رسمية محيبس وكزار حنتوش ..ألشريان وألوريد/صلاح ألدبي

Mon, 13 May 2013 الساعة : 22:32

رسمية زاير محيبس ....تحسبها للوهلة ألأولى واحدة من ( بنات نَعَشْ )..وتارة أخرى عِقْد سومري يحيط بغنج برقبة شبعاد، ومرة شاهولاً يتلألأ بمسبحة كهرب..وأخرى حِرْزاً أو تميمة أو علك يطوّق معصَم صبيّ وسط أخواتٍ سبعْ!.. في أربعينيات ألقرتن ألمنصرم وألحرب ألكونية تكشّر عن أنيابها ؛ نزحَ أهلُها من ألعمارة....نحو ألبدعة مجاورين لشطّها ألخير وألبركة وألنماء..ظَفَرَ جدّها بوظيفة فلاّح في دائرة ألري وألتي يفصل بينها وبين كوخهم ألشّط..ماأن أنقضت سنوات بقدر أصابع كلتا يديها ؛ حتى أصيبت بداء ( ألشِعرْ )..وبدأ شيطانه يستفز مشاعرها وحواسها وكينونتها معا..كيف لا ؛ وهي تعيش في دارٍ تتنفسّ ألشعر برئتين تكتنزهما بوادر ألعافية وتمام ألصحة وألبخت!!..فعمّها زاير علاّوي يكاد أن يكون بشخصية ألدينية وألوقارية ومايمتلكه من هيبة في حلّهِ وترحاله أشبه مايكون بمرجعٍ ديني وفقهي لآبناء منطقته ( ألقرية ) كما تسمى ولازالت.. وألتي يعيشون في كنفها..وأبن عمها ( ملّه حسّون ) شاعر حسيني يجيد صنعة ألشعر بكل حرّفنة وأجادة وتفوق مشهود..وشقيقه ألآخر ( أستاذ حسن علاّوي ) عّشقّ ألسوفيت فكراً وعقيدةً ورؤىً حد ألنخاع...وكان يمتلك فكراً ثاقباً صقلته مكتبته ألضخمة وألتي كانت تمتلىء بنفائس ألأدب وألفكر وألفن وألسياسة وألأقتصاد وألعلوم ألصِرفة وألأنسانية وبمرجعيات شتّى شرقاً وغرباً..وكانت مكتبة ( حسن علاّوي ) معيناً لاينضب سقت منه ظمأها مراراً أثرّ فيما بعد عليها فكريا وأدبياً ومنهجاً...كل تلك ألمجسّات ألدينية وألفكرية وألثقافية قد تركت أثراً وأيّما أثر في صقل ونشأة وبروز تلك ألسيدة ( ألبدعاوية ألمبدعة!!)...وفوق كل ذلك فقد عاشت وترعرت في كنف زوجة عمّها ؛ ( زهرة ) وماأدراك مازهرة؟؟...حاتم بهيئة أنثى !...تلك ألمرأة ألدافئة وألتي كانت قبل أن تستهل أفّطارها ألرمضاني ببضعٍ من ألزاهديات أليتيمة وزورياتٍ طازجة تبتهل للعظيم ألقهّار وتدعو بالصلاة على محمد وآل محمد ثم تقرع أبواب جيرانها ألطيبين بيتاً..بيتاً.. مصحوبة بعبارة ( يمّه..تحفظكم ألزهرة أم ألحسن )....مستفسرة عن أحوالهم وصحة عوائلهم ..فرداً..فرداً..وبعد ألأطمئنان على ألجميع ..تعود ( أم ألكرم ) ألى مائدة طعامها ألمتواضعة بعد أن شبعت من رؤية صويحباتها ( ألأكديات ) وروَت ظمأها من سلامة أهل تلك ألديار ..... في دنيا ألأدب..كتبت ألعديد من ألنسّوة عن رفاق دروبهنَّ...مثل ألصحفية عبلة ألرويني عن جانباً من حياتها مع ألشاعر أمل دنقل في كتابها ألجنوبي، وألشاعرة سنية صالح عن زوجها ألشاعر محمد ألماغوط... وغيرهنَّ..ويأتي كتاب من ( نحتفي ) بها ( كزار حنتوش ...ألشعر مقابل ألحب )...كان ألكاتب نعيم عبد مهلهل دائماً مايطلق على كزار لقب ( جاك بريفر ألعراق )..وأشدّ ماأثار انتباهي في ألراحل كزار ؛ أنه كان يهدي أصدقاءه.. ألقصائد لقاء محبتهم فيقول في ذلك انه ( ألشعر مقابل ألحب!!؟)...آخر قصائده كانت قصيدة حب ألى رسمية يقول فيها / لا...رسمية بعد أليوم / لاصحو غداً..أليوم غناء تحت ألتوت / وغداً تابوت؟!/....حتى تعرّض ألى نوبة قلبية نقل على أثرها للمشفى حتى وافته ألمنية...يقول كزار عندما ذهب مع أهله وأصدقاءه لخطبة رسمية ( لقد دخل شعرها قلبي قبل أن يدخل وجهها!)...وعندما سُأل عن ألمال؛ ألذي يملكه مهرا لها أجاب ( فقط..قولوا لرسمية..أن في خزائنه لأجلها ؛ كوشراً من ألقصائد ألنبيلة وستقبل بي مباشرة!)......ختاماً أقول للراحل كزار وللتي تسكن كهوف أفّئدتنا : لم يكن كزارك هذا شاعراً فريداً فقط ؛ بل كان صياداً ماهراً عَرَفَ كيف يصطاد رسمية؛؛ ألسمجة البدعاوية ويهرب بها بأتجاه ديوانيته كي يشويها هناك على...مهلْ!!........

Share |