ثم اصبح سمو مديرا للحسابات/عبد الامير محسن ال مغير
Sun, 7 Apr 2013 الساعة : 0:14

قصة قصيرة
اتخذت المحافظة بيتا على النهر مقرا لديوانها لما بعد التغيير وتركت البناية القديمة كونها غير مؤهله لذلك وتولى ادارة المحافظة شخصا يتمتع بشمائل نبيله يقل توفرها في الكثير من اقرانه حيث انهى شطرا من حياته موظفا اداريا ثم ضابطا في الجيش ثم اضطر ان يترك العراق لما بعد انقلاب 1968 ويقول ماهر بذل ذلك المحافظ كل ما في وسعه لاستتباب الامن واصدر اوامر جديدة بتعيين رؤساء الوحدات الادارية واهل الكثير من المباني في مركز المحافظة لتشغلها الدوائر المركزية الا ان بناية المحافظة القديمة بقيت يتجمع فيها المعاون والتف حوله مدراء اقسام لا زال الكثير منهم لم يصدق ما حصل حوله وطلب المحافظ الجديد حضور مدير الحسابات ففوجئ بدخول شخص ينتعل (مداسا) وبنطلون اهدله على قميصه وواضعا (قلنسوة) على راسه يذكرك منظره بالفنان (المنلوجست) المصري محمود شكوكو من انت سأله المحافظ ... مدير الحسابات اجاب علو ... هل تأتي للدوام الرسمي يوميا بهذه الشكل... صمته علو ولم يجب... اذهب لعنك الله والتحق بدائرة مجاري المحافظة... قال المحافظ وخرج علو لا يلوي على عنان متفاجئا ثم جرت الانتخابات وعين ذلك المحافظ وزيرا والتحق فوج الاعمار الياباني في تلك المحافظة مما جعلها محط حسد من قبل كثير من المحافظات ونقل بان واجه قائد تلك القوة المحافظ السابق وطلب منه تهيأت ثلاث قطع اراضي قرب المدن الثلاث الكبيرة في تلك المحافظة لتشييد مدن بديلة من المدن القديمة فيها ومطارا مدنيا فأرسله ذلك المحافظ الى مجلس المحافظة كونه قد انتقلت مهام عملة الى بغداد وعاد ذلك القائد بعد اسبوع ضاحكا وموجها كلامه للسيد المحافظ بقولة من ارسلتني عليه يسألني ما مقدار حصته من المبالغ التي خصصت للأعمار وبنتيجة الانتخابات عين محافظا جديد واستطاع علو بأساليبه غير المعهودة ان يعود مديرا للحسابات كما استطاع ان يضاعف مجهوده بما يكتنزه لجيبه بأساليب هي الاخرى غير معهودة للأخريين وكما عهد عنه في النظام السابق لجمع ما يأتي من قرابين ونذور لكافة المزارات الموجودة في المحافظة بحجة ضريبة العشر ولم تكن المزارات مسجلة بالأوقاف وانما يكون ما يأتي اليها من حق القائمين بخدمة تلك المزارات فيسلم علو ضريبة العشر تلك الى المحافظ السابق ابان الحقبة الصدامية كما اثير عليه قيامه ببيع مباني البلدية القديمة خارج الصيغ القانونية واحراق مخزن الحسابات مع اول يوم دخول القوات الاجنبية للمحافظة أتى بعد ذلك المحافظ محافظا جديدا فاستثمر علو الصلة العشائرية به الا ان ذلك المحافظ ادرك وبشكل مبكر اللاعيبة والتي لم يكن من الصعب اكتشافها وانما غالبا ما تكون علنية وابرز ما صدر عنه التواطئ بإصدارة لأمر اداري بفرض رسوم جديدة لاحد شعب المحافظة ولم تكن تلك الرسوم مدرجة ضمن جدول الضرائب والرسوم للدولة وقد يصل مدخولها الى اكثر من ثلاث ملايين شهريا وتودع امانة في مديرية الحسابات ومن صلاحيته ومدير تلك الشعبة السحب منها لمصروفات النثرية لتلك الشعبة مع ان لديها غرفتين فقط من ضمن بناية المحافظة واربع موظفين وارتكب علو خطأ فادحا قلما يقدم عليه موظف لديه شيء من الحيطة والنباهة فقد اقتطع خمسة الاف دينار من راتب كل موظف موقت معين بعقد خلال توزيع الراتب بأحد الاشهر وحيث ان عدد هؤلاء في ديوان المحافظة والوحدات الادارية التابعة لها يصل الى قرابة الف موظف فيصبح المبلغ المستقطع خمسة ملايين دينار في كل شهر وقد احدث ذلك ضجة بين الموظفين وعند مراجعتهم صرخ بوجههم الا تريد الدائرة قرطاسية فيجيبه احد مدراء الاقسام تم رصد عشرات الملايين في ميزانية المحافظة لأغراض شراء القرطاسية ... ان الرقابة المالية ترونها جالسة بقربي اجاب علو وكان رئيس لجنة الرقابة في المحافظة جالسا بجوار علو... ان مهمة الرقابة المالية تأتي بعد التصرف الذي تقوم به الدائرة وليس تجلس بجوار مدير الحسابات لتنسق معه وفي اليوم التالي قام علو بإعادة خمسة الف دينار لكل موظف من اولئك الموظفين الموقتين في ديوان المحافظة لقاء توقيعه بالاستلام وطبيعي ان من أعيد اليهم المبالغ المستقطعة لا يتجاوزون خمسين شخصا حيث الاعداد الكبيرة موزعين على الوحدات الادارية ومثل هذا الاسلوب يثبت جريمة الاختلاس ولا ينفيها ولم يقدم على مثل هذا التصرف الا اغبى الاغبياء وقد شعر علو بان اجراءات ستتخذ ضده فبادر بإحالة نفسه على التقاعد فوقع الاختيار على امرأة لتتولى منصب مدير الحسابات ولم يكن لديها اي مؤهلات لمثل هذه المهمة سواء من حيث التجربة او من خلال الاداء فأصبحت السيدة المديرة تقاد من قبل المعاون وفقا لمشيئته وتذهب الى وزارة المالية ويستعصي عليها حتى دخول تلك الوزارة وتعود من الباب دون ان تعمل شيء ثم اصبحت فيما بعد عضو في مجلس النواب ثم عين (سمو) مديرا للحسابات وسمو هذا وباختصار القول خلوا من كل شيء وابعد ما يكون عن المهمة التي اوكلت له ولان ادارة المحافظة مربكة وفيها الكثير ممن يعملون على خلاف متطلبات الصالح العام وتجري الامور وفق تجمعات وتكتلات تتمحور حول هذا المسؤول او ذاك فخول سمو صلاحيات واسعة في الصرف والتصرف لم يألفها أحد فأصبح الكثير من الموظفين تحت رحمته من حيث احتساب حقوقهم الشهرية في المكافأة او تعديل الراتب فتراه في الممر يسير مشمرا بيديه يمنة ويسرة وقد رد على احد الموظفين الذي حاججه ... ان المحافظ وافق لي بثلاث مائة الف دينار لما تنزلها الى خمسون الفا فيرد عليه سمو اذهب مشيرا الى غرفة أمين الصندوق واستلم مائة وخمسون الفا وقام المسكين مدير الخدمات وبالاستعانة بمهندس ميكانيكي معين بموجب عقد بإقامة ورشة لتصليح سيارات المحافظة وكان ذلك المهندس ماهرا جدا واختصر مبالغ كبيرة للمحافظة في تصليح سياراتها واعتبارا من العطل الطارئ الى تجفيت محرك السيارة والذي قد يصل في الحي الصناعي الى ثلاثة ملايين دينار في حين لا يتجاوز تجفيتها في تلك الورشة لأكثر من قطع الغيار فنقل ذلك المدير خارج المحافظة والغيت تلك الورشة حيث اعتاد سمو ان يرسل كافة السيارات الى مصلح معلوم ومتفق معه في الحي الصناعي واذا كانت كلفة التصليح بمائة الف دينار مثلا فستصبح خمسمائة الف دينار في الوصولات ويقول احد السواق ذهب معي موظف ليوصلني لذلك المصلح فقال المصلح لم ارى هذه السيارة فيما مضى فرد عليه السائق لم تحتاج الى اي تصليح ... انك تتحمل عدم جلبها يقول السيد المصلح ... لما اجلبها اذا ما كنت انا اتلافى عوارضها ... الاوامر تتضمن ذلك يقول المصلح فيالها من اوامر وتجد رئيس لجنة المشتريات الذي يعين خلال ستة اشهر وبانتهائها قد اشترى سيارة حديثة وشيد بيتا جديدا ويتم اختيار رؤساء اللجان بموجب اتفاق وتصرف المليارات بمشاريع ما يسمونها بشراء السيارات ومن لدية حضوة لدى السيد سمو فيكون قد اغدقت عليه المخصصات ورئاسة اللجان والسيارة الحديثة للركوب حتى وان كان بيته بجوار بناية المحافظة فهي تستخدم للأغراض الشخصية وتنقل عائلته ويتسائل الموظفين عن سبب مجريات الامور بهذا الشكل فهم لم يستطيعوا ان يصلوا الى السيد المحافظ الا من خلال كبير موظفي الديوان ومن يكن غير منسجم مع السيد سمو قد لا يحظى مطلقا برضا حاجب السيد المحافظ ومراجعي السيد سمو يقتصرون على المقاولين واصحاب المصالح والذين يجيدون التنسيق ويشيع السيد سمو بانه انظم الى حزب الدعوى وواضح جدا يروم ان يتستر خلف ذلك الحزب فمن يسلك هكذا طرق لا تعتقد انه يوما ما يصبح من ذوي المثل والمبادئ مع انك تشاهد فعلا من بعض القادة بتلك الاحزاب ماسكا وريقته وجالسا يلتمس السيد سمو بصرف هذا المبلغ كراتب لموظف او مخصصات لأخر وعندما تتمعن في الامور تشاهد ما هو اغرب حتى من الخيال فأثاث جديدة تنقل الى المخزن وتباع باعتبارها مستهلكه ويتم شراء بديلا لها بكلف تصل الى المليارات وموادا تشترى من قبل اللجان بسعر يكون مضاعفا ولمرات عدة من سعرها الحقيقي واستجمع السيد سمو من حولة اسوء الموظفين من ذوي الماضي المشبوه بالفساد ليوزعوا على شعب الحسابات ولم يمضي على اي منهم اشهر حتى ترى وضعهم قد اختلف كليا في اقتناء السيارة الحديثة اضافة للسيارة الحكومية لتنقلهم مع ان بعض خدمة هؤلاء لا تتجاوز اصابع اليد من السنين والمواطن يتسأل ما الذي يجعل الامور تسير بهذا الشكل والجواب ليس بالأمر العسير بنظرنا حيث يفتقد اي معيار يتم من خلاله اختيار الموظفين للمهام وانما يحصل توليهم من خلال استعدادهم لأبداء خدماتهم وفقا لرغبة رؤسائهم وكلما كان ذلك الموظف مرنا بأداء ما يرغبه الرئيس الوظيفي له استطاع ان يتسلق وحيث ان بعض رؤساء الاقسام والمعاونون يكونون مرتكزا لاختيار امثال سمو مع ان الكثير من هؤلاء تم اكتشافه منذ البدء وبقي مستمرا يمارس سبل التخريب ففي بداية عام 2004 خصص مبلغ ثمانين مليار دولار امريكي لمجاري المحافظة وضاع ذلك المبلغ بفعل عدم قيام احد اعضاء لجنة احالة ذلك المشروع بالتوقيع على قرار الاحالة وكان تأخره متعمدا فضاع ذلك المبلغ وحرمت منه المحافظة مع انه يشكل ضعف ما خصص للمحافظة خلال ذلك العام حيث كانت تخصيصاتها بحدود (60) مليون دولار امريكي وعندما تسأل ذلك الموظف لما لم يوقع قرار الاحالة فيجيبك دون مواربة (انهم يسموننا بأزلام النظام السابق) ومثل هذا القول اعترافا صريحا حيث اعطيت مبلغ (80) مليون دولار الى محافظة اخرى بسبب ذلك الموظف وانه لأمر محير حقا وتسأل مرة اخرى لم تكون ايلولة الامور بهذا الشكل ويجيبك ماهر بقولة الفساد له مقومات فهو كالمرض ينتقل بالعدوى اذا ما وجد محيطا ملائما كضعف الرئيس الوظيفي وضئالة الخوف من القانون وضعف الرقابة الشعبية وتأثر القيم الاجتماعية فسمو هذا اصبح من موظف صغير لا يعرفه اي احد واخيرا اصبح يحيط به فقط المقاولين والسماسرة والمتنفذين والموظفين السيئين واصبح يناصب العداء لكل من لا يلتقي معه في مسلكة كما اخذ يكون له مصدات تقية الرياح وبشكل فني مكونا ذلك من شخصية حزبية او عشائرية او اعضو في مجلس المحافظة ومما زاد في الطين بلة ضئالة تأثير اجهزة الدولة الرقابية حيث تكاد ان تكون معدومة وقد اتقن سمو الاتصال والتنسيق بدوائر تلك الرقابة كالرقابة المالية التي اصبح ينسق معها وعندما تفتقده تجده جالسا في تلك الدائرة اما النزاهة فلا تعرف من امرة شيء ولا تريد ان تعرف عن ذلك ومكاتب المفتشين العموميين في المحافظة فقسم منها وجوده يثير السخرية حيث ان وزارة البلديات عند بدء التغيير الغت شركات التنفيذ المباشر لكثرة الفساد فيها وتولى مدراء تلك الشركات مهمة مدراء دوائر التفتيش في المحافظات وهكذا يكون الامر كمن يستجير من الرمضاء بالناري ومما يثير السخرية ايضا ان هؤلاء اللصوص عندما يعين محافظا جديدا تراهم يسارعون وبكل ما اتووا من جهد لتمشية مختلف اساليب الاختلاس ويدفع بعضهم البعض قائلا (اسرع في عملك قبل ان يتسع اطلاع السيد المحافظ الجديد خشية قطع السبل علينا بعد سعة اطلاعه) ويقول ماهر ان الرادع الاول هو تعديل قانون المحافظات بإعطاء صلاحية لمجلس الوزراء لتشكيل اللجان التي تجري التحقيق والرقابة بناء على شكوى او بشكل دوري حول ما يرد الى المجلس من اقتراف جرائم بعينها كالتلاعب بالمال العام وكافة سبل التخريب الاقتصادي المتمثل بالمشاريع الفاشلة والتي يقصد بها مجرد ابواب للصرف فقط ويقول ماهر ايضا ان السيد رئيس الوزراء مخول بتعيين المستشارين وممكن ان يكون له ثلاث مستشارين في كل محافظة توزع عليهم مختلف المهام المعطاة لدوائر الوزرات المركزية العاملة في المحافظة ويمارس اولئك المستشارين اعمالهم بناء على توجيه مجلس الوزراء وان لا تكون لهم اي صلة بالحكومة المحلية والقيام برفع التقارير الدورية او الطارئة للأمانة العامة حول مقترحات المشاريع وكيفية تنفيذها والملاحظات على المتلكئ منها .