"الحناية "/احمد محسن السعداوي

Tue, 30 Apr 2013 الساعة : 23:59

من الامور التي أؤمن بها هي افضل ما خلق الله تعالى في هذا الكون الفسيح الواسع هو عقل الانسان . وان أي من الامم استغلت وعرفت ذاك الشئ " العقل" وجعلته محور حياتها وطورته واعطته مايستحق .. ام تبقى في مكانها تراوح لا بل وطأت القمر والكواكب وغزت الكون الفسيح .. لذلك دائما ارغب بالاشارة الى الامور دون تفصيل واكتب لكم عن "الحناية" العراقية ربطا بواقع سياسي نعيشه وله من الاثر على نفوسنا من باب السلب لا الايجاب......"الحنّاية" في اللهجة العراقية تعني رغيف خبز صغير تعده الأم لأطفالها الصغار. و "أبو حناية"ّ حكاية كنت اسمعها من امي تشرح لنا بها مثلا عراقيا مشهورا، خاصة بالجنوب، يقول: "مثل ابو حنّاية". تقول الحكاية ان "ابو حنّاية" هذا كان رجلا طويلا قويا مفتول العضلات اذا هجم على مئات من الرجال يفرون من امامه. مشكلته انه كان يكثر من الصفنات والسكوت منشغلا باعداد "حنّايته" تحت حرارة الشمس وليس بالتنور. وهذه بطبيعة الحال تتطلب وقتا كبيرا منه فينشغل عن هموم قريته مكتفيا بانتظار ان تنضج "الحنّاية".وذات يوم حدث هجوم عنيف على القرية. احرقت بيوت ونهبت اخرى وقتل من قتل فيها. ورغم صراخ النساء وعويل الاطفال، لم يتحرك صاحبنا من مكانه لانه منشغل بما هو أهم. كانت النساء تنادي به: "يمعود يبو الغيرة ما عدنه غيرك.. ولك كوم الهم تره فنونه فني". واخونا منشغل لا يرد. وفجأة مر احد المهاجمين فداس على "الحنّاية". وحين شاهد صاحبنا "حنّايته" تداس تحت اقدام الغزاة، نهض مشمرا عن ساعديه وزمجر وعربد وصار يضرب المهاجمين رأسا برأس الى ان فروا من امامه. الفحوى هو ان غيرة "ابو حنّاية" لم تهتز من اجل ما حل بقريته من خراب ودمار، انما اهتزت من رأسها الى قدميها حين داس العدو على "الحنّاية".اتمنى ان تصل فكرتي الى لبيب العقل الذي يقرئها .. مع الحب والود.. وليي تتمة أن بقيت الحياة..

Share |