سياسات تركيا الخارجية وتأثيراتها العكسية/كاظم الحميدي

Tue, 7 May 2013 الساعة : 23:41

دعم انقرة للمعارضين لنظام بشار الاسد في سوريا هي من اكبر المغامرات الخطيرة في السياسة الخارجية التركية المعاصرة.

عاشت الدولة التركية الحديثة منذ نشأتها من رماد الامبراطورية العثمانية في عام 1923 في عزلة، ولأول مرة في تاريخها ومنذ سنتان نصبت نفسها كداعم رئيس للقوات المعارضة لنظام الاسد محاولة تغييره كما قبلها بدأت بالتدخل مباشرة في العراق بدعم الحركة الانفصالية في كردستان العراق و قوى معارضة في المناطق الغربية.

وما يظهر للمراقبين للوضع العام ان سياسة تركيا في الدعم المباشر للمعارضة السورية يمكن ان تكلفها الكثير فيما تلعب دور الشرطي في المنطقة وتحاول اعادة امجاد الامبراطورية العثمانية، وخروج الامور عن المسارات المخطط لها والفوضى العارمة في داخل الاراضي السورية اصبح خطرا فعليا يهدد وجود تركيا وانتقال العدوى لها.

فلأول مرة تركيا مهددة بخطر انتقال الصراع الطائفي والمذهبي بين السنة والعلويين الذين هم من اصول عربية الى اراضيها، حيث ان الاراضي التركية المتاخمة لسوريا تضم الكثير منهم والذين يعتبرون مواطنين أتراك وهذا سوف يشعل شرارة لنار لا تستطيع تركيا ان تطفئها.

هذا الصراع والحرب الاهلية في بلد مجاور والذي من المتوقع ان يستمر حتى وان انتصر احد الطرفين انتصارا عسكريا، سوف يهدد الصورة التي بنيت عليها تركيا كبلد مستقر ومفتوح للاستثمارات الأجنبية، والتي روجت لها بشدة في العقد الاخير مما اوصلها الي مصاف اكثر الدول النامية في المنطقة اذا لم يكن العالم.

لقد استفادت تركيا مما يسمى الربيع العربي حيث لجأت اليها رؤوس الاموال والاستثمارات الاجنبية التي كانت تستهدف السوق العربية، كما استفادت من الاموال العربية التي هربت من بلدانها جراء عدم الاستقرار السياسي، حيث تشير المصادر ان 40 مليار دولار من الاستثمارات الاجنبية دخلت الى السوق التركية فقط في عام 2012.

التهديد بفقدان كل هذا يزداد عندما اتهم الغرب وتركيا النظام السوري باستعمال الاسلحة الكيماوية ضد المعارضة، بينما صرحت المحققة الدولية في محكمو جرائم الحرب الدولية كارلا ديل بونتي وهي عضو حالي في لجنة التحقيق التي شكلتها الامم المتحدة للتحقيق في موضوع استخدام الاسلحة الكيمياوية في سوريا، اكدت استخدام هذه الاسلحة في سوريا من قبل الارهابيين وليس من قبل الحكومة السورية.

وللقاري تصور ما يمكن ان يعني ذلك مستقبلا، ان انتشار تنظيمات ارهابية و اسلحة كيماوية على حدود تتجاوز 820 كيلومتر بين سوريا وتركيا يعني كارثة على الامن القومي التركي، وخصوصا مع ضعف حكومة بشار الاسد وفقدانها السيطرة على مساحات كبيرة من البلاد.

تركيا أخطأت في الكثير من قرارات سياساتها الخارجية في السنوات القليلة الماضية ويجب عليها اعادة حساباتها بما يضمن استقرار المنطقة سياسيا و اقتصاديا، لأنه بالتالي سوف يعود عليها وعلى بلدان الجوار بالنفع وعدم المخاطرة بفقدان مكتسباتها الاقتصادية.

Share |