رسالة الى الله عزّ جلاله/ثائر عبد الكريم

Fri, 19 Apr 2013 الساعة : 23:42

ربي العزيز الحكيم اسمح لي ان اقف بين يديك و اقدم لجلالتك هذه الرسالة التي تبين لك احوال الامة الاسلامية و حال الدين الاسلامي في الوقت الحاضر. الدين الاسلامي اصبح غريبا على الكثير منّا؛ او بالأحرى اصبح دينك يا الاهي اداة للربح المادي و السياسي من قبل رجال ديننا و سياسيينا في هذا الوقت العصيب الذي اصبحنا به فريسة بيد اعدائنا ينهشوننا من كل صوب.

سامحني يا ربي على الاخطاء اللغوية و الاملائية و على بلاغة هذه الرسالة التي قد تكون غير وافية؛ لانني لست كاتبا و لم اتخصص في اللغة العربية التي كرمتنا بها في كتابك العزيز؛ و لكن رسالتي هذه على الاقل قد تحمل بعض معاناة و هموم المسلمين التي اوددت تلخيصها الى جلالتك.

و يجب ان اعترف لك من انني لست رجل دين و لم اؤدي واجباتي الدينية بالشكل المطلوب و لكنني دائما صادق مع الناس و ادعم عمل الخير و لم اجرم بحق اي انسان اطلاقا؛ و انت على كل شيء عليم.

يا الاهي انت تعرف ان ديننا ارسل الى البشرية جمعاء كدين للمحبة و التسامح و الصدق و العدالة و النزاهة و المساعدة و المساوات بين البشر بغض النظر عن قومياتهم و اعراقهم؛ و العفو عند المقدرة حتى مع الاعداء.

و بالرغم من ان نبينّا كان عربيا و كتابك العزيز كان عربيا ؛ و بالرغم من صعوبة التفاهم مع الاقوام الاخرى في ذلك الوقت الذي لم تكن فيه ترجمات فورية بين اللغات؛ و لكن اخلاق الرسول محمد (ص) و قيم و نزاهة المسلمين الاوائل و التي كانت هي قيم الدين الاسلامي الحنيف اقنعت الاقوام الاخرى من اتراك و فرس و هنود و غيرهم في الدخول في الدين الجديد. و ان دينك الجديد هو تكملة للاديان السماوية التي سبقت الاسلام كاليهودية و المسيحية التي تؤمن بالتوحيد؛ و لذلك كان النبي ابراهيم (عليه السلام) بداية التوحيد و الايمان بالله لكل الاديان التوحيدية الثلاث.

ان اختيارك اللغة العربية للدين الجديد ؛ يدل على حكمتك لأنك تعرف ماهية العرب و صفاتهم البغيضة في النفاق و المكر و نقض الوعود و اخفاء الحقيقة؛ و الاستعانة بالاجنبي للدفاع عنهم؛ و الحقد و التآمر على بعضهم البعض منذ زمن الرسول و لحد هذه اللحظة. و لذلك انزلت عليهم الدين الجديد بلغتهم؛ ليكن كل شيء عن ماهية الدين الجديد واضح لهم و مسؤلين عنه يوم الحساب؛ و لذلك سيكون حسابهم يوم القيامة حساب عسير لا رحمة فيه. يتظاهرون بالاسلام و هم بعيدون كل البعد عن الاسلام ؛ يدعون الى الصدق و هم اكبر المنافقين مقارنة بالاقوام الاخرى التي آمنت في دينك الحنيف. اغلب الفتن التي حدثت في زمن الرسول و لحد هذه اللحظة سببها رجال الدين و السياسيين العرب.

لو نظرنا الى كل بقاع العالم الاسلامي نراها مستقرة ما عدا البلدان العربية؟. انك حكيم عليم يا ربي العزيز؛ و تعرف بواطن الامور و كيف يستغل هؤلاء الذين يدعّون رجال دين سذاجة الناس البسطاء في تمرير اجندتهم الطائفية التي مزقت ديننا الحنيف.

الآيات التالية تؤكد حكمتك في اختبار الرسول (عربي) و لغة القرآن (عربية) لامتحان مصداقية فهم و تمسك العرب بالدين الجديد و بالصفات الحميدة التي جاء بها الدين الاسلامي الحنيف و الرسول (ص):

سورة الزمر: الاية 28
"قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ"

كانوا همجيين في زمن الجاهلية و يقتلون البنت عندما تولد؛ و لذلك انزلت عليهم سورة التكوير الآية 8 و 9.

سورة التكوير: الاية8 و 9
وَإِذَا الْمَوْؤودَةُ سُئِلَتْ- التكوير (8)
بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ - التكوير (9)

و كذلك انزلت عليهم سورة التوبة: الآية 97. التي تبين كفر و نفاق العرب من مهد التاريخ و لحد هذه اللحظة؛ و هذا موضح في الآية القرآنية التالية:

التوبة :الاية 97
"الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"

و سورة النساء الآية 61 تبين غطرسة و نفاق العرب و مكرهم.

سورة النساء: الآية 61
"اذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رايت المنافقين يصدون عنك صدودا"

ان الآية اعلاه تبين غطرسة و نفاق العرب ؛ اذا دعيتهم الى المناقشة بما انزل الله في كتابه الحكيم و الى الرسول لتوضيح الامور يصدون و يرفضون و هذا يبين معدن هؤلاء الذين يدعون الاسلام زورا.

و انك يا الاهي كذلك تعرف نفاق البشر عندما تأتي الى الرسول و تقول له انك رسول الله؛ و لكن الله يعرف ان هذا كذب و تقية و نفاق؛ و هذا موضح في كلامك العزيز ادناه.

سورة المنافقون: الاية1
"إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ"

لقد جاء دينك الحنيف باللغة العربية رحمة للبشرية كما قلت اعلاه. و دخلت به الاقوام الاخرى تيمنا بأخلاق الرسول (ص) و اخلاق المسلمين الاوائل الذين ضحوا بكل ما يملكون في سبيل الرسالة السماوية الجديدة. و هكذا كانت الجهود جبارة في نشر الدعوة الجديدة تحت شعار:

"لا الاه الاّ الله محمد رسول الله".

و الرسالة الجديدة تدعو الى التوحيد و كان الرسول اول المسلمين في دخول هذا الدين الجديد كما موضح في سورة الأنعام : الآية 163.

الانعام الاية 163:
لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين

و ان الله سبحانه و تعالى بين الى المسلمين الاوائل ان الرسول محمد (ص) ما هو الاّ رسول مثل بقية الرسل التي سبقته ؛ و الله يوضح ان المنافقين الذين لا يؤمنون بصدق بالدين الجديد سوف يرتدون فيما اذا مات او قتل الرسول (ص). و الله يقول ان هذا لن يضره شيئا و سيجزي الشاكرين و الثابتين على مباديء الدين التي انزلها الله على رسوله كما هو موضح في سورة آل عمران: الآية: 144.

آعمران : الاية 144
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ"

وان سورة البقرة: الآية 256 توضح انه لا اكراه في الدين ؛ فكل شيء بدا واضحاً ؛ فاليريد ان يكفر بالاصنام و يؤمن بالله فأنه قد تمسك بدين الله و الله سميع عليم؛ كما موضح في الآية ادناه.

البقرة : الآية 256
"لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"

و في سورة الفرقان : الآية 2؛ توضح ان الله هو الوحيد الذي يملك السماوات و الارض و ليس له شريكا ؛ و كل شيء خلق بتعني و بمقياس معين.

الفرقان : الاية 2
"الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا

ذكرت اعلاه جزء بسيط من سور و آيات القرآن الكريم الذي ارسلته لنا كنظرية للدين الجديد. و يبدو منه ان كل شيء واضح و ان العقل البشري يستطيع ان يتصور ماذا تريد منّا ان نؤديه في سبيل الوصول الى منال عطفك و رحمتك الواسعة.

ربي العزيز صاحب الجلالة:
ان ديننا اختطف منذ زمن بعيد (منذ وفاة رسولنا الكريم محمد (ص)) و لحد هذه اللحظة. و هذا الاختطاف كان و لا يزال من مجموعة من المنافقين الذين يدعّون رجال دين زورا. لقد اصبحنا مذاهب و مللا و بدأ التقهقر يظهر علينا واضحا يوم بعد يوم. و تركنا كتابك العزيز و وصايا رسولك و اتبعنا عوضا عن دينك كلام من بشر ارادوا الفتنة لتدمير الدين الاسلامي الحنيف. نعم هذه هي حالنا يا الاهي. لقد دعوتنا في كتابك العزيز ان نؤمن بالله و بالكتاب العزيز و ان تسود الألفة بيننا حتى و ان كنّا اعداء؛ و انقذتنا من امور عصية؛ لعلنا نهتدي؛ كما هو موضح سورة آل عمران: الاية 103.

آل عمران: الاية 103
"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"

يا الاهي لم نلتزم بوصيتك اعلاه؛ و تخندقنا مجاميع كل مجموعة تقذف قذائفها ليس على اعداء الاسلام و انمّا على بعضنا بعضا. بلداننا تنفذ اجندات اعدائنا مزكاة بفتاوي رجال دينك الجدد (الذين لا يفقهون بالدين شيئا و لا اعتقد يؤمنون بوجودك يا ربي العزيز). مئات الالوف و ربما الملايين قتلوا من الذين آمنوا بدينك و لا زالت حمامات الدم مستمرة لحد لحظة كتابة هذه الرسالة لجلالتك يا ربي العزيز.

ماذا حل بنا يا الاهي؟. اصبحت الشعوب الغير المسلمة تنظر لنا كأننا ارهابيين في كل بقاع الارض. تفرقنا و ابتعدنا عن دينك الحنيف و هذا هي النتيجة. و اسمح لي يا ربي العزيز ان اقول لك ان هذه المشاكل التي دمرت و لا زالت تدمر الدين الاسلامي الحنيف يحملون لوائها رجال الدين و السياسيين العرب؛ لان بقية البلدان الاسلامية الاخرى مستقرة ؛ و هذا يبرهن حكمتك في وصف العرب منافقين و حقدودين كما ذكرتها في آياتك التي انزلتها على رسولنا محمد (ص)؛ و التي دونتها في اعلى هذه الرسالة. اننا رجعنا الى عصر الجاهلية بكل معانيه. العالم من حولنا يتقدم و نحن نتراجع الى الوراء.

سامحني يا ربي العزيز على هذه الرسالة الطويلة و استغيثك ان تهدي كل رجال ديننا و سياسيينا و كل المسلمين الى لم الشمل لما فيه خير المسلمين و البشرية جمعاء. و استعين بكلامك الوارد في سورة الفاتحة: الاية6 الذي يقول : "اهدنا الصراط المستقيم".
الفاتحة الاية 6
"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"

انك على كل شيء قدير و نحن جميعا نعيش برحمتك الواسعة؛ و لك الشكر ياربنا العزيز الحكيم.

Share |