قصة قصيرة/عقيل هاشم الزبيدي
Sat, 18 May 2013 الساعة : 1:02

السلام عليكم
غرد خارج السرب..!!
.......................
الإهداء :إلى روح الموسيقار طالب القرة غولي..!!
"ما هذه الحياة سوى بيدر أحزان تدرس عليه أغمار النفوس قبل أن تعطي غلَّتها، ولكن ويل للسنابل المتروكة خارج البيدر لأن نمل الأرض يحملها وطيور السماء تلتقطها.." (جبران خليل جبران)
كانت الذكرى أوتادا غرست بإتقان في أعماقه حراباً مسمومة تمزق قلبه وجسده، والتي حالت دون عودته إلى الأرض سوط عذاب يؤرقه فيحرمه من النوم. بصره مشدود إلى البيوت الراقدة في أحضان الجنوب ..(النصر) .. إنه يعرف كل الطرق المؤدية إليها، ويعرف شجرة التوت الهرمة المنتصبة منذ عدة عقود زمنية عند عتبة البيت فلطالما تفيأ في ظلها كلما أمضّه التعب وأرمضه الأسى..
أطلق تنهدة عميقة ارتعش من هولها جسده الواهن، وأزاح بشموخ دمعتين حارقتين همتا على صحن خده الذي حفرته السنون أخاديد عميقة..
تنحنح ابنه شوقي أكثر من مرة.. اقترب منه كثيراً.. أراد أن يحدثه لكن عيناه مشدودتان إلى تلك البيوت البعيدة التي تراءت لي كبيادق مهزومة من حصان جامح.. وقف أمامه.. كانت عيناه مغلفتين بالدموع.. أمسكته برفق، وهمست في أذنه:
ألا ترجع إلى الديار؟
فتمتم بوهن: لا .. ليس الآن.
- أرجوك ياابي..إنك تقتل نفسك حسرة وكمداً.
أخذ يهزُ رأسه وهو يرنو بعينين كامدتين
أتسمعني؟
- يا بني منذ أن زرعت في مفازة الأسى خطواتي الأولى.. منذ أن رجّت صرختي بحيرة السماء ورددت الراسيات صداها كان بيتنا هاجسي..
- لا تخف ابدا.. إن الضياء سيغمرني بعد حين أنا على ثقة من ذلك.
صمت .. وتطلع بأسى إلى عصفور يتنقل بحرية من الشجرة التي يرقد في ظلّها إلى شجرة أخرى ، فتاهت عيناه في سراب الأمل .