النصح اليهودي بين العراق وكوريا/طاهر مسلم البكاء
Wed, 15 May 2013 الساعة : 23:55

لقد كانت الستراتيجيات السابقة في المنطقة العربية ، أبان الحرب الباردة مختلفة عما هي عليه اليوم حيث كان الحليف الصهيوني ذراع أمريكا الضارب في المنطقة ولكننا شاهدنا ،بعد تفرد اميركا بالساحة الدولية ، دخول أميركا بذات نفسها في الأزمات وخاصة بعد أنهيار الأتحاد السوفيتي وتفرد أمريكا بصدارة العالم ، ولودققنا جيدا" في أحداث الماضي القريب ،فسنجد الأفكار اليهودية موجهة للألة الحربية الأميركية ،ناهيك عن بروز العديد من القادة الأميركان ذوي التوجهات والأصول اليهودية ، فليس من مصلحة الشعب الأميركي أن يعادي المسلمين وهو يعتمد النفط من البلاد العربية والأسلامية ،كما أنها سوق كبيرة للكثير من المنتجات الأميركية الصناعية ،ولكننا وجدنا أن هناك من الأميركان من يوصم الدين الأسلامي بالتطرف والأرهاب ، وأكبر الأمثلة على سماع الأميركان للنصح اليهودي هو ما أتضح جليا" في وأد ثورة العراق على نظام صدام ،والتي أعقبت حرب الخليج الأولى في العام 1991 م ، حيث أنهار النظام تحت ضربات الثوار وبدى أنه يتهيأ للرحيل عن العراق بعد سقوط اغلب المحافظات العراقية المهمة بيد الثوار، ولكن الأميركان سمحوا لنظام صدام أن يبطش بالشعب العراقي ويكر ثانية مستخدما" الجيش النظامي مدعوما" بالدبابات والسمتيات والصواريخ لوأد الثورة والبطش بشعب العراق ،فيما كانت قواتهم لاتزال داخل الأراضي العراقية (قصف حرس صدام مدينة النجف المقدسة لوحدها بخمسة وخمسون صاروخ سكود ) وقد كان موقفا" فائق الغرابة ،حيث أصبح نظام صدام بين ليلة وضحاها مرغوبا" من الأمريكان،وحليفا" لهم ضد الثوارفقد كانت الرواية أن هؤلاء الثوار هم من الخط الأسلامي المتشدد والموالي لأيران ،أذ تمكنت الدعاية اليهودية والوهابية من تصوير أيران وكأنها الخطر الذي كان يمثله الأتحادالسوفيتي سابقا" ،وكان يمكن أنذاك بقليل من الدعم للثوار أن يسقط نظام صدام ولن تحتاج أميركا الى حرب ثانية لأسقاطه ،ولكن هذا لم يكن يرضي غرور الصهاينة وأمالهم في تدمير الجيش العراقي والبنية التحتية للعراق .
بين العراق وكوريا الشمالية
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد كان محور الشر في نظرية المحور الصهيوني الأمريكي تتكون من ثلاث دول هي العراق وأيران وكوريا الشمالية ،وكان مفكروا المحور الصهيوني يدعمون بشدة البدء بضرب العراق ،وكان على رأسهم امير الظلام ريتشارد بيرل ( رئيس مجلس الدفاع في وزارة الدفاع الذي يرأسها رامسفيلد في عهد بوش الأبن ) يشدد على البدء بضرب العراق ، وينظّر على أنه فريسة منهكة حيث حرب الثمان سنوات مع ايران ثم التدميرالهائل الذي ألحقته به القوات الأمريكية والمتحالفة معها في كمين الكويت ثم حصار استمر لثلاثة عشر سنة وبالتالي فلا وجود لرد كبير وغير متوقع منه على القوات الأمريكية ،بعكس كل من ايران وكوريا الشمالية ،وبالمناسبة فأن الأخيرة أعلنت بذات نفسها للامريكان خلال المفاوضات من انها قد بدات تخصيب اليورانيوم فعليا"،ولكن الأمريكان ولنقل أنه المحور الصهيوني الذي يوجه الأدارة الأمريكية ركز على العراق ولم يعد يتكلم عن كوريا الشمالية التي اصبح لديها رادع نووي، لاسباب عديدة من اهمها :
1- الخطر الذي يمثله العراق حتى وهو جريح على الكيان الصهيوني .
2- الغنيمة المتوقعة التي يسيل لعاب الشركات الأمريكية الكبرى لها وبالتالي سهولة تمويل الغزو ووجود الحافز .
الدرس العراقي
ــــــــــــــــــــــــ
أن الدرس العراقي ،من أبلغ الدروس التي أمتدت صفحات المنازلة فيه من العام 1991ولحد الان ، لقد كان أحتلال وتدمير العراق وجيشه حلما" صهيونيا" يراود قادة صهيون ،ولم يكن هدفا" أمريكيا"بشكل الذي حصل بأي حال من الأحوال ،صحيح أن الأمريكان أوجدوا الحرب العراقية الأيرانية وعملوا على أستمرارها ولكن بأستشارة صهيونية وأن اللوبي الصهيوني هو من مهد لغزو صدام الكويت ،تحت ذريعة تقوية العراق بوجه الأطماع الأيرانية ،بينما في حقيقة الأمر أن الجيش العراقي الذي خرج للتو من المنازلة مع أيران كان جيشا" مرعبا" للصهاينة بكل الموازين ، وقد رافق هذا أن صدام لم يكن يصدق أن الأميركان سوف يستخدمون قواتهم للأجهاض عليه وعلى أحلامه المريضة .
لقد كان اليهود يمهدون لوصول النفوذ اليهودي الى عمق منطقة العراق والخليج العربي وتحجيم دور العراق في العالمين العربي والأسلامي ، وكان هناك قادة خليجيون يعلنون صراحة ان العراق يقف حائل دون كشف علاقاتهم المستورة بالصهاينة ، وفي مثل هذا الظرف ، كان الأولى بأميركا أن تتصرف كدولة عظمى راعية لمصالحها بالدرجة الأولى وكان يمكن أن تكبح جماح صدام والدسائس الصهيونية ،وهي لما تزال بعد بالمهد ،وكان بالأمكان أن لاينزف الشعبان العراقي والأ ميركي كل هذا النزيف .
أن مايدعم ماذهبنا اليه ، أن الخطوة الأولى للقوات الأميركية عند دخولها العراق في الكرة الثانية ،كانت حل الجيش العراقي ، للتخلص منه الى الأبد كما يعتقدون ،دون النظر الى أن مثل هذه الخطوة قد أخذت بالبلاد الى اللامركزية والى الصراعات الداخلية الغير مسيطر عليها ،والى ما كان يردده الأميركان من أن القوات العراقية المستحدثة غير قادرة لوحدها على فرض الأمن والنظام في البلاد وبالتالي الحاجة الى القوات الأميركية .