الى عدنان طعمة..مثقفا ومبدعا/حذام اسماعيل العبادي

Wed, 8 May 2013 الساعة : 23:44

    الــى عـــدنــان طعـمــــــــة ..
كل يوم تطفو على ضفافك يا دجلة الخير حكايات قد يكون البعض يحمل لون الحزن وقد يكون الاخر بلون الفرح لكن الفرح على ضفافك معلقٌ ويحمل غصة .. لكن يبقى فينا الأمل الذي يعطينا القوة للمواصلة والعيش رغم أفرازات الوضع السياسي المريرة والذي عبثاً نحاول الهرب منها فهي مفروضةٌ علينا لا محالة ..
واليوم حكايتي من الشطرة حكاية المتعبين من أهلي وناسي في الناصرية حيث تفوح رائحة الأدب و الثقافه تلك المنطقة الولادة للأحساس العالي وتدفق الكلمة الصادقة وشعرها المميز بنكهة المنطقة البسيطة بأهلها وأزقتها وبيوتها ومن هذه الحكايات حكاية الصديق العزيز والأعلامي الجريء صاحب القلم المميز الأستاذ عدنان طعمة .. عدنان الشطري الذي بادر بنشر أعلان على صفحته في (الفيس بوك ) معلن قدوم الطبيب الجراح التركي (أونرأوغلو) أختصاص العظام والفقرات الى مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية ومستشفى الشطرة العام بعمل أنساني لمعالجة أهلنا من الذين لا يملكون ثمن العلاج لأنفسهم رغم دبيب المرض المهلك لأجسادهم التي نخرتها هموم الأيام وأوجاع الزمن الصعب الذي نقلب صفحاته ..
ونقل لي زميلي الاعلامي الموقف الذي شاهده حيث جند نفسه مع صديقه الدكتور طبيب الأطفال (قاسم سعود سلمان) الذي أغلق عيادته لأكثر من خمسة أيام -علماً ان عيادته من عيادات الحجز المسبق لكثرة المرتادين اليه من المرضى- ليرافقوا الطبيب التركي وينظموا العمل له ليحقق النتائج المرجوه وهنا أريد ان أنوه ان الدكتور قاسم سبق ان أجريت له عملية جراحية في احد مستشفيات أسطنبول التركية حيث كان يعاني من الأنزلاق الغضروفي في العمود الفقري على يد البروفسر الدكتور التركي (أونر أوغلوا) وقد كلفته مبلغاً ضخماً إلا أنها تمخضت بالنجاح والسلامة وقد ولدت هذه العملية الجراحية علاقة طيبة وحميمية و أنسانية بينهما مما جعله ينفذ طلبه بالسفر والقدوم للعراق ومعالجة منكوبي هذا النوع من الامراض .
وفي مستشفى الشطرة العام حدثني الأخ العزيز عدنان عن عمق المأساة وحجمها المذهل حيث توافد المرضى من كل صوب ملؤا باحة المكان والممرات والغرف حيث موثق العدد على مستوى المحافظة بأكثر من (900) مريض منهم (600) ممن يحتاجون الى عمليات جراحية ونُقِـلَ هذا الأمر الى مدير عام صحة ذي قار الدكتور (سعد الماجد) فكان القرار المسؤول الذي أتخذه عارضاً الطابق الثاني من مستشفى الحسين التعليمي والمزود بجميع المستلزمات الطبية والصحية المطلوبة والذي تم الأتفاق بمفاتحة الجهات المسؤولة بتوفير بعض الأجهزة الضرورية والغير متوفرة وترتيب الوضع القانوني له في وزارة الصحة و وزارة الخارجية وخلال مدة شهر بعون الله ستصل بقية الأجهزة ليتمكن الطبيب التركي بعد شهرين من ان يباشر بأجراء العمليات الجراحية تباعاً وستكون مجاناً .
وحين رأيت وأحسست عمق حزن صاحبي الأعلامي عدنان لحال الفقراء من أهل ديرته والعاجزين عن معالجة انفسهم وآلمه الأشد من عدم ألتفاتة الحكومة لمثل هؤلاء المتعبين .. فما عساي أن أفعل لأخفف عنه وعن كل عراقي يتألم ويتوجع من مرضٍ عافاهم الله فأنا لا أملك غير قلمي وحبرٌ أنفضهُ على أوراقي ٍلكنهُ يخطُ مشاعري بصدق فقلتُ لهُ والأسى يمزقُ أوصالي : (عزيزي الأستاذ عدنان طعمة .. رغم كل ما نعاني من جوع و فقر و كسرة الخاطر و رغم كل ما يلم بنا من إلم و وجع و جروح .. و خيبة أمل من الحكومات المتوالية علينا وعلى مَرّ التاريخ والتي بُلينا بها وما تمخض عنها من مصائب تجرعنا ولا زلنا نتجرع مرارتها على مضض .. إلا ترى معي رغم وجوهنا الكالحة المتعَبة وأجسادنا المتهرئة من هم الزمن الذي لم ينصفنا.. إلا إننا نحمل بين الضلوع قلباً ينبض بحب العراق والعراقيين .. وبأمكاننا ان نمد يدّ العون للمتعبين و المحتاجين رغم إمكانيتنا الضعيفة فليس غريب لعراقي مثل الدكتور قاسم سعود و الدكتور سعد الماجد ومثلك ايها الأعلامي الشريف تملكون ذات الغيرة والحميه على ابناء جلدتكم لتهرعون والأسى يملؤ وجدانكم وأنتم ترون هذا الكم الهائل من المرض والفقر والجوع والحاجة كيف تمكنت من الفرد البسيط الذي لا يقوى على علاج نفسه من أخواننا وأهلنا ولأي حد وصل بنا البلاء ...إلم يبكي فؤادك دماً قبل سيل دموع العين لصعوبة المشهد ... وهنا تحضرني ابيات للشريف الرضي يقول فيها : ( يا نفسُ من همٍ الى همةٍ .... فليسَ من عبئ الأذى مستراح ..أما آن للقلب الذي كدهُ .... طول مناجاة المنى ان يُراح ) ....بوركتم وبوركت جهودكم بمثلكم نبني الأوطان ونعلي الهمم ..).
و والله و الله ما دام فينا من العراقيين الطيبين أمثال عدنان وقاسم وسعد لن يكون لنا إلا مستقبلٌ أبيض .. ولن تطفو على ضفاف دجلة غير قصص الشهامة والبطولة بكل ملامحها الجميلة .. قلبي معكم .. أختكم المربية والكاتبة والأعلامية حذام اسماعيل العبادي .

Share |