لنعود الى منابع ديننا الصافية/طاهر مسلم البكاء
Wed, 1 May 2013 الساعة : 0:14

في خضم المجاذبات التي تحصل اليوم في العراق نتمنى من كل عراقي ان يستمع الى صوت العقل ويعود الى أصول ديننا الصافية الأصيلة
الإسلام دين السلام والمحبة ، جاء الرسول محمد إلى واد غير ذي زرع ، وقوم أمييون يعبدون الأصنام ،ومتوحشون يغزو بعضهم بعضا" ، ولم يكن يصيبهم أي تنوير مما لدى الإمبراطوريات المحيطة بهم ، كفارس والروم .
و قد غير الإسلام حياتهم ، وحول هؤلاء الأقوام إلى مجاهدين دعاة حق وسلام ،ونشر في قلوبهم مبادئ عظيمة هي مبادئ دين الإسلام الحنيف ،خاتم الأديان السماوية ،فحملوها إلى البشرية جمعاء بطرق شتى، فالبلاد التي فتحت بالسيف لم يكن للفاتحين القدرة على امتلاك قلوب أهلها لولا سماحة الدين الجديد ومبادئه السمحاء :
{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ .{ 125 النحل}
،وهناك بلاد أخرى دخلها الإسلام لم تصلها رايات الجيوش الأسلامية ، فأكبر دولة أسلامية من حيث عدد السكان اليوم هي اندونيسيا ، لم يدخلها المحاربون المسلمون .
واليوم يصل عدد المسلمون إلى أكثر من مليار ،وهو يتصاعد بشكل كبير بتطور وسائل الاتصال والتنوير الذي يحصل بشكل متسارع ، وأن هذا التصاعد هو من أكبر أسباب هذه الهجمة التي نراها اليوم على الإسلام ، ومحاولة تشويهه ، وخاصة لدى الشعوب التي لم يبلغها نور الإسلام بعد .
لقد حاول البعض إلصاق تهم الإرهاب والتطرف بالدين الإسلامي ، وبدأ الإنسان المسلم يعاني من المضايقة في منافذ ومطارات تلك الجهات، كما بدأ المسلمون الذين يعيشون في تلك البلاد يلاقون بعض المعانات ، فأصحاب هذه الحملات الشرسة هم من يمتلكون وسائل الإعلام المهمة ويؤثرون في مراكز القرار في أغلب الدول الغربية وأميركا .
ونود في هذه الأسطر أن نبين أن الدين الإسلامي هو دين السلام والهداية والرحمة الذي خاطب الناس جميعا" ، أينما كانوا ، قبل ألف وأربعمائة سنة :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .{ الحجرات 13 } .
وأن المسلمين في عصرنا الحالي تعرضوا إلى الاحتلال المباشر والغير مباشر ،وواجهوا أعتى عدوان أستيطاني عنصري ، واستغلت ثرواتهم الهائلة ،التي أنطلقت أكبر احتياطيات الطاقة فيها ، ببركات محمد ودينه الحنيف ، في ذات الصحراء النجدية التي شع فيها الإسلام إلى العالم، أستغلت لتأخير المسلمين والبطش بهم وتشويه دينهم وسمعتهم .
لم يزد عدد المسلمين طيلة الثلاثة عشر سنة التي أمضاها رسول اللة في مكة ، عن بضع مئات ،ولكن السنوات التسع التي أمضاها في المدينة بعد الهجرة ،كانت هي سنوات الانطلاق للدعوة ،حيث دخل الناس في الدين الحنيف أفواجا.
لقد كانت الهجرة ،فاصلة بين مرحلة الصبر وتحمل الاذى بكافة أنواعه الذي واجه الرسول محمد (ص)،الى مرحلة أخرى هي مرحلة أستخدام السلاح ومواجهة طغاة ذلك العصر، ومن مرحلة كانت الدعوة الاسلامية مقيدة في مكة تدافع فيها عن النفس ، الى مرحلة متقدمة حيث نشأت قاعدة أنطلاق الدين الحنيف عبر كون ذلك الزمان ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الحج ) .
وكأن الرسول الكريم لم يكن قد تخطى تلك المسافة البسيطة بين مكة والمدينة ( تقرب من 400 كيلومتر) ، بل أنه تخطى كل حواجز الجغرافية على الارض ،ناشرا" أريج الرسالة عبر أثير الكون ليشمل أعظم أمبراطوريات ذلك العهد ،رغم وسائل الاتصال البدائية والمسافات الشاسعة .
لقد كان (ص)يدرك أن العمر قصير وأن المهمة الموكلة عظيمة ،فكانت هذه السنوات لاتقاس بعمر الزمن ،وكان نتاجها لايمكن قياسه بالمعايير البشرية فقد عمّت الارض شرائع ونظم ،هي خاتمة الرسالات المنزلة.
ولقد تخلل الدين الجديد نفوس معتنقيه وسار في العروق ، فأعطى زخما" جديدا" وأهدافا" عظيمة لأولئك الوثنين الذين كان كل فخارهم أن يغزو بعضهم البعض الاخر فينهب ويسلب ثم يمتدح فعله ذلك بالشعر الرائج في ذلك الزمان ، فأذا هم اليوم، مع رسول اللة، يتجهون بأبصارهم الى السماء ينتظرون نزول كلام اللة ليستبشروا بالاقتداء به وينذرون النفس والمال وأعز ما يملكون لأعلاء شأن الرسالة الجديدة وقائدها المسدد من اللة ،فهانت لديهم الصعاب وذلت أمامهم أعتى قلاع التجبر والكفرفي ذلك الزمان ، مثل وثنية مكة وأمبراطوريات فارس وروما .
وكان لليهود ، بما عرف عن تاريخهم من حقد وغدر وأطماع ، دور في مواجهة الدين الناشئ والدولة التي بدأت طلائعها تبدو لكل ذي بصيرة ،فبدأحقدهم ودسائسهم منذ اليوم الأول الذي أستقبل فيه أهالي يثرب رسول اللة بما يليق به من أستقبال ،فناصبوا الدين الحنيف ورسول اللة العداء وكان( ص) يقرأ ما يدور في أذهانهم ، فثبت العلاقة معهم بمعاهدات سرعان ما تجاوزوا عليها وتناسوا ما أتفقوا فيه مع الرسول( ص) وخاصة تحالفهم سرا" مع المشركين ضد المسلمين وهكذا قرر الرسول الكريم اقتلاعهم (بمختلف طوائفهم )من المدينة كلها ،والى اليوم مع الاسف لايزال هناك من العرب ، من يصدق أن لليهود ذمة وعهد فيقيمون معهم معاهدات السلام ،والتي سرعان ما ينقضونها وفق مصالحهم وأهوائهم .
لانستطيع أن نصف محمدا" ولكننا نقول أنه ذلك الشخص الذي دخل قلوبنا وتخلل عروقنا ،فهو الحبيب الذي فرض حبه دون أن نراه،و هو المحاسن والعلم والأخلاق كلها ،كفى فخرا" أن رب العرش مادحه من بين العالمينا ،فأي فخر و العلي القديريقول : ({وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ) القلم / 4 . و({ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)}) [الأحزاب : 45 - 46] . و ({إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } )[الأحزاب : 56] .
هو دعوة أبراهيم وبشارة موسى :
( {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }) [البقرة : 129] .
وهو وصية عيسى وهو خاتم الأنبياءوالمرسلين :
({وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ }) [الصف : 6]
لقد كان محمدا" بشارة الأنبياء ومنتظر الرسل ، و هو المعجز الإلهي المكمل للقرآن ، فما كان لبشر حتى لو مارس أرقى التعاليم الدنيوية وتخرج من ارقى ما معروف في زمانه من مدارس ، لما تمكن ان ينزه نفسه مما أحاط به من غرائز و ممارسات جاهلية وخرافات ذلك العصر، ولكن أن هو إلاّ وحي يوحى ورسول من الله لاتأخذه بالحق لومة لائم .
وكما ان المشركون الأوائل لم يدركوا وأبوا ان يصدقوا ما كان يراه سيد البشرية وقائدها وهو يرنو الى الكون من وهاد مكة،حيث كان يرى عروش كسرى وقيصر وهي تتهاوى أمام ناظريه و الإسلام العظيم يشق عنان السماء، فان مشركي اليوم وعلى رأسهم اليهودالصهاينة يعيشون أعلى درجات الأنهزام الفكري حاليا"،وهم يجدون أنفسهم غير قادرين على وقف أنتشار الأسلام حتى في صرحهم العتيد أمريكا ،وألاّ بماذا نفسر ما يحصل كيف بالله يقوم دعاة الفكر والحرية الثقافية بحرق كتاب ( المصحف الشريف )،فهل الحرية الفكرية تعني الأساءة ام المناضرة إن كانوا قادرين، أن هذا يعني الأنهزام الفكري .
واليوم بعد ان ظل البعض الطريق وأصبحوا أدوات وملعبا" للآخرين من أعداء الأسلام ، فتمادوا في الفرقة وتعميق الخلافات المذهبية وفككوا الوحدة الأسلامية كمايتمنى الأعداء وأصبحت سيوفنا تعمل في بعضنا البعض.
نحن بأمس الحاجة لأستحضار الرسالة المحمدية ،والتي نتخذها دينا" وشرائع ونتناساها سيرة وتطبيقا" في أمورنا الحياتية والاجتماعية والسياسية ،كما نجد من بيننا من يخرج باحثا" عن افكار قادمة من الشرق أو الغرب ، جاهلا" أو متناسيا" أن الرسالة المحمدية التي ابتدأت برجل واحد هو رسولنا الكريم ،أصبحت اليوم مذهبا" لأكثر من ثلث سكان العالم وأن نور الإسلام في اتساع رغم كيد الكائدين ، وأن أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان اليوم هو ليس ببلد عربي .
وأصبحنا نسمع بين الفينة والفينة عن بعض الجهلة المجندين من قبل الجهات التي أصبح نور الاسلام العظيم يقض مضاجعها ويؤرقها ، حفدة خيبر وبني النضير ومن تلفع برداءهم ، يرتكبون حماقات في النيل من قدس رسولنا الكريم وأن ما يدفعهم الى هذا التجاوز هو شعورهم بالنقص مما آل اليه دين محمد ،وعجزهم المدقع عن مجاراته بالطرق الحضارية ، فقد وجدوا أن ما يملكون ، وكل ما كادوا ويكيدون به ،قاصر أمام الإسلام العظيم ونوره الذي ينتشر في أرجاء الأرض بسرعة البرق برغم مايملكون من إعلام مظلل وبرغم مايبذلون من اموال ،أنه الأنهزام الفكري لأعداء الأسلام ولكن مع الأسف هناك اليوم من هم محسوبون على الأسلام ولكنهم يسددون الى الوحدة الأسلامية والدين الحنيف ما يريح صدور الأعداء،لقد عاش المسلمون طيلة الاف السنين وهم امةواحدة لايفرقها الأختلاف الفكري والذي هو نعمة من نعم الله حيث يظلل الجميع دين الأسلام الحنيف فكل مذهب من المذاهب الأسلامية يجب ان يتعايش مع المذاهب الأخرى من خلال الثوابت العظيمة التي توحدهم وعدم الأستجابة لما يوجده الأعداء من فجوات فكرية مستغلين افق الفقه الأسلامي الواسع كدين منزل لجميع البشر ، للنيل من وحدة المسلمين وبدلا" من ان يكونوا صفا واحدا" مرصوص البنيان اتجاه اعداء الأسلام ، نجدهم بفضل دسائس الآخرين ينال بعضهم من البعض الآخر ، ولكن ..بمشيئة الله يعود كيد الكائدين الى نحورهم ..
{إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران : 120]..