أطفال العراق الجديد/دلال محمود

Thu, 4 Apr 2013 الساعة : 0:43

الطفل هو الكائن الانساني الذي يتميز عن الانسان البالغ بالبراءة غير المصطنعة , وتمتاز تصرفاته بالعفوية الصادقة.
والشارع هو المكان الذي يمر به الناس جميعاً سواء في الذهاب الى اماكن العمل او الدراسة او التسوق او التنزه , ويحوي مختلف الفئات العمرية ومن جميع الطبقات الراقية منها والمتوسطة والدنيا , وهو لايصلح ان يتخذه الانسان السوي مكاناً للاقامة فيه, فمن المعروف ان الشارع لايُربي ولايوجَّه, بل يعلم الطرق الملتوية وغير الصحيحة في التعامل اليومي,والتي يعتبرها بعض الافراد نوع من انواع الشطارة بينما هي طريقة مخادعة مملوءة بالكذب والرياء.
الشارع يحرف الكثير من الافراد ,لأنه يجعله يلتقي بمختلف النفوس والشخصيات التي قد تؤثر سلبياً على اخلاقه.
في فترة ماقبل الاحتلال الاميركي اللعين( فترة الحصار الغاشم) انتشرت ظاهرة المتسولين بشكل كبير , حتى انه اخذت القناة الرسمية العراقية وكان وقتها (قناة الشباب) على عاتقها مسؤؤلية اجراء اللقاء والحوار مع بعض المتسولين(الشحاذين) واذكر ان مقدم البرنامج سأل احد المتسولين, مامقدار دخلك اليومي؟ فاجابه 50 الف دينار فأندهش المقدم ليعيد عليه السؤال .
في اليوم؟ ام في الشهر؟ فأنقطع اللقاء, بقصد وبتعمد حيث ان المخرج التفت للامر وعالجه خشية ان يسلكه الاخرون باعتباره مصدر كبير للربح وسهل ,ولايحتاج الى جهد سوى. ان ترفع نقطة الحياء التي تعلو الجبين والتي يستسهلها البعض رغم ان زوالها يعني فقدان الانسان لكل قيمة عليا..
بعد الاحتلال الاميركي اللعين أزدادت تلك الظاهرة بشكل اكبر مما كانت عليه سابقاً, واضحت شوارع بغداد عبارة عن تجمعات من الشحاذين بمختلف الفئات العمرية , لكن الأطفال والعجائز اصبحا في رأس القائمة..
لدرجة بات يتطلب ممن لديه معاملة تستدعيه ان يراجع يوميا الدوائر الرسمية ان يخصص راتباً معيناً للذين سيلتقيهم عبر طريقه لمجموعة المتسولين.
مهما اقسمت الا تعطي الشحاذ في قرارة نفسك بحجة انه يجب عليه ان يعمل ويعيل افراد عائلته فأنك ,سرعان ماتجد نفسك ضعيفاً امام توسلاتهم التي تجبرك الا تشك ابداً في عوزهم , ومن ثم تبدأ انت بخلق الاعذار لهم ,على سبيل المثال ( كيف لهم ان يحصلوا على عمل في هذا الصخب والعراك اليومي والنمط الجديد في الحياة والذي لاتستطيع ان تحصل فيه على عمل الا عن طريق دفع الرشاوي الضخمة؟) وتلك هي باتت حقيقة دامغة أكثر من كونها عذراً لهم لكي يتسولوا ويشخذوا..
من هنا بات من الواجب على المعنيين ان يضعوا حداَ لتلك الظاهرة التي بدأت تستفحل بشكل مريب والتي شوهت جمال مدينة بغداد , حيث صارت بغداد الحبيبة تغوص باطفال يرتدون ملابس رثة ومتهرئة وكأنهم يعيشون في العصور المظلمة ولم يكونوا قد ولدوا من هذا العراق العريق ومن ابوين عراقيين ولكن بسبب عمليات التفجير المستمرة وبفقدانهم ذويهم من جراء الوضع الامني غير المستقر في العراق وجدوا انفسهم في الشارع بلا حماية اجتماعية ولاضمانات انسانية تنتشلهم من هذا الوضع المزري..
سؤالي للذين اقسموا يمين الولاء والطاعة في ان يحفظوا ارواح وحقوق المواطنين , مَنْ هم الأحق بتلك الاموال التي تتبرمكون وتتبرعون بها ؟ أطفالنا وشيوخنا ونساؤنا؟
ام اطفال ونساء وشيوخ دولا اخرى ارى شعوبها ,ليست بعوز كعوز اطفالنا وشيوخنا ونسائنا؟
برِّوا ياحماة الدار بشعبكم , كي يبِّر الله لهم بذريتكم

Share |