ماقاله برنارد شو في الاسلام/سعد جودة الزيدي

Tue, 23 Apr 2013 الساعة : 23:56

قال برنارد شو: ((إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها)).
وقال أيضًا : (( لو تولى العالم الأوربي رجل مثل محمد لشفاه من علله كافة، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية، إني أعتقد أن الديانة المحمدية هي الديانة الوحيدة التي تجمع كل الشرائط اللازمة وتكون موافقة لكل مرافق الحياة، لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولاً لدى أوروبا غداً وقد بدا يكون مقبولاً لديها اليوم ، ما أحوج العالم اليوم إلى رجل كمحمد يحل مشاكل العالم ...)) عن وكيبيديا الموسوعة الحرة.
هذا رأي برنارد شو بديننا بعد ما اطلع على تأريخ النبي محمد (ص) وحياته ، التي قضاها بالعطاء والحب لجميع الناس والدعوة لدينه بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن حتى مع المشركين الذين لم ينهه ربّه عن برّهم، والقسط إليهم أولئك الذين لم يقاتلوه ولم يخرجوه وأتباعه من ديارهم كما جاء في الآية (8 ) من سورة الممتحنة ، وكذلك فعل مع أهل الكتاب فمثلما عاهد اليهود على العيش معهم بسلام بحسب الوثيقة التي كتبها إلى أهل المدينة بجميع اختلافاتهم الدينية والعرقية ، فقد استقبل وفد نجران من النصارى وحاورهم ولما حضرت صلاتهم صلوا في مسجده في المدينة وضربوا النواقيس فيه ، ولم تقف قيم التسامح عند عصر النبي وإنما استمرت في الحكومات الإسلامية الأولى التي أعقبت حكومته ، فهذا الخليفة الثاني عمر بن الخطاب يكتب لأهل الذمة عهدا (( انه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبها ولا من شئ من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار احد منهم ... )) وضرب علي بن أبي طالب (ع) مثالا عظيما في تقبل الرأي الآخر في قوله لسعد بن أبي وقاص الذي تخلف عن بيعته عند توليه الخلافة : (( فإن رغبت بايعت وإلا جلست في دارك ، فإني لست مكرهك عليها )) على الرغم من أن البيعة قد تؤخذ بالإكراه عندما تبايع الناس بحجة خوف الفتنة، وهذه هي الديمقراطية الحقّة.
أظن أنّ هذا هو الوجه الحقيقي الذي لمحه برنارد شو للإسلام عندما قرأ تأريخ النبي محمد وما جاء به من دين ، ولو إن هذا الكاتب الكبير الذي توفّي في عام 1950م قد عاش إلى اليوم لكان له رأي آخر ، إذا ما شاهد كل الجرائم التي تقع الآن ترتكب باسم الإسلام ، من تـفجير وقتل مدنيين غدرا ، ومصادرة الحقوق والآراء ، والغريب أنّ بعضًا ممّن يدعي الانتساب للإسلام قد شرعن لارتكاب هذه الجرائم مدّعيًا السير على نهج السلف الصالح أو أئمة أهل البيت ... لذا بات على المسلمين الحقيقيين ( المعتدلين ) واجب تحسين صورة الإسلام التي شوّهها هؤلاء القتلة والمتطرفين وإعادتها الى سابق عهدها كما رآها برنارد شو ، لا كما يفعل دعاة الاسلام اليوم الذين قال عنهم د. مصطفى محمود : ((ولا يدري بعض دعاة الإسلام ، أنهم دعاة ضد الإسلام من حيث لا يشعرون )) .
 

Share |