متاهات التخلف/نعيم كرم الله الحسان
Fri, 10 May 2013 الساعة : 0:24

أعظم الدول في التاريخ هي الدول التي أنتجتها الثورات العظيمه .لأن الثوره تأتي من القاع وتنطلق الى القمه ويشارك فيها كل فئات المجتمع الثائر بالإضافه الى ذلك يكون لها آباء شرعيون ينجبونها وهم صما م أمانها ينتجون فكرها وقوانيها النابعه من الحاجه الماسه ولديهم بصيره ثاقبه بآلام شعوبهم وتطلعاته ولهذا نرى أن كل الدول العظميه بالتاريخ هي نتاج ثوره عظيمه سوى كان في التاريخ القديم أو المعاصر
فدولة الإسلام صاحبة الرؤيه الكونيه للوجود والحياة كانت نتاج ثورة الإسلام التي قادها وأسسها النبي الأكرم .ص.
ومع الفارق الدول الحديثة العظمى هي كذلك نتاج ثورات عظيمه مثل الثوره الفرنسيه والأمريكيه وغيرها
أما أسوء الدول هي الدول التي تنتجها الإنقلابات العسكريه والتي بدورها تنتج نظاما طفليا قائما على الإستلاب والسطو على السلطه ومصادرة حرية المجتمع وهذه ليس لديها فلسفة الدوله أو برنامجها وإنما تقوم على أساس الإحتفاظ بالسلطه مهما كان الثمن وهي التي توصم بالشوفنيه وتعني التضحيه بالواقع من أجل الحكم
وتعتبر المتاهه الاولى من متاهات التخلف حيث لم يكن من همها التقدم والتمدن والعلم والتعليم بالدرجه الأساس بل الاولويه للحفاظ على الحكم وإنهاك الموارد الوطنيه بالتسليح وإبتكار الأعداء والإيحاء بالعدو الخارجي والداخلي
وهناك نماذج لهذه الدول كثيرة في عالمنا اليوم أفقرت شعوبها وأغرقتها في وحول الفقر والإهمال وتدمير الذات الإنسانيه وغا لبا مايعقب إنهيارها الحروب الداخليه المزمنه وغياب معالم ومؤسسات الدوله وإرتداد المجتمع الى عوامل ماقبل ظهور مفهوم الدوله كاللجوء للقبيله أو الطائفه أو العرق
والنموذج الأغرب وهو كذلك متاهه من متاهات التخلف .الدوله التي تنتجها الإحتلالات الأجنبيه أو الهزائم العسكريه الكبرى فهذه تتسم بالفوضى والتشرذم والعوده الى ماقبل مفهوم الدوله من عوامل غادرتها الثقافه الإنسانيه مثل إعلاء مفهوم الولاء لقيم الولاءات البدائيه التي لاتنتج نظاما يؤسس لدولة المؤسسات
وغالبا ما تاتي بطبقات لديها جوع رهيب للسلطة والمال والجاه وذلك لان الجوع قد رسب في عقلها الباطن وأعماها واصبح جزءا لاشعوريا من سلوكها وغالبا ما تلجأ لتسليع المقدس فيصبح الذي لايفقه شيئا من أمور الدوله الحديثه مؤثرا بسبب ولاء فئات لجأت للإحتماء به من أجل أن يكون حارسا لمصالحها
وهناك في عصرنا الحديث نماذج تعرضت فيها مجتمعات وبلدان لهذه الحاله لكنها نهضت كالعنقاء من تحت الر ماد وتحولت الازمات العظمى والمحن الى ولادات عظيمه في التاريخ أنتجت دولا تتصدر اليوم قائمة الدول الصناعيه الكبرى مثل اليابان التي إستسلمت على يدالمارشال ماك آرثر قائد القوات الأمريكيه في الشرق الأقصى وأستطاعت تجاوز الفوضى والنهوض من الجديد لكي تتحدى وترغم أمريكا من أجل إصدار قوانين تحد من طغيان الإقتصاد الياباني
وكذلك ألمانيا وغيرها
والحق أن العامل الاهم في تجاوز تلك الدول لواقعها المرير هو وعي شعوبها وحبهم لأوطانهم والتحدي القائم على العوده لسيادة الذات الوطنيه وروح تجاوز المحنه والإيمان بقيم العداله والنهوض والتوق للتمدن
وكذلك هناك عاملا جوهريا آخر هو الإصرار على مغادرة الماضي والتطلع نحو المستقبل والإيمان بالحريه كقيمه أساسيه لبناء المجتمع وإندحار التشرذم والإدعاء بإحتكار الحقيقه والقناعه لدى القاده بالحفاظ على الامانه التي فوضها الشعب لهم من خلال نزاهة النفس وعدم خيانة المال العام وتعزيز وتقديس مبدأ القانون والمواطنه