من يملك القدره على التأثير على المجتمع وتحريكه بطريقه ما كي يستفرغ الشعب من وجهائه . شراء الذمم من علماء وظّفوا معرفتهم بعلوم الدين ومكانتهم الاجتماعيه لدعم توجهات الانظمه الديكتاتوريه الدمويه أو علماء من أصحاب المدارس الاجتماعيه وكتّاب كي ينظّروا لهم والمتأسلمين يسبغوا تلك النظريات بطابع " ديني " لتسويغه لدى العامه والكتاب مهمتهم تجميل كل ممارسه يقوم بها ذالك النظام مستغلين بذالك طبيعه الناس الفطريه بتصديق ( علماء الدين والاسماء العلميه المعروفه في المجتمع دون التفكير بمدى أخلاصها لشعبها وعملها العلمي ) . وجانب آخر من أساليب الانظمه التي حكمت العراق مراراً في العهود الماضيه مابعد 2003 " تتضمن أستثمار غرائز الناس الفطريه من تأمين حاجتها من مأكل ومسكن ورغبه التملك لجعلها أدوات لقمع الشعب من خلال تعمد تجويع الشعب ونشر الفقر وجعل من أولى أولويات المواطن تأمين العيش لمن يرتبط به من أفراد وبهذا سحب جهد العقل من التفكير بالحريه الى " طلب المعاش " .
النظام السياسي الغير شرعي لايرعوي عن ممارسه أي فعل لتأبيد وجوده لان همه الاوحد هو الاستحواذ على السلطه كمدخل للثروه . ومن هذا النوع من السياسه المتمرده على الطبيعه الانسانيه الغير ملوّثه نشأت الاقطاعيات الدينيه المنحرفه عن المفهوم العقيدي للاسلام " والاقطاعيه العشائريه والنقابيه وكلها نتاج لنظام لايتحلى بالوطنيه ولا بالانسانيه بل جاء ليسحق هاتين المعنيين عند الناس .
ونالت الاجيال العراقيه صنوف الذل والحرمان وختمت تلك السلالات السياسيه المهتاجه للقتل وتعذيب الانسان لارضاء خلقها السافل ورغبتها الداعره الغير منضبطه في ملك الانسان والارض بلا مسوغ شرعي أو قانوني بنظام البعث الذي لم نجد له نظير كي نجعله مقياساً له . فقد توحد " حزب البعث " بنهج شمل الاذلال والقتل والتجويع والتجهيل وسحق وجود الانسان وكرامه الوطن ومؤسساته العسكريه والاجتماعيه فكان بحق كائن دموي يعتاش على القتل وأشاعه الرذيله والفوضى . ولابد لهول وضخامه هذه الممارسه " البعثيّه " في حكم العراق أن تقابلها خبره بحجم ممارسه البعث وما ورائه من أنظمه جلبت الجهل والموت والفقر للعراق على طول مسيرته التأريخيه . لان الخبره نتيجه للمارسه فكلما أزدادت الممارسه أزدادت الخبره . وخبرتنا كشعب أن المحافظه على نظام ديمقراطي منتخب هو سبيلنا الوحيد لانّا خبرنا ماذا تعني الديكتاتوريه وحكم جاء بزي عسكري . ولا أخال أن فرد يستوحش من الديمقراطيه ولايعمل لتأصيلها وتجذيرها في الوعي الجماهيري العام كي تكون تقافه الشعب الان والاجيال الاتيه " الا الذين نبتت عقولهم وضمائرهم في مستنقعات القذر السياسي فهم عشوائيات جاءت من عقليه متخلفه دمويه لتجد لها مكانا في حاضرنا الذي لايقبل العوده الى عهود حكم القبيله والحزب الواحد .
فالاستفاده من أخطاء الماضي المتراكمه حاجه ملحّه لتطوير المستقبل وترشيد مسيره الشعب نحو بناء مجتمع متماسك تسوده ثقافه المساواه والتكافل وأحترام الحقوق والحاجات . وعلى علماء الدين الاصلاء ومفكري المجتمع وسراته مهمه تفهيم الناس أن الدول التي تنعم بالحريه وحقوق الانسان وتوزيع الثروه بالتساوي ليس قدراً ولم تأتي لضروف بيئيه طبيعيه ! بل نتاج أعمال جباره قامت بها الاجيال لرفد حياتهم بكل ما يجلب لهم حياة كريمه مطمئنه " ومن تلك الاعمال التي نحتاج اليها بألحاح لتوطيد ديمقراطيه العراق وأنمائها وفق الانساق الصحيحه هي " العمل على أحترام القوانين والانصياع لها لقولبت ممارساتنا بقالب النظام الذي هو أساس كل مجتمع متحضر " ولا نستطيع أن نتخيل مدنيه دون قانون ونظام يلزم الناس باتباعه لتحقيق مفهوم المدنيه والتحضر . أن نثق بما لدينا حتى وأن كان غيره افضل منه لكن نثق به كي نعمل على تطويره فالشئ الذي لايحضى بثقتنا يكون خارج دائره أهتمامنا ومن هذه الاشياء الصناعات المحليه لانها ستمنح الكل الرفاهيه والقوه الاقتصاديه التي تقود الى الاستقلال السياسي والامني . العمل المكرز على تطوير المنظومه الاجتماعيه التي هي مجموع ممارسات المجتمع من الاهتمام بالمواضعات ذات الاصول الرصينه المستقاه من نهج الاسلام في الحياه لانه نهج متكامل يشتمل على سبل النجاح المؤكد . الاهتمام بالمؤسسات المدنيه الغير مرتبطه بالحكومه ومؤسساتها وعادةً تكون تلك المؤسسات تطوعيه تهتم بالجانب التعليمي والخدمي وتعد تلك المؤسسات من أوضح سمات المجتمعات الغربيه ولها الطَول في تطور بلاد الغرب لانها تمنح خدماتها لشرائح متنوعه من المجتمع فتاهلهم ليكونوا عنصر منتج ثقافياً وفي أمكنه الانتاج الصناعي ولها مهام أخرى مهمه ومتعدده . حيث تجاهلت الاجيال السابقه تلك الاشياء التي لايمكن لاي دوله تريد النهوض بواقعها بالاستغناء عنها فتجاهلها كان نتيجه للسياسات المتحجره والمتخلفه فكانت النتيجه تناسل الاخطاء التي جلبت الديكتاتوريات وفي المحصله بلد منهك امنيا واقتصاديا ومنقسم على نفسه ويرفل بالفقر والجهل وثقافه العنف . خيارنا الاقرب للعقل والمنطق هو العمل على الحفاظ على العمليه السياسيه وتطويرها بالشكل الذي يضمن لنا أستمرارها . ولكل متتبع للحياه الاجتماعيه والسياسيه الان يفضي الى نتيجه بان العراق لم ينتفع من خبرته من ممارسات " البعث " التي أشبعت الشعب ذلاً وهواناً وتصدير لكافه الحقوق لاسيما " للطائفه الشيعيه " التي نالت الجزء الاعظم من تفرعن البعث ودمويته التي لاتقف عند فاصل . ومن البديهي أن الذي وقع عليه الظلم أكثر وصودرت حقوقه يكون أكثر من غيره تحمساً لعدم تكرار التجربه الاليمه . لانه يتمتع بخبره مستقاه من واقع موضوعي فنحن مطالبون بالعمل الجدي والمنتج لتوحيد الخطاب السياسي والتمسك بالمشتركات الايجابيه والتركيز عليها ومنح الحكومه ثقتنا ودعمنا ضماناً لعدم العوده الى حكم رديف لحكم البعث العفلقي المقبور .