التراث العالمي في الاتفاقيات الدولية والتشريع العراقي/د.محمد ثامر

Wed, 24 Apr 2013 الساعة : 23:06

التراث العالمي هو مجموع ما نسجه الانسان والطبيعة , نسجه الانسان من وحي الخيال والمعاناة والسمو ونسجته الطبيعة في طور التكوين .
جاءت اتفاقية باريس لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لسنة 1972 بأسلوب جديد لتعريف التراث العالمي وذلك عبرالتمييز بين التراث الثقافي والتراث الطبيعي فالتراث الثقافي طبقاً للمادة الأولى هو ((الآثار,الأعمال المعمارية وأعمال النحت والتصوير على المباني والعناصر والتكاوين ذات الصفة الآثارية والنقوش والكهوف ومجموعات المعالم التي لها جميعاً قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم .
المجتمعات : مجموعات المباني المنعزلة أو المتصلة التي لها بسبب عمارتها أو تناسقها أو اندماجها في منظر طبيعي , قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم .
المواقع : أعمال الإنسان أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة وكذلك المناطق بما فيها المواقع الأثرية التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر التاريخية أو الجمالية أو الاثنولوجية أو الانثرويولوجية .
أما التراث الطبيعي فهو (( المعالم الطبيعية المتألفة من التشكيلات الفيزيائية أو البيولوجية من مجموعات هذه التشكيلات , التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر الجمالية أو العلمية ,التشكيلات الجيولوجية أو الفيزيوغرافية والمناطق المحددة بدقة مؤلفة موطن الأجناس الحيوانية أو النباتية المهددة ,التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم أو المحافظة على الثروات .
المواقع الطبيعية أو المناطق الطبيعية المحددة بدقة التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم أو المحافظة على الثروات أو الجمال الطبيعي .
والملاحظ على هذه الاتفاقية أنها أدخلت في نطاق الممتلكات الثقافية صنفاً جديداً يعكس الرغبة القائمة والمتطورة والمتجددة في توسيع نطاق هذا المفهوم وأقرناه من جهة أخرى بما يمكن أن يتوفر له من مقومات علمية تحرص على الحفاظ على المعالم الطبيعية الفيزياوية أو البيولوجية أو المناطق التي تشكل موطناً لها والتي يهددها خطر حال وتشكل من وجهة نظر العلم أو الثروة قيمة عالمية استثنائية أو قيمة جمالية تستند على الطبيعة بشكل أساس وكذلك المناظر الطبيعية , الوثائق التاريخية , المعتقدات الدينية , الممارسات والصناعات الأثرية , أي شيء من صنع الإنسان أو إنتاج براعته و الأماكن الروحية المقدسة .
أما قانون الآثار العربي الموحد الصادر عن اجتماع وزراء الثقافة العرب المنعقد في بغداد لسنة 1981 فقد عرف الآثار في الباب الأول منه بأنها (( يعتبر أثر , أي شيء خلفته الحضارات أو تركته الأجيال السابقة من يكشف عنه أو يعثر عليه سواء أكان ذلك عقاراً أو منقولاً يتصل بالعلوم أو الفنون أو الآداب أو الأخلاق أو العقائد أو الحياة اليومية أو الأحداث العامة وغيرها من يرجع تاريخه إلى مائة عام مضت متى كانت له قيمة فنية أو تاريخية .
ويجوز للسلطة أن تعتبر لأسباب فنية أو تاريخية أي عقار أو منقول أثر إذا كانت للدولة مصلحة وطنية في حفظه وصيانته بصرف النظر عن تاريخه وتعتبر من الآثار ذات الشأن الوثائق والمحفوظات كما تعتبر بقايا السلالات البشرية والحيوانية والنباتية من الآثار التي يجب المحافظة عليها وصيانتها شأنها شأن الآثار الأخرى )) .
ولعل الملاحظة الأجدر على هذا التعريف هو الفقرة الأخيرة منه التي إلى أجازت للسلطة الوطنية عد أي عقار أو منقول بمثابة أثر بغض النظر عن تاريخه إذا كانت هناك مصلحة وطنية تقتضي حفظه وصيانته .
أما اتفاقية مالطا 1992 لحماية التراث الثقافي الأوربي فإن مفهوم الممتلكات الثقافية يتضمن قسمين رئيسين ، التراث الثقافي الطبيعي والمواقع الأثرية المدنية وأن التمييز بينهما قد امتد ليشمل في ذات الوقت دراسة التخطيط العمراني في أوربا .
في حين أحالت المادة الأولى من بروتوكول لاهاي الثاني لسنة 1999 الملحق باتفاقية لاهاي لسنة 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح إلى المادة الأولى من الاتفاقية أعلاه إذ جاء في الفقرة ب من المادة الأولى من البروتوكول ما نصه (( يقصد بـ ((الممتلكات الثقافية )) الممتلكات الثقافية كما عُرفت في المادة الأولى من الاتفاقية )) والمقصود هنا اتفاقية لاهاي لسنة 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية .
وأعطت اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي لسنة 2003 في مادتها الثانية تعريفاً مفصلاً لهذا المفهوم بنصها (( 1- يقصد بعبارة التراث الثقافي غير المادي الممارسات والتطورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية التي تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحياناً الأفراد جزء من تراثهم الثقافي وهذا التراث الثقافي المتوارث جيلاً بعد جيل تبدعه الجماعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها , وهو ينمى لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ويعزر من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية ولا يأخذ في الحسبان لأغراض هذه الاتفاقية سوى التراث الثقافي غير المادي الذي يتفق مع الصكوك الدولية القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان ومع مقتضيات الاحترام المتبادل بين الجماعات والمجموعات والأفراد والتنمية المستدامة .
2- وعلى ضوء التعريف الوارد في الفقرة (1 ) أعلاه يتجلى التراث الثقافي غير المادي بصفة خاصة في المجالات التالية :
أ- التقاليد وأشكال التعبير الشفوي بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي .
ب- فنون وتقاليد أداء العروض .
ج- الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات .
د- المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون .
هـ- المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية والتقليدية )) .
هذا وتجدر الإشارة إلى أن بعض الاتفاقيات الدولية عاملة بعض الممتلكات على أنها ممتلكات ثقافية رغم أنها لم توردها في تعريفها لتلك الممتلكات , فالمادة الرابعة من اتفاقية باريس لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية لسنة1970 أدخلت ضمن هذا المفهوم الممتلكات التالية :
أ- الممتلكات الثقافية التي يبتدعها فرد أو مجموعة أفراد من أبناء الدولة المعينة والممتلكات الثقافية التي تهم الدولة المعينة والتي يبتدعها داخل أراضي تلك الدولة رعايا أجانب أو أشخاص بلا جنسية مقيمون في تلك الأراضي .
ب- الممتلكات الثقافية التي يعثر عليها داخل أراضي الدولة .
ج- الممتلكات الثقافية التي تقتنيها البعثات الأثرية أو الأنثولوجية أو بعثات العلوم الطبيعية بموافقة السلطات المختصة في البلد الأصلي لهذا الممتلكات .
د- الممتلكات الثقافية التي يتم تبادلها طوعاً .
ه- الممتلكات الثقافية المهداة أو المشتراة بطريقة قانونية بموافقة السلطات المختصة في البلد الأصلي لهذه الممتلكات .
وكذلك الحال مع الإعلان الآسيوي للممتلكات الثقافية حيث عد ( الفلكلور ) في مادته الأولى والتراث الشعبي ضمن مفهوم الممتلكات الثقافية بعد أن ميز بين التراث الشفوي الفلكلور والتراث المدون .
أما على صعيد القانون الداخلي فقد خضع العراق لعدة تشريعات كان أولها الإعلان الذي أصدرته الدولة العثمانية في 10 نيسان 1916 ثم أصدر الجنرال مود في 22 أيار 1917 أعلاناً بشأن حماية الآثار والتراث وفي 14 تشرين الأول 1922 أصدر مجلس الوزراء قراراً الحق بموجبه مديرية الآثار القديمة بوزارة الأشغال والمواصلات ثم صدر قانون الآثار في عام 1924 ويتألف من ثلاثين مادة وفي عام 1936 صدر قانون جديد للآثار عدل في عام 1974 وعدل في عام 1975 . وقد اعتمد المشرع العراقي معياراً سهلاً لتحديد الأموال الأثرية يتعلق بعمر المال .
فإذا كان مئتي سنة أو يزيد فهو مال أثري وهذه مسألة فنية يقدرها ذوو الخبرة والاختصاص إلا أنه يجوز استثناء خلع الوصف المذكور على الأموال التي يقل عمرها على مئتي سنة لمقتضيات المصلحة العامة ولغرض المحافظة عليها بسبب قيمتها التاريخية والقومية والدينية والفنية وبقرار من وزارة الثقافة والإعلام ينشر في الجريدة الرسمية وهو معياراً معتاد في القوانين والتشريعات العربية الخاصة بالأموال ذات القيمة الفنية والتاريخية . 
 

Share |