آلام أم عراقية ( رفحاوية )/صادق السيد جعفر الموسوي

Mon, 29 Apr 2013 الساعة : 0:06

ولدت في قرية ريفية محافظة تزوجت من احد اقاربها وانجبت 3 اولاد وفي عز شبابها اصيب زوجها بمرض انهى حياته تحملت هذه الام الابية العفيفة تركة ثقيلة تكفلت بها وذلك باعالة اطفالها الثلاثة فاخذت تعمل ليل نهار من اجل ان تحصل لهم على لقمة عيش شريفة كبر الاول وبلغ السادسة عشرة من عمره واخذ يفكر بكيفية ان يرفع قليلا من الحمل الثقيل عن كاهل امه فتطوع في الجيش العراقي في سبعينيات القرن الماضي فتنفست الام الصعداء وفرحت ببكرها وهي تراه قد اشتد ساعده وكان عندما يأتي من وحدته في اجازة قصيرة لاتتعدى السبعة ايام كان يأتيها محملا بالهدايا لها ولاخوته الصغار وفي نهاية عام 1980 اشتعلت الحرب العراقية الايرانية التي راح ضحيتها عشرات الالاف من الابرياء ومن الفقراء والمعذبين في العراق دون ان تكون لهم ناقة ولاجمل في تلك الحرب الظالمة وفي معركة المحمرة كانت وحدة ذلك الفتى في المقدمة وعلى تماس مع الطرف الاخر احتدمت اوزار المعركة واشتد القتال وسقط الفتى مضرجا بدمائه حملوه الى مدينته اتصلت الفرقة الحزبية بامه وابلغوها بان تستلم جثة ابنها الشهيد لم تتمالك المراة اعصابها لشدة هولها بمصيبتها فاخذت تشتم وتسب وتلعن دون ان تعلم فمر لسانها ولعنها على اسم المقبور صدام وشتمته وسرعان ماتناولتها ايادي العفالقة المجرمين ورموها في التوقيف وهي تصرخ وتندب ابنها الشهيدنقلوها الى مديرية امن الناصرية ومنها الى محكمة الثورة والشغب حكم عليها المجرم مسلم الجبوري بالسجن لمدة ثلاث سنوات في سجن النساء انهت محكوميتها واطلق سراحها وجدت صغارها وهم في اسوء حالة في بيت احد اقاربهم حتى تطوعوا في الجيش العراقي ايضا وبقوا حتى اندلاع الانتفاضة الشعبانية كان احدهم في الكويت وقد تم تاسيره من قبل القوات الامريكية اما الثاني فقد اشترك في الانتفاضة الشعبانية مع ابناء شعبه وعمومته وبعد انتكاسة الانتفاضة هرب هو و والدته مع من هرب من ابناء العراق الى رفحاء ومنها الى احدى الدول الغربية ولكن شقيقه الذي كان في الاسر عاد بعد اسابيع قليلة الى قريته فلم يجد والدته ولاشقيقه الاصغر والناس تنظر له وكانه ارتبك جرما لايغتفر فسأل جيرانه وابلغوه بما حل بهم وفي تلك الاثناء جاءت دورية من الجيش البعثي وبرفقة اعضاء الفرقة وسماسرة النظام المقبور واخذوه موثوقا الى معتقل الرضوانية هناك تم اعدامه بواسطة ماكنة ثرم اللحوم وتم رمي لحمه لاسماك المقبور عدي صدام في البحيرة العائدة له.اما والدته فلم تعلم بخبر اعتقاله او استشهاده وكان كل ضنها انه موجود في العراق ولايستطيع الاتصال بهم لاسباب امنية وقد اخذت المصائب والكبر مأخذها منها وهي على امل اللقاء بابنها الا ان شقيقه الاصغر كان يعلم بكل تفاصيل ماجرى عليه وهو الذي قص لي ذلك وسقط الصنم وكانت الام تامل ان تشم عطر ضناها وتسمع صوته الذي انقطعت اخباره عنها اكثر من عقد من الزمن عزمت على السفر الى العراق الا ان ابنها منعها من السفر بحجة الوضع الامني غير المستقر والخدمات ومرضها وعدم توفر الادوية والعلاجات هناك اقتنعت الا ان قلبها تشب فيه النار لفراق عزيزها ومرت سنة وسنتين وثلاث سنوات وهي على امل اللقاء بفلذة كبدها حتى اشتد عليها المرض وفقدت بصرها وهي تبكي وتقول كيف ارى ابني وارى اطفاله اشتد انينها وحنينها وازداد عليها المرض وهي لم تأبه لمرضها وكان كل همها ان ترى وتحتضن ابنها وتشم رائحته وبعدها فلتمت.ولكن المنية اقتربت منها وبدأ العد التنازلي لرحيلها وفي يوم بارد اغمضت عينيها وارتفعت روحها الطاهرة الى بارئها وهي على موعد للقاء ابنها وعزيزها وفلذة كبدها .هذه هي الام العراقية ام المجاهدين وام الاحرار ام الضيم والاباء ام الثوار من ابناء الانتفاضة الشعبانية المباركة.رحم الله امهاتنا اللائي تحملن مالم تستطع الجبال ان تحمله وحفظ الله الاحياء منهن واطال في اعمارهن.

Share |