الثقافة والإعلام التجاري بحق شريحة قصار القامة /الحسن علي الرفاعي

Mon, 1 Apr 2013 الساعة : 0:32

لقد مثل السادة المؤلفين منذ القدم الإعلام على انه جسر وسيط تعبر عليه واليه وسائط نقل مختلفة ولايشترط فيمن ينظم عملية النقل ان يقود كل وسائط النقل بنفسه ( ينظر : إدارة العقل البشري الجديد _ رؤية إسلامية _ دراسة مقارنة ، تأليف : بشير شريف البرغوثي ، الناشر : دار زهران ، ط: 2000 : ص: هوامش : 202 _ 203 ) .

صورت وسائل الإعلام في كثير من الأحيان وفي مختلف البلدان شخصيات قصار القامة على أنها اقل قدراً وشأنناً من نظيراتها من الفئات الأخرى . حيث تعاملت معهم بمنظورين وبشكل غير عادل . نرغب ان يكون الإعلام واجه ثقافية لقصار القامة ، للتعريف بأهم الجمعيات والمنظمات المهتمة بشؤونهم وبيان أهدافها والغاية من تأسيسها ، وإبراز تاريخ تأسيسها ، ومحل تواجد مقراتها ، وان تنشر نشاطاتها ومنجزاتها ، وابرز شخوصها والمدافعين عن حقوق تلك الشريحة .
فضلاً عن الضغوطات التي سبقت والتي يواجهها قصار القامة ، أضيف عبء جديد وهو الإعلام تواجه شريحة قصار القامة ضغوطات من قبل الإعلام التجاري ، والذي يحاول ان يشوه صورة قصير القامة بإستخدامه كمادة هزلية . لقد رسمت الأفلام الفكاهية صورة مشوهة المعالم عن قصار القامة ، فرسمت فكرة في أذهان المجتمع ان القصير عبارة عن خرافة ، وان وجد فهو مادة هزلية لابد وان تستخدم في مواقع الفكاه والسخرية . هذه الفكرة لم تعد مقبولة بعد وجود المنظمات والجمعيات المدافعة عن شؤون قصير القامة . في حقيقة الأمر اثبت قصير القامة انه إنسان حاله في ذلك حال غيره ، من خلال تبوء الكثير منهم المراتب والمناصب القيمة والرفيعة في المجال التعليمي والإداري والاجتماعي وغيره ، فقد شاركوا في بناء المجتمع مشاركة فاعلة من حيث إثبات نظيرة ( الإنسان جوهر لا مظهر ) . وما الغريب في ان يكون قصير القامة : طبيب أو مهندس أو مدرس أو موظف حكومي أو صاحب شركة .

قصير القامة ولصغر حجمه يكون في اغلب الأوقات محلاً لسخرية بيئته ومجتمعه الجاهل . فيتولد شعور في نفسه ينتج عنه شخص يغلب عليه الحرج والحزن بصورة دائمة . مما ينتج في حالات مختلفة متماثلة حب الانعزال والانطواء لما فيه من راحة البعد عن نظرة الاستغراب أو التمعن غير اللائق بطريقة عدائية ، في بعض المواقف يكون شعوره عدائي حتى يدفع عنه شر المقابل السخيف فيكون جل همه كيفية الانتقام بسبب عمل عدائي أو همجي من إنسان بعيد عن الإنسانية ، ان كل هذه النقاط تضاف الى محددات وسائل الإعلام في دائرة الحقيقة ، فكما انه لاوجود للحقيقة في مجال الإدراك ، كذلك الحال في وسائل الإعلام في منظور قصير القامة المستضعف والمغلوب على أمره ( سيكولوجية ذوي العاهات والمرضى : ص : 41 _ 42 )

على الإعلام ان يدعوا متابعيه بمختلف السبل ( المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة ) بالتوقف عن معاملة قصار القامة كأدوات هزلية أو كما يشبههم البعض على أنهم جزء من مقطع مسرحي ساخر أو كعرض سيرك ، فقد حول الإعلام الأوربي تلك النظرية الى واقع ملموس ، حيث عملت البرامج التنموية من على شاشات التلفزيون الأمريكي في التغلب على الحواجز الاجتماعية والعرفية ، وذلك من خلال عرض بعض البرامج والأفلام والمسلسلات التي أظهرت شخصيات قصار القامة ، وهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي كبشر عاديين حيث تكفلت جمعية تطلق على نفسها تسمية ( جمعية قصار الناس في أمريكا ) ( ليتيل بيوبل أوف أمريكا ) يبلغ عدد أعضاء هذه الجمعية في موقعها الالكتروني والمتمثل بشبكة المعلومات الالكترونية الانترنت حوالي ( 6000 ) عضو . كما وأنها نجحت في إقرار قانون يدين رسمياً الألفاظ التي يرون انها تحط من شان هذه الشريحة . أخذت هذه الجهة الإنسانية على عاتقها نشر الكثير من البرامج الإعلامية مثل ( أناس قصار وعالم كبير ) و ( زوجات قصيرات ) .

يقول المتحدث بأسم جمعية الناس قصار القامة في أمريكا ( ليتيل بيوبل أوف أمريكا ) ( جاري أرنولد ) الى وكالة ( رويترز ) : (( نحاول منذ عقود نشر الوعي حول العالم ومنع استخدام هذه الألفاظ لكن كانت هذه هي المرة الأولى التي تتخذ موقفاً رسمياً )) . ويضيف فيقول : (( هنالك تغيير بطيء يحدث فهناك الكثير من البرامج التلفزيونية الان تضم أشخاصاً قصار القامة بشكل كبير وتبعث هذه البرامج رسالة مفادها أن هؤلاء الأشخاص هم مجرد أشخاص عاديين مصابين بالتقزم )) .

مانسعى إليه بعد هذا الكلام هو دمج قصار القامة في الأعمال الإعلامية والفنية الدرامية والثقافية الإيجابية كالمسلسلات الاجتماعية والأفلام الهادفة وتسند إليهم ادوار شخصيات عادية لاتميزهم على أساس الطول . أعتب على الإعلام الذي يصور قصير القامة شخصية كوميدية أو هامشية تساند بطل فارع الطول حتى تصوره غبياً بليداً . فتبرز طويل القامة في الأكثر من فلم أو مسلسل أو مسرحية على أنه بطل القصة أو شخصية محورية تلعب دوراً مهماً على أساس الطول ، فتبينه وسيم ورومانسي أكثر من شخصية قصير القامة .
نعبر عن القلق البالغ بسبب استمرار المضايقات والإعمال غير المسؤولة من قبل بعض الجهات الإعلامية ممن مات شعورهم بالحياء تجاه هذه الشريحة مثل بعض القنوات الفضائية وبعض الصحف التجارية من التي لاتدرك عواقب الأمور من جراء تلك التصرفات غير اللائقة . وهنا نريد ان يكون الإعلام لغة الاتصال والتواصل ، وان يأخذ دوره الحقيقي كناقل وسطي من خلال الصحف الورقية والالكترونية والإذاعة والتلفزيون والخطابات والمؤتمرات والمناقشات والتعليقات . تستطيع وسائل الإعلام ان تكون قوة كونها وسط ناقل للمفاهيم والادراكات . لقد لعبت وسائل الإعلام دوراً هاماً في حملات كثيرة في السلم والحرب والفن والدين وغيرها على حد سواء . فقد نصت المادة السابعة والعشرون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الفقرة (1) : ( لكل فرد الحق في ان يشترك اشتراكاً حراً في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه ) ( ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ) والذي نشر في العالم بقرار الجمعية العامة رقم (217) ألف ( د_3 ) ) .

نحن كممثلين شرعيين عن تلك الشريحة نرفض استغلالها بأي وسيلة من الوسائل . فكان نتاج هذا الاستغلال اعتقاد اغلب الناس ان كل قصير قامة ممثل ومن المفترض ان يكون ممثل كوميدي ساخر يجب الاستهزاء به والسخرية منه عند لقائه . لذلك كثيراً ما يطرق على قصير القامة سؤال هل أنت ممثل ؟ وان كان جوابه : لا ، يقال له : لم لا تمثل ؟ .

نشجع الإعلام الايجابي الهادف ، الذي يبرز صورة قصير القامة الحقيقية . اذ نسعى الى تغطية إعلامية محترمة ، نبث من خلالها هموم تلك الشريحة ، والأهداف التي من اجلها أسست جمعيات قصار القامة في العراق . كما ويجب ان تتوفر لقصار القامة فرص متكافئ في التطوير والاستفادة من قدراتهم الفنية والإبداعية في مجال الإعلام ، وتيسير كافة السبل التي تضمن وصولهم الى المسرح والصحافة والبرامج التلفزيونية واللقاءات الهادفة بكافة الإشكال المتاحة ، بما في ذلك النصوص الالكترونية . ونرفض وجود العوائق التمييزية فيما يتعلق بحصول قصير القامة على المواد الثقافية الإبداعية .

الحسن علي عبد الرحمن الرفاعي
الأمين العام لجمعية قصير العراقية
رئيس تجمع قصار القامة في ذي قار
 

الثقافة والإعلام التجاري بحق شريحة قصار القامة /الحسن علي الرفاعي
Share |