احدث حكايات الف ليلة وليلة/طاهر مسلم البكاء

Wed, 17 Apr 2013 الساعة : 1:00

وهي تجلس على ضفاف النهرالذي تغفو مدينتي على ضفتيه ، كانت شهرزاد تقص بحسرة حكاية جديدة من حكايات ألف ليلة وليلة ، وأسترسلت بالكلام المباح :
لقد اختفت الأيام الجميلة السعيدة في مدينتي الغافية على أكتاف نهر جميل ،حالها حال مدن بلادي الأخرى ، والنهر نفسه بدا يصارع الجفاف وعلى جانبيه تعيش الناس وهي تحمل الهموم الثقال ، فهي تخاف فقدان الأمان ،وخطر حصول تفجيرات أرهابية فهم سمعوا أن ذلك حصل لبعض المدن المجاورة ،أذ أنعدمت الذمة والضمير ولايعرف القتلة فالبعض يقول أنها كائنات متوحشة من الفضاء،و أصبح الذي يسير في شوارع المدينة تطالعه عناصر الدرك والشرطة ورغم ذلك انفجرت سيارتان مفخختان في خيوط الفجر الأولى ، والعصب السحري الذي يحرك الحياة في هذا الزمان الذي يسمونه ( الكهرباء ) مفقود حتى في الأيام التي تبلغ فيها الحرارة الذروة ، ويتناهى الى الأسماع هذه الأيام تبجح مسؤولي المدينة انهم حصلوا على مكرمة بزيادة الكهرباء لأجزاء من الساعة دون أن يكون هناك تنفيذ في واقع الحال !
وزادت حكايات الفساد السياسي والأداري الهم والحزن ، أذ أنها بدات تزكم الأنوف ،وبدأ المواطنون يعدون عمارات المسؤول الفلاني ومحطات الوقود والعقارات التي يمتلكها المسؤول العلاني في الداخل والخارج وهم أثناء ذلك يسترجعون بحسرة بالغة كيف كان بالسابق قبل ان يوفر له الشعب فرصة الفوز بالأنتخابات ،حيث لم يكن يملك شئ او يعرفه احد ،واليوم لاهم له سوى زيادة ممتلكاته وبالمقابل فأنه أصبح لايعرف أحدا" من الشعب واصبحت مقابلة سكرتيره الشخصي تتم بالواسطة فكيف بمقابلته هو .
وأخذ مسؤولون كبار محسوبون على تيارات شعبية محترمة في نظر الناس ،يدخلون حلبة التنافس على المغانم وبامتياز .
فبعد نشر الصحف وشبكات النت أخبارا" عن مسؤلين كبار ،انكشفت اوراقهم وهم يقاضون ويتقاضون الرشى بشدات الدولار وليس بالدينار ، اشيع ان الحاكم قد امرباقالة المسؤل الفلاني ،والذي لم تسمه الصحيفة ولا الشبكة بأسمه بسبب الحنكة الصحفية فالديمقراطية لدينا لاتزال تحبوفهي اليوم عراك بالأحذية والأيدي والأرجل ،ولكنهم كانوا يضعون بدلا" عن اسمه عدد من الأصفار ، والمعلومة الوحيدة التي ذكرتها عنه الصحف أنه مسؤول كبير ،وكانت الناس عندما تدخل المبنى الرسمي المهيب ينظرون بأتجاه الأبواب ليروا ذلك المسؤول اذا ما كان فعلا" موجود ثم يخرجوا ليجلسوا في حلقات السمر الأعتيادية ليذيعوا سرا" كانهم قد اكتشفوه بصعوبة ، يذكر أحدهم :
لقد ذهبت صباح اليوم الى مبنى الحكومة ونظرت بنفسي ولم اجده مكانه وقال الثاني : نعم لقد نفذ الحاكم امر الشعب وأقاله بغض النظر الى أي كتلة ينتمي ... ولكن بعد اسبوع فوجئ الجميع بعودة السيد المسؤول الى مكانه ،وقد كان يرتدي بدلة فاخرة ،وقد تبين أنه كان في ايفاد في احدى جزر الواق واق .
وقال نفس الشخص :
ألم اقل لكم انه الفساد بعينه ،لقد كافئوه بأيفاد خارج البلد !
وأخذت حلقات العامة تفسر كيف حصل هذا ومن أغرب ما طرح أن احدهم ذكر أن هذا المسؤول قد أشترى هذا المنصب من الكتلة التي ينتمي اليها ولايمكن تغييره،والغريب أن هذه الكتلة كانت تنظر في الأنتخابات على أنها المدافعة عن الشعب وانها ضد الفساد ، وأخيرا" تكلم احدهم ،وكانوا ينتظرون ان يتكلم كونه يعمل في حرس الحاكم الشخصي ، قال لهم :
لقد تم أبقاءه مكانه ولكن تمت معاقبته بتقليص صلاحياته !
( ووسط آهات المحرومين وعامة الشعب ، بقي المسؤول وأستمر الفساد من وراء الستار ومن امام الستار ..وبدأت الناس تنظر الى وجوه المسؤولين الملطخة بوحل الفساد الذي لا ينتهي وبأتهام أحدهم للآخر، وبقيت مدينتي تئن بتركة ثقيلة من عهود الإهمال والفقر والفاقة واليوم تنالها عهود جديدةهي عهود الأرهاب و الفساد المكشوف ) .
وبعد أستراحة تناول فيها الملك بعض المشروبات والبيبسي كولا أضافت شهرزاد :
في أحد الشوارع ..كان صبي العربة الذي يبحث في الأزبال عن مخلفات يقتات بها ويحمل جزءا" منها الى عائلته ، قد ترك عمله وانشغل بالنظر الى سيارة الحاكم الفخمة المظللة وأنتظر بشغف نزوله منها ليمتع نظره ببدلته الأنيقة وكذلك ليشاهد قوة اندفاع حرسه الخاص الذي أحاطه بسرعة حال نزوله من السيارة ..ثم ما لبث الصبي أن عاد ثانية لألتقاط بقايا الطعام والعلب الفارغة من أكوام الأزبال ،وبان الصباح وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح .
 

Share |