الصحة وغياب الرعاية الطبية لشريحة قصار القامة /الحسن علي الرفاعي

Fri, 5 Apr 2013 الساعة : 23:27

هي من المواضيع التي حظت بإهتمام خاص من قبل المختصيين بعلم الإنسان ( الانثروبولوجيا ) وعلم النفس ( السايوكولوجيا ) . بعض الانثروبولوجيين أهتم بدراساتهم وبحوثهم في الأنماط البدائية والأولية للطب البشري من الجانب الوقائي والعلاجي والكشفي فقط . في حين أهتم الباقين منهم بالدراسات والبحوث عن التأثيرات وعمليات التحديث والتحضير والتنمية على الواقع الصحي للجماعات والشعوب .

هناك إجراءات مبدئية في مجال الطب الحديث للكشف عن قصر القامة في عمر مبكر من حياة الطفل بعدما كان يكتشف في عمر (6) سنوات من عمر الطفل أو أكثر . واليوم وبفضل الله سبحانه وتعالى وتطور العلم ، ووجود أجهزة الكشف الحديثة كالسونار وغيره . يشخص قصر القامة عند الأطفال منذ الأشهر الأولى من عمره .

من الجهة الأخرى ينبغي الانتباه الى ملاحظات ( المصلحين الوراثيين ) Eugenists الشديدة التفاؤل بصدد إمكانية السيطرة على المستقبل الوراثي للإنسان نتيجة لتطور علم الوراثة . وقد اعتقد المختصين في هذا المجال حذف ( المورثات الرديئة ) وتشجيع ازدهار ( المورثات الجيدة ) ممايؤدي في النهاية الى تحسين النوع الإنساني في العالم . غير ان هذا الاتجاه يثير الكثير من التساؤلات والتحفظات . ومن أبرز مشكلاته ان أنصاره يضعون أسساً أو معايير موضوعية لتحديد ( الجودة والرداءة ) بالنسبة للصفات الوراثية . علماً بأن السمات الوراثية من حيث ملائمتها أو عدم ملائمتها تتوقف على كثير من الاعتبارات النسبية وفي مقدمتها ظروف المحيط الطبيعي الذي يعيش فيه ، ولهذا فان الأرض تمنح عدداً كبيراً من الأصناف الطبيعية ( Physicel Types ) ( علم الإنسان الطبيعي : ص: 233_234 ) .

نرغب بوجود مراكز صحية وأقسام بحثية داخل المستشفيات العراقية ، تهتم بالشؤون الطبية لقصار القامة ، كأقسام متابعة نمو الأطفال قصار القامة ، والأمراض الخاصة التي تصيب قصار القامة كإنشاء غرف عمليات جراحية خاصة بتلك الشريحة ، كغرف العمليات الكبرى والصغرى ، وخصوصاً التي تهتم بتجميل العظام وغيرها . نتمنى ان تأسس مراكز بحثية علمية تهتم بالدراسات الخاصة بشريحة قصار القامة من خلال تقديم البحوث العلمية التطويرية التي تساعد قصار القامة . من خلال الوقوف على أهم الأمراض التي يتعرضون لها أو من المحتمل تعرضهم لها وأبسط الطرق للوقاية منها ، وكيفية علاجها دون حدوث أي ضرر يذكر .

كما ونهيب بالسيد وزير الصحة والسادة المدراء العامين للأقسام الصحية والسادة الأطباء والاختصاصات التي لها شأن بقصر القامة ، كالهندسة الوراثية وعلم الجينات وتخصص الغدد والهرمونات وما يخصها للمساعدة بتقديم المعلومات الطبية العلمية التي تخدم العاملين في مجال قصر القامة ولما لها من أهمية لقصير القامة ولعائلته ، كتعريف بقصر القامة وأسبابه وأنواعه وعلاجه ، وذلك لمساعدتهم على فهم الحالة النفسية والصحية لتلك الشريحة .

من المفرح ان نرى في باقي الدول ومنها الدول العربية وتحديداً دول الخليج ، ما أعطوه لشريحة قصار القامة من امتيازات على اعتبارها فئة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة في كافة المجالات وفي مقدمتها التربوية والصحية والاجتماعية ، اذ بادرت تلك الدول بفتح مكاتب خاصة تابعة لمختلف وزارات الدولة في الدوائر الحكومية ؛ لتسهيل معاملات ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة واخذ طلباتهم على محمل الجد والمضي بها .
نصت المادة الخامسة والعشرون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الفقرة (1) ما يأتي : ( لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته . ويتضمن ذلك التغذية والملبس والعناية الطبية ، وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة . وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته ) ( ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ) الذي نشر في العالم بقرار الجمعية العامة رقم (217) ألف ( د_3 ) ) .

فعلى الدولة توفير الخدمات الطبية التشخيصية والعلاجية والتأهيلية الشاملة لشريحة قصار القامة من خلال إنشاء المراكز الصحية المختصة بهذا الموضوع ، واستحداث قسم طبي في كل مستشفى عام في محافظات العراق . وتوفير واستيراد الأجهزة والمواد التشخيصية والكشفية والعلاجية والوقائية الخاصة بقصر القامة ، وتطوير سبل عمل البرامج الخدمية العلمية والصحية المهتمة بشؤون قصار القامة .

أملنا بالله كبير في ان يتمكن العلم الحديث بواسطة خبراء الجينات والهرمونات وعلماء الهندسة الوراثية من الحد من هذا الجيثوم ، فهناك محاولات جادة وتجارب علمية نجحت عملياً في كثير من الأحيان وتعدت مرحلة النظرية بما جاءت به نظريات الطب الحديث في هذا المجال ، كان ومايزال الهدف منها السيطرة على الهرمون المسبب لقصر القامة من خلال التحكم بالغدد المنتجة له بشكل كلي أو جزئي نستنتج ان قصر القامة مرض وراثي غير مكتسب لايخضع للعوامل والظروف الاصطناعية كما يظن البعض ماعدا بعض الظروف البيئية والتي سبق الكلام عنها في موضوعي النمو وقصر القامة .

أوصي الأخوة رؤساء وأعضاء جمعيات قصار القامة في العراق بعمل دورات ورشات عمل دورية للكوادر الشبابية بمختلف الأعمار ومن كلا الجنسين ؛ لتدريبهم وتهيأتهم في مجال الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وقصر القامة على وجه الخصوص ؛ للاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية سواء في مجال الطب والصحة والعلوم التقنية الحديثة .

أوصي أخوتي العاملين في وزارة الصحة بنشر مبادئ وأسس التوعية والتثقيف الصحي في مجال معاملة ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة ، من خلال التعريف بماهية قصر القامة ، وأسبابه ، وأنواعه وكيفية التعرف عليه عند الأطفال ، والكشف عنه في وقت مبكر ، وعلى الجهات المعنية في الدولة ( وزارة الصحة ) تأمين كافة الأجهزة الحديثة والوسائل الكفيلة ؛ لمعرفة قصر القامة ، ومعالجته قبل فوات الأوان ، وذلك بالتدخل العلمي الحديث من قبل ذوي الاختصاص من علماء النمو البشري كالعلم بالجينات والهرمونات والهندسة الوراثية . قد أعجبت بما نصت عليه النقطة (5) في العقد العربي لذوي الاحتياجات الخاصة 2004_2013 ، فيما جاء بخصوص الصحة : ( تضمين الخطط الدراسية في كليات الطب والمعاهد الصحية المتخصصة المواد التعليمية التي تمكن الخريجين من تشخيص الإعاقة ، وخاصة الإعاقات النمائية ) ( ص: 5 ) .

نصت المادة (25) من الاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري فيما يخص مجال الصحة : ( ب_ توفير ما يحتاج إليه الأشخاص ذوو الإعاقة تحديداً بسبب إعاقتهم من خدمات صحية تشمل الكشف المبكر والتدخل عند الاقتضاء ، وخدمات تهدف الى التقليل الى أدنى حد من الإعاقات ومنع حدوث المزيد منها ، على أن يشمل ذلك الأطفال وكبار السن ) ( اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، ص: 29 _ 30 ) . فللأشخاص ذوي الإعاقة الحق في التمتع بأعلى مستويات الصحة دون تمييز على أساس الإعاقة وتوفير رعاية وبرامج صحية مجانية أو معقولة التكلفة للأشخاص ذوي الإعاقة ، بما فيها خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وبرامج الصحة العامة للسكان .

الحسن علي عبد الرحمن الرفاعي
الأمين العام لجمعية قصير العراقية
رئيس تجمع قصار القامة في ذي قار 

الصحة وغياب الرعاية الطبية لشريحة قصار القامة /الحسن علي الرفاعي
Share |