• الملف المحدد (/home/nasiriyah/tmp/filewWMdcL) لا يمكن رفعه لأن الدليل الوجهة sites/default/files/subsites/7/subsites-7.css لم يتم إعداده بصورة صحيحة.
  • الملف المحدد (/home/nasiriyah/tmp/fileqZbiX4) لا يمكن رفعه لأن الدليل الوجهة sites/default/files/subsites/7/subsites-7.orig.css لم يتم إعداده بصورة صحيحة.
  • الملف المحدد (/home/nasiriyah/tmp/fileZiII5o) لا يمكن رفعه لأن الدليل الوجهة sites/default/files/subsites/7/subsites-7.emimage.css لم يتم إعداده بصورة صحيحة.


قصيدة النثر . . تحولات وهجرة في أفاق الذات -كريم شلال الخفاجي

Thu, 14 Jul 2011 الساعة : 17:57

لقد تعددت الدراسات والبحوث حول قصيدة النثر ، فكانت هنالك أراء ومواقف متباينة منها ، حيث ما زال يكتنفها غبار الغموض نظرا لما يراه بعضهم من الريبة والشك حول أحقيتها بل شرعية انتسابها إلى واحة الشعر ، فهي تعيش حلة الوسطية بين سياط التيارات التقليدية اللاذعة ومباركة مدارس الحداثة والتجدد ، بعد أن تباينت الرؤى والمواقف الفنية حول مفاهيم الحياة وروح العصر وبين سعة الأفق وتسارع خطى الثقافة الميالة إلى لبوس التطور .
أن قصيدة النثر لم تكن وليدة اليوم بل لها جذورها الضاربة في عمق التراث الادبي القديم الغربي او العربي فقد وردت في العهد القديم وفي الادب الافريقي ولدى الهنود الحمر اشارات لها كذلك كانت هنالك قصائد جاهلية ، ويؤكد بعض الباحثين ان ثمة اشارات الى خصائص فنية اعتمدتها قصيدة النثر وردت في بعض السور القرانية " المكية "منها .
ان قصيدة النثر لبت رغبات وطموحات شعراء القصيدة النثرية الذين راموا فيها كسر اطر الصرامة والقيود ، وارادوا من خلالها العثور على لغة تختصر كل شيء ( الاصوات ، العطور ، الالوان ) وتميل ايضا الى المرونة بحيث توافق تحركات النفس الغنائية وتموجات الاحلام وانتفاضات الوجدان ، أي انها دعوى لنسف الايقاع كما ينظر الى ذلك انسي الحاج ورامبو وبودلير .
لقد انصبت اغلب جهود التنظير التي مهدت لقصيدة النثر على الايقاع بل حاولت الفصل بين الوزن الهندسي الخليلي وبين الشعر الحقيقي معتبرة ان هذه الاوزان تحد من حرية الشاعر وتحصر نشاطه الابداعي ، ويرى ادونيس ان قصيدة النثر تحمل موسيقى لكنها ليست موسيقى الخضوع للايقاعات القديمة ، بل هي موسيقى الاستجابة لايقاع تجاربنا وحياتنا الجديدة والقصيدة بذلك كما النهر الذي يخلق مجراه . ووفق هذا المفهوم يتحرر شاعرمن هذا النمط وتتدفق مشاعره بل هو يقترب من شاطيء الجنون بعد ان يخلع اطواق الالتزام باشكالها .بما في ذلك اللغة التي على ما يبدو يعتبرها بعض شعراء القصيدة النثرية عائقا امام تطلعاتهم وتالقهم وان القصيدة تحتاج الى "تفجير " اللغة لتعطي امكاناتها كما يرى " ادونيس " او انها تحتاج الى " اختراق " جدران اللغة كما يذهب " يوسف الخال " ، وهل يبغون اصحاب هذه الرؤى الى طرح اللغة الفصحى واستبدالبها باللغة المحكية الدارجة ؟. ويبقى السؤال الملح : هل اصبحت اللغة العربية عائقا يقف ضد نجاح الشاعر الحديث ؟ الم تكن هذه اللغة يوما اداة لنقل عواطف واحاسيس اجيال متطاولة من المتكلمين عبر العصور ؟ وهل هرمت اليوم لدرجة عجزها عن احتواء مشاعر واحاسيس شعراء اليوم ؟ ام نحتاج اليوم الى عملية ترميم وهيكلة لمفردات لغتنا "لغة القران " بوساطة " الانزياح " على راي " جان كوهين " لتستوعب حاجات العصر ؟ .
وللتمعن بروية في نصوص الشاعرة " فاطمة ناعوت " نتلمس مثالا طيبا في الفاظ اللغة والنص وترويض
المفردة والحرف ، (أيُّ مفردةٍ تنبؤك بأني أودُّ الآن أن تضمَني ثم أضيعُ في أبعادٍ متوهَمة ؟ أيُّ مفردةٍ أخطُّها فتقرؤني تقرؤني أنا بعيدًا عن غواياتِ القصيدة ؟ ) فهي بلّورات صافية متعددة الشعاعات والانعطافات إذ تصدر عن إحساس مرهف وتجربة وجدانية وذهنية وخبرة لغوية تقدمها كاتبة تنضح صدقا نفسيا وفنيا ، وتجدد في صياغاتها ومضامينها خارجة في سردها وتصويرها عن التعابير المألوفة المكرّرة والمعاني المستهلكة من كثرة ترديدها. ومثل الموسيقيّ البارع تنوع لحنَها الأساسيّ وتدهشُ المتلقي بمخيلتِها الخصبة التي تولّد رؤىً وتأملاتٍ يمتزجُ فيها المشهدُ الواقعيّ المشهود بالحُلمِ السابحِ في ملكوت الإلهام .

Share |