بصرة الخير ../اسراء الفكيكي
Fri, 5 Apr 2013 الساعة : 23:34

افتقدها منذ اخر مطر شديد هطل على بغداد، جارتي الطيبة، كان اخر لقاء بيني وبينها مفعم بالنقاش الطويل حينها بذلت جهودا كبيرا وحثيثة لاقناعها بنعمة المطر،، تتذكرون ما حدث لي معها في ذلك السيناريو ، اين كنتي يا خالتي؟ سالتها فاجابت: في البصرة يا بنيتي. كنت ضيفة على ابنتي التي تسكن احدى مناطق الحيانية. مازحتها بالقول: لابد انك هربتي من برد بغداد القارس في الشتاء ولذتي باجواء البصرة المعتدلة. اجابتني بضحك: " يمه شته؟؟ هه يا شته؟؟" استغربت هذا النمط في الكلام من جارتي التي عهدتها جدية اكثر مما هي مازحة. كيف يا خالة؟ سالتها فاجابت: " يا خاله اهل البصرة لاصيف صيف ولا شتاهم شته". وضعت حقيبتي ارضا، نظرت الى ساعتي، مازال هناك في الوقت متسع للاستماع الى هذه المآسي التي تتحدث عنها جارتي بمرارة. هي تعلم ان مهنتي الصحافة. والصحافة طابعها الفضول، وهنا وجدت نفسي مستمعة لها كما التلميذ يصغي لاستاذه. تنهدت بمرارة:- " يا خاله الحيانية حالهه حال باقي الاقضية والنواحي.. ظيم بظيم" وهنا انطلقت في الحديث عن واقع الكهرباء وكابوس الصيف القائض الذي سيحل على اهل البصرة واقعا مزريا ومؤلما. ولم تقف خالتي عن المرور بازمة الماء المالح وشراء الماء المحلّى مرور الكرام. اما حديثها عن الطرق غير المعبدة والقرى المنسية والواقع البلدي فكان ذو شجون. عن المدارس والمستشفيات سالتها. عن جيوش العاطلين والمتسولين. عن زوج ابنتها المعوق جراء احدى الحروب الصدامية الظالمة. صدّعت راسها باسئلتي التي لاتنتهي. واخيرا اردت ان اسالها عن ازقة البصرة وحاراتها المتعبة وبيوتها المتهرئة لكني تراجعت بعد ان لمست في داخلها موجة من الاحباط والتعب. سالتها اخيرا:- طيب اذا زففت لك بشرى بقرب انتهاء كل هذه المآسي؟ قالت بتعجب:"شلون يمه". وعدتها ان احل الليلة برفقة امي ضيفة عليها لاشرح لها بطريقتها الشعبية المألوفة، بالطريقة التي تفهما عن برنامج ائتلاف المواطن في انقاذ اهل البصرة من هذا الشبح الخدمي والحرمان المعيشي. على الرحب والسعة قالت،، ثم انصرفت.