الحكام العرب والأستراتيجية الأمريكية/طاهر مسلم البكاء

Sat, 20 Apr 2013 الساعة : 0:03

ينقل الأستاذ محمد حسنين هيكل ان الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت جاء الى مصر على ظهر طراد امريكي سنة 1945 م ، وألقى مراسيه وسط البحيرات المرة على مجرى قناة السويس ، واستقبل على ظهره رؤساء ثلاث دول إقليمية ،أثنان منهم من الملوك العرب :
حيث أستقبل الملك عبد العزيز آل سعود وبدا له بعض ما سمعه غريبا" على ثقافته فالملك يقول له :
أنت أخي وكنت أشتاق دائما" الى رؤيتك وأريد أن يكون تعاملــي معك انت وليـس مع غيرك لأنك رجل مبادئ ونصير حقوق ، وبلهـجة رجــاء تحدث الملك السعودي عن المظلومين الفلسطينين وعن الهجرة اليهودية الى فلسطين .
وهذا مع الأسف يذكرنا بما يبديه حكام اليوم من اعتماد كلي على امريكا دون النظر الى تدعيم قدرات بلدانهم الذاتية ، وقد وجدناهم يتعلقون باذيال كل رئيس امريكي يحل في البيت الأبيض معتبريه الفارس المنتظر الذي يأتي من وراء الغمام ليعيد حقوقهم المغتصبة ،ويكبح جناح اليهود المعتدين .
وقد كتب روزفلت عن لقاءه بالملك عبد العزيز يقول :
بدا لي الرجل طرازا" بدويا" من النوع المتوحش النبيل ،يذكر بازمان غابرة وتقاليد تعود الى عصور لم يعد لها الأن مكان .
وبعد استقباله للملك فاروق ملك مصر ، لم يعجب روزفلت به ايضا" وذكر في يومياته ( ان فاروق يذكرني بجيل من أمراء اوروبا الذين أغرقهم الترف حتى ذابت عندهم ارادة الفعل واخذتهم المظاهر حتى ضيعت منهم جوهر الشخصية .
الحكام العرب الذين كانت أمريكا تساندهم بالسلاح والمعلومات وتقويهم في وجه شعوبهم ، لم يكن في واقع الحال أي وزن لهم لدى الأمريكان بقدر ماكانوا وكلاء للحفاظ على مصالحها وقد اجادوا الدورالذي رسم لهم وبكفاءة عالية و عمقوا الواقع المر والأليم للأمتين العربية والأسلامية ، وأصبحوا حاجزا" بين الصهاينة والعرب وصاروا أدوات تنفذ الأطماع اليهودية وتحميها وتردد دعايتها المظللة ،واليوم أصبح من السهل للصهاينة المدججين بأحدث الأسلحة الأمريكية ، الأنفراد بالفلسطينين العزل وأن يبلغوا منهم أقسى المبالغ ،حيث تتحول غزة اليوم الى أكبر سجن عالمي ، دون أن يكون هناك من يقدر على الأعتراض ،أنها مأساة بلا رحمة انسانية لشيخ أوامراة أو طفل ،حيث ترك هذا الشعب المسلم يقاوم الصهاينة المسندين بأعتى امبراطورية في العالم .

سياسة أمريكا وأيغال صدر المسلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن السياسة التميزية من قبل أمريكا ،علما" أنها تستفاد من خيرات العرب والمسلمون ،وتنشر قواتها وأساطيلها على أراضيهم وبحارهم ، مما لاشك فيه توغل صدر كل عربي وكل مسلم ،وهذا حفز ظهور حركات تنادي بأعادة الهيبة للأسلام والعرب ،وقد يكون هناك بعض التطرف في ذلك ،ولكنه لم يبلغ بأي حال مقدار التطرف الأمريكي لصالح أسرائيل واليهود على حساب المسلمين ، فعلى الرغم من الحق الفلسطيني الواضح وعدالة القضية الفلسطينية ،فهي لم تلق الأهتمام المقابل من أميركا ،وكل ما كسبه الفلسطينيون ، قرارات وتصريحات من هيئة الأمم المتحدة ولجنة حقوق الأنسان ،لا تنفيذ لها على أرض الواقع .
أما غزو العراق فقد اثبتت الوقائع أنه أستعراض للقوة غير مبرر كان هدفه صهيونيا" قبل أن يكون أمريكيا" للتخلص من كابوس العراق الذي تذكر كتب التاريخ ان الملك نبوخذ نصر قد جلب اليهود كعبيد وكعمال بناء للعمل فيه ، ولم يكن صدام سوى ألعوبة امريكية للوصول الى تدمير العراق وهذا ما حصل في واقع الحال .

جيل المحافظين ذو التوجهات الصهيونية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد عمل اليهود بدأب وأصرار على تنشأة جيل داخل الشعب الأمريكي يحمل التوجهات اليهودية الصهيونية ،وتم دعمه بسخاء من الأموال اليهودية لكي يبلغ مراتب مهمة في مراكز القرار الأمريكي وقد شاهدنا هذا الجيل في أغلب الأدارات الأمريكية وقد وصل الى مراكز كان هو الذي يوجه فيها السياسة الأمريكية الخارجية ،وهكذا بدا اللوبي الصهيوني المتطرف يوجه دفة السياسة الأمريكية لصالح أسرائيل أكثر مما هي موجه الى مصالح الشعب الأمريكي ! . وقد تسيد هذا اللوبي مراكز المال والأعلام والسيطرة على نتائج الأنتخابات الأمريكية ،وهذا ما يبرر ما يبديه مرشحوا الرئاسة الأمريكية من ميل كبير لصالح أسرائيل ،وتنافسهم في تقديم الوعود لصالحها في حالت فوزهم بأنتخابات الرئاسة .
كما عمل اليهود على تحريف الأفكار المسيحية في أوربا ، وكما هو معلوم أن فلسطين هي أرض مقدسة لدى المسيح ، وروج اليهود الى أن فلسطين هي أرض الميعاد ووطن اليهود وأخذوا يرسخون في أفكار الأوربيين أن عودة السيد المسيح لاتتم ألاّ بعد عودة اليهود الى فلسطين ،وان عليهم أن يعجلوا في حصول هذه العودة دون انتظار الأرادة الألهية .
وقد تمكنوا من بث هذه الأفكار التي تمثل الأ هداف الصهيونية بلباس ديني ،من خلال ضخ الأموال الضخمة سواء من خلال المفكرون او وسائل الأعلام أو العمل على تبني الكنائس لها وبالتالي تصبح ذات مصداقية لدى العامة .
وخير تجسيد لما ذهبنا اليه هو ما يوضحه الرئيس الأمريكي ( كارتر )، في خطاب له امام الكنيست الأسرائيلي :
( جسد من سبق من الرؤساء الأمريكيين الأيمان بأن جعلوا علاقات الولايات المتحدة مع أسرائيل هي أكثر من علاقة خاصة أنها علاقات فريدة ،لأنها متاصلة في ضمير الشعب الأمريكي نفسه ، في أخلاقه وفي دينه وفي معتقداته ،لقد اقام كلا" من اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مهاجرون رواد ،ثم اننا نتقاسم معكم تراث التوراة ) . 

Share |