مرشحوا ألمجالس بين الطموح الشرعي والفساد المستشري/سليم صالح الربيعي

Sat, 6 Apr 2013 الساعة : 23:44

مره ثالثه تخوض المحافظات العراقيه انتخابات مجالسها منذ التغيير التاريخي في النظام السياسي العراقي الذي بدأ بعد (نيسان 2003) في ظل ظروف بالغة التعقيد ، والهادف إلى السير بالبلاد نحو الديمقراطيه . واللافت للنظر أن تاريخ المحافاظات العراقيه لم يشهد انتخابات محليه حتى الانتخابات الاولى التي جرت في (كانون الثاني 2005)، والتي كانت انتخابات ثلاثيه في آن واحد :مجالس المحافظات العراقيه ، السلطه التشريعيه الاتحاديه ( الجمعيه الوطنيه) ،والسلطه التشريعيه في اقليم كردستان العراق ( المجلس الوطني) ،وقبل ذلك كانت المحافظات العراقيه تدار بمركزيه ازدادت شدة مع الزمن . فالسلطه العليا في المحافظات العراقيه كانت محصوره بيد الشخص التنفيذي الاول في المحافظه ( اللواء سابقا) . والذي يعرف ب( المحافظ /المتصرف سابقا )، والمعين من قبل وزير الداخليه . واذا كان (متصرفوا اللألويه ) في أغلب الأحيان من المدنيين في العهد الملكي ،فان غالبيتهم كان من العسكريين بعد استيلاء العسكرعلى السلطه في البلاد في ( تموز1958) ، ودخول العهد الجمهوري/ العسكري .والللآفت للنظر ايضاً أنه كان من النادر أن يكون المحافظ من ابناء المحافظه ذاتها ومن النادر جداً أن لايكون عضواً بارزاً في الحزب الحاكم في العراق بعد أنقلاب تموز(1968) المأشؤم . وبعد الانتفاضه الشعبانيه عام 1991 ، أنسلخت المحافظات الشماليه الثلاث ، ذات الاغلبيه الكرديه ( السليمانيه ،أربيل،ودهوك) عن هيمنة السلطه المركزيه . في حين وضعت باقي محافظات البلاد ،لاسيما الجنوبيه منها ، تحت إدارة محافظين من ذوي الرتب العاليه في المؤسسات الأمنيه والعسكريه .من جانب أدت سياسات النظام السابق ،لاسيما منذ العام (1980)وما بعده ، إلى أن تدخل المحافظات العراقيه في عالم التخلف وفي مقدمته التخلف الحضري المقصود والممنهج . فحروب ثلاث وحصار إقتصادي وتصفية الكفاءات وهجرتها، عوامل ساهمت الى حد كبير في أن لاتتوقف عجلة التنميه في تلك المحافظات فحسب ، بل إلى دوران رحى عجلات التخلف فيها أيضا .. وفي ظل هذا الواقع ، جاءت إعادة العراق إلى عهد مدني وطني عبر أداة عسكريه أجنبيه ، مثلما أن الفوضى السياسيه والقانونيه والاداريه الشامله التي عمت البلاد قد ألقت بظلالها على المحافظات العراقيه ، لاسيما فيما يتعلق بالجانب الاداري فيها . ولاول مره في تاريخها، قامت المحافظات العراقيه بأدارة شؤونها بنفسها ،ومن خلال أبنائها ، ولكن ليس وفق صيغه قانونيه أو أداريه وطنيه شامله ، بل وفقاً لظروف كل محافظه على حده . ودون إمكانية اغفال الدور الامريكي في ذلك عبر تسليم هذه المحافظه الذلك الكيان أو تعيين تلك الشخصيه على رأس تلك المحافظه. حتى جأت الانتخابات العراقيه الاولى لتفرز واقعاً جديداً في تاريخ المحافظات العراقيه تمثل في أنتخاب أبنائها لإدارتها ، وعلى وفق قانون وطني واحد.وبعد سنين مرة بانتخابات ثانيه واليوم نحو انتخابات ثالثه ، يكمن جانب من أهمية تلك الانتخابات في أن الفائز فيها سيكون هو الماسك للارض هناك . وستكون نتائجها بمثابة تقييم شعبي للقوى التي أدارتها على مدى السنين الأربع المنصرمه ، مثلما ستحدد الوزن الجماهري الحقيقي للقوى السياسيه العراقيه . ويمكن القول أيضاً ، أنه في ضوء نتأئجها سترسم خالرطة السلطه السياسيه في عراق يقدم على انتخابات برلمانيه في العام المقبل وينبثق عنها حكومه جديده . لقد عانت المحافظات العراقيه، وبنسب متفاوته، من مشكلات عده ألقت بظلالها على واقعها ،ومن ثم قد تنعكس بشكل أو بآخر على السلوك الانتخابي للمواطن وللعل أبرز تلك المشكلات . أولاً.المشكلات الموروثه من النظام السابق والمتمثله بحجم الخراب العمراني الكبير ، وهوة التخلف الواسعه، وقلة الكفاءات اللازمه .يضاف إليها ضعف الخدمات الأساسيه على مستوى البلاد ككل،لاسيمافيما يخص مجال الطاقه .ومع أن عمليه معالجة تلك المشكلات تتطلب وقتاً ليس بالقصير ، وجهداً ليس باليسير،إلاأن حدود أحتمال وصبر المواطن على مايبدو ـ غدت محدوده هي الاخرى. ثانيا الفساد المالي والاداري المستشري في أغلب المحافظات والتعطيل في تنفيذ المشاريع والذي لايمكن أنكاره ولا أنكار أنعكاساته السلبيه وتأثيره المباشر وغير المباشر على مجمل حياة المواطن الناخب ككل .ثالثاً أعمال العنف والارهاب. فقد ساعدت نشاطات المجاميع الارهابيه والخارجه عن القانون على تهديد الأمن الشخصي للمواطن ،ناهيك عن إعاقتها لمسار الإعمار والتنميه في المحافظات التي طالتها . دون إغفال ذكر أن محافظي العديد من المحافظات قد لقوا مصرعهم أغتيالاً . في حين تعرض محافظون اخرون إلى محاولات أغتيال فاشله وأن محافظات أخرى كألانبار وديالى ونينوى فضلاً عن العاصمه بغداد . ظلت ردحاً من الزمن مسرحاًللعمليات الارهابيه واعمال تخريبيه من الخارجين عن القانون واللذين يتفذون أجنده صهيونيه طائفيه أقليميه . رابعاً التداخل في الصلاحيات والسلطات بين الحكومه الاتحاديه والحكومات المحليه.فالانتقال السريع من المركزيه الشديده،والمرحله الانتقاليه التي مرت بها البلاد، أدت إلى نمط من انماط العلاقه غير الواضحه بين أختصاصات وصلاحيات الحكومه الاتحاديه والحكومات المحليه في مجالات عده.يضاف إلى ذلك أنعدام وجود القوانين الوطنيه التي تنظم تلك العلاقه أحيانا، أوانعدام الالتزام بماهو موجود منها من جانب أحد الأطراف أحياناً أخرى. كذلك التداخل بين ماهو تشريعي وما هو تنفيذي. فمجالس المحافظات العراقيه المنتخبه لم يحدد دورها وصلاحياتها كمجالس تشريعيه أو تنفيذيه أوحتى رقابيه ،وانقسمت الآراء وتباينت الاجتهادات بهذا الصدد.مما أدى في المحصله إلى إرباك في عملها.وايضا مشكلةُ اخرى هي كثرة الكيانات السياسيه في مجالس المحافظات حيث تعاني المحافظات العراقيه من التعدديه المفرطه في كثرة الكيانات والأئتلافات السياسيه المنضويه انتخاباً في أطارمجالسها ،مما سينعكس سلباً على اتخاذ القرار فيها. مشكلات اخرى ذات علاقه باهمية المحافظه. فبعض المحافظات ترى ان أهميتها تفوق ما مخصص لها في الميزانيه الاتحاديه التي تاخذ العامل السكاني كمعيارفي تحديد حصة المحافظه من الميزانيه وفقاً لعدد سكانها ـ فالبصره ـ على سبيل المثال ترى ان أهميتها الاقتصاديه ،وحدها من اهم مراكز الثروه الاقتصاديه للبلاد، وتتحمل عبء الصناعه النفطيه ،ومن خلالها تطل البلاد على البحر ،لايتناسب وحصتها من الميزانيه الاتحاديه، والتي يفترض ان تاخذ ذلك بعين الاعتبار . وكذا الحال مع كربلاء المقدسه التي تكتسب أهميتها من كونها مركزناً دينياً كبيراً يجتذب الملايين من الزائرين سنوياً ،مع مايعنيه ذلك من أستهلاك لخدمات مخصصه أصلاً لأبناء المدينه على وفق نسبتهم السكانيه ،والتي تعد من النسب الدنيا مقارنةً بالمحافظات العراقيه الاخرى.من هنا كانت تلك المشكلات أكبر من مستوى النجاح النسبي الذي حققته بعض مجالس المحافظات خلال مدة ولايتها، ومن ثم كان أداؤها على نحو عام دون مستوى الطموح اللافي محافظة ميسان فكل الشكر للمحافظ ولمجلس المحافظه الذي آزرهُ في عمله وكان هاجسهم الاخلاص لابناء محافظتهم ..

Share |