عـاد الـشـاعـر ، ومـا حـل ّ الـبـرهـان ! ( قـراءة فـي شـعـر حـيـدر الـحـمـدانـي )/صـبـاح حـسـن يـاسـيـن

Sat, 11 May 2013 الساعة : 22:23

( الـحـلـقـة الأولـى ) 
 أصـدر صـديـقـي الـعـزيـز الـشـاعـر حـيـدر الـحـمـدانـي ( والـمـقـيـم فـي الـولايـات الـمتـحـدة )  أولـى نـتـاجـه الـشـعـري ، والـمـوسـوم ( طـائـر الـبـرهـان ) مـن دار الـتـوحـيـد للـنـشـر والـتـوزيـع فـي الـربـاط بـالـمـغـرب بـطـبـعـتـه الأولـى ، وبـغـلاف مـن تـصـمـيـم الـفـنـان الـتـشـكـيـلـي الـعـراقـي الـمـغـتـرب ( وفـاء بـلال ) وتـقـديـم الأسـتاذة والـشـاعـرة الـكـبـيـرة ( بـلـقـيـس حـمـيـد حـسـن ) 
 ويـحـمـل فـي طـيـاتـه أفـكـارا ً غـايـة ً فـي الـعـذوبـة ، هـي مـزيـج مـن الـفـرح ، والـحـزن والـتـرقـب والإحـبـاط ، ودورات الـغـربـة الـمتـلاحـقـة بـكـل شـقـوقـهـا ومشـقــتـها مـبتـدأ بـهـا مـن مـحـلـتـه ( الـحـويـزة ) فـي سـوق الـشـيـوخ والـمـتخـمـة بـنـعـمـائـهـا ونـعـومــتـهـا ، والـمتـاخـمـة إلـى شـواطـئ الـفـرات وبـسـاتـيـنـه الـغـنـاء ، قـافـزا ً إلـى قـفـار الـصـحـراء الـهـائـجـة بـعـواصـفـهـا وغبرتـها وقسوتها ، وهـو يـنـوء ( بـثـقـل الإحـبـاط ) فـانـبـرت  خـلـجـاتـه الـنـابـعـة مـن شـغـاف قـلـبـه الـنـابـض بـشـجـن الـشـاعـر الـولـهـان  نـداءاً صـارخـا ً وهـجـيـن ! 
 فـقـد أطـلـق الـشـاعـر بـرهـانـه الـطـائـر ، قـبـل أن يـفـلـت مـن بـيـن يـديـه رحـمـة ً مـنـه عـلـى صـديـقـه اللـصـيـق يـائـسـا ً ، ومـا تـوخـيـت هـذا الـيـأس الـمـطـبـق لـدى الـشـاعـر الـثـائـر أن يتـحـول إلـى مـزيـج مـن الـوجـع اللـذيـذ والـنـشـوة الـعـابـرة ، فـهـو يـقـول فـي سـنـوات الـمـحـنـة  : 
 لـك َالـضـَجـيـج ُ لتـخـدش وجـه الـنــًـعـاس . 
ولـك الأحـلام ُ لـتـغـلـق فـم الـبـبـغـاء ، 
 أيـهـا الأخـضـر ُ فـي دمـي ، 
 امنـح لـونـك للـمـَـغـيـب ، 
 وطـيـورك للـغـنـاء ... 
لـمـصـب نــَهـر عــَـيـنـيـك تـَـَـدافـعـت ُ 
مـن دوحـة الـيــَـبـاس وأفـواه الـفـَـجـيـعـة 
 أجـمـع الـبـَـيـاض مـن الـمـسـافـات ، 
 لأرتـق ثـوب سـواحـلـك . 
وهـذا الـجـزع الـمـر الـذي لا يـسـقـى  لظامئ   ، ولا يـسـتـقـي مـن مـرارتـه الـشـاعـر الـمـنـكـفـئ ، لا بالـمـعـركـة الـتـي خـاضـهـا بـوعـيـه مـقـاتـلاً شـجـاعـا ً  ومـنـتـفـضـا ً بـدواعـي الـوعـي الـمـطـبـق  ، ولا بـالــثـأر والإيـثـار  ، ولـكـن ولأول وثـبـة وجـد نـفـسـه الـشـاعـر والـمـنـدفـع صـوب الـصـحـافـة والإعـلام مـغـروسـا ً فـي ثـنـايـاهـا ، فـمـا كـان مـنـه إلا ّ أن لا يـتـخـلـى عـن شـاعـريـتـه ، ويـدخـل الـحـرب كـعـنـتـرة ابـن شـداد ، ويـعـلـن عـن لـسـان حـالـه : 
 ولـقـد ذكـرتـك ِوالـرماح نـواهـل ُ،،، مـنـي وبـض الـهـنـد تقـطـر مـن دمـي .
وودت تـقـبـيـل الـسـيـوف ِ لأنـهـا ،،،  لمـعـت كبارق ثـغرك الـمـبـسـم .ِ 
لـقـد حـمـل حـيـدر الـحـمـدانـي أعـبــاء جـيـلـيـن مـن الانـحـطـاط الـفـكـري ، والـتـردي الـتـربـوي فـاسـتـفـاضـت قـريـحـتـه بـالـكـبـت والـكـتـمـان ، ومـا أن أنـعـتــق مـن الـعـبـوديـة والدكتاتورية الـعـمـيـاء والـمـقـيـتـة حـتـى تـحـررت أفـكـاره ، وانبثـقـت وتـبـلـورت  مـشـاعـره مـن الـقـيـود والأغـلال ، ومـا عـاد بـمـستـطـاعـه إلا ّ أن يـشـدوا ويـقـول الـشـعـر ، كـمـا أبـدع فـي طـائـر الـبـرهـان ، صـديـقـه الـذي لـم يـعـد مـعـه ، ولـكـنـي  أيـقـيـن بـأنـه سـيـعـود ولـن يـنـقـطـع هـذه الـمـرة أبـدا . 
-    تـركـت فـي قـلـبـي الـوصـايـا ،
-    وفـي حـقـيـبـتـي ريـشـك الأزرق ، 
-     إنـك تـعـلـم ُ 
-     إنـي لـم أبـتـعـد كـثـيـرا ً 
-     رغـم كـل الـمـسـافـات 
-    عـرفـت الـمـيـاه والـقـصـب 
-     وحـيـنـمـا تـمـر الـقـطـارات 
-     تـلوّ ح  بـمـنـقـارك 
-    حـيـن يـنـزل الـمـطـر تـفـرد جـنـاحـيـك 
-    وتـحـلـق جـنـاحـيـك صـوب الـسـمـاء 
-    سـأعـود يـومـا ً إليـك 
-     سـنـعـود يـومـا ً إلـى الـمـيـاه والـمـطـر . 
لـقـد تـحـقـقـت نـبـوءات  الـشـاعـر حـيـدر الـحـمـدانـي فـي الـكـثـيـر مـمـا أثـرى ، ولـكـنـه عـاد ، ولـم يـجـد طـائـره ( الـبـرهـان ) لأنـه غـادر هـو الآخـر بـعـده بـسـنـوات ،  حـيـن جـفـت الأهـوار ! 
الـحـقـيـبـة التـي حـمـلـتـُـهـا إلـى الـمـنـفـى ، 
 لـم يـكـن فـيـهـا غـيـر قـلـبـي الـكـسـيـر ، 
 وأبـجـديـة الـثـيـاب . 
.....     ....    .... 
والـتـقـيـنـا فـي الـعـاصـفـة ،
 كـانـت الـجـهـات الـزئـبـقـيـة ، 
 تـعـبـث فـيـهـا رمـال الـصـحـراء . 
 وفـي الـحـلـقـة الـقـادمـة سنـتـصـفـح ( طـائـر الـبـرهـان ) مـن ريـشـه الأزرق والأحـمـر والـبـنـفـسـجـي ، 
 حـتـى نـطـلـق الـقـول الـبـيـان بـمـا نـبـغـت بـه قـريـحـة صـديـقـي وأبـن مـديــنــي ( الـشـاعـر والإعـلامـي ) حـيـدر الـحـمـدانـي  الـذي جـعـلـنـي أثـق أكـثـر مـن ذي قـبـل بـأن الـكـثـيـر مـن  أبـنـاء هـذه الـمـديـنـة الـسـومـريـة مـاهـريـن فـي صـنـاعـة الـشـعـر ، بـمـا فـيـهـا قـطـطـهـم ( يتـمـوأن الـشـعـر )
 إنـهـا مـديـنـة تـأبـى إلا ّ أن تـكـون الأثـرى بـالـشـعـراء والأدبـاء والـمـبـدعـيـن .     
 وللـحـديـث تـكـمـلـة فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة  .      
   

 

Share |