التنّور الثقافي ...خبز ٌ حار .. في بلاد الصقيع /منذر عبد الحر
Thu, 28 Mar 2013 الساعة : 0:17

القاص ..والناقد ..والكاتب الصحفي الثابر , وقبل كل هذه الانسان النبيل الصديق عبّاس داخل حسن , ترك البلاد مرغما ً , وسار شأنه شأن آلاف المبدعين إلى بلاد الغرب , متنقلا ً في منفى قاس ٍ , من أرض ٍ إلى أرض ٍ ومن حال ٍ إلى حال , لكنه حمل معه هاجس غربة الروح وشرخها , وعمق انتمائه للوطن وهو يخفي في دواخله المحترقة لافتة ً حملت أنين شارع الغربة والمنافي والأم الوطني المقدّس بدر شاكر السياب إذ يقول :
الشمس أجمل في بلادي من سواها
والظلام
حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق
وا حسرتاه ُ متى أنام
فأحسّ أن على الوساده
من ليلك الصيفيّ طلا ً
فيه عطرك يا عراق ....
..............................
ويكمل : بين القرى المتهيبات والمدن الغريبه
غنيّت ُ تربتك الحبيبه
وحملتُها
فأنا المسيح ُ يجرّ في المنفى صليبه ْ ...
هذا هو لسان روح عباس داخل حسن , بدقّة , وقد سبق أن كتبت ُ عنه قصيدة , أفصحت ُ فيها عن مواجعه الروحية وآلامه وحسراته , هو الذي حمل ملامح الجنوب وظّلت لصيقة به , وهو الذي أشعل النار في برد وصقيع فنلندا , ليقول أنا هنا , لن أستسلم لطقوس العزلة في الثلج , ولن أنتظر مخلّصا يأتي من رسالة مخفيّة في قنينة في البحر , سيجلبها الموج ذات نفحة ريح ٍ حالمة ٍ .منذ عرفت ُ عباس , والقلق بداخله يغلي , كان كيانا ً من أمل ٍ وطموح ٍ سيتحقق حتما ً حتى ولو بعدت المسافات وتداعت الأزمان , كنّا زملاء دراسة ٍ , في مطلع ثمانينات القرن الماضي , وكان يختلف عني , بطقوس أحلامه , وفي كلّ مرة ٍ كان يطلق ملامح مشروع , سرعان ما تبدده الأيّام , فيضيع بين ضعف إصرارنا عليه - في تلك الأيام المحتدمة - حين كنا باقة من أصدقاء الروح شكّلنا ظاهرة ملفتة للنظر في ذلك الحين , وكنا عباس وأنا والقاص محمد حياوي , والمسرحي حينها والقاص والصحفي المثابر الآن هيثم الجاسم , والشاعر والباحث حسن عبد الغني الحمادي , والصديق الطيب , والتاجر الآن فاضل مجيد وعدد من الأصدقاء الآخرين , كان عباس مسكونا ً بطموح أن نصنع شيئا ً مؤثرا ً , ولكن فرّقتنا الحياة وجعلت كلاّ منا عالما قائما بذاته , وكان لعباس أن يستقر في فنلندا الباردة جدا , وبدأ تواصلنا عبر النت , ثم التقينا لقاء ً جميلا ً بعد أن زارنا عندما ذهبنا إلى لندن للمشاركة في معرض لندن الدولي للكتاب في العام الماضي , والتقينا وتحدث مع الشاعر الدكتور نوفل أبو رغيف عن طموحاته ومشروعاته في البلاد الباردة , وشاطره الحماس متفاعلا الدكتور نوفل ووعده أن يسهّل له مايريد في وزارة الثقافة , وها نحن ماضون في هذا الوعد , منتظرين إطلالة صديقنا عباس داخل للمشاركة في فعاليات مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية لهذا العام , بعد أن أطلق الموقع والمركز الثقافي العراقي الذي حمل اسم التنّور في إشارة إلى سخونة العطاء العراق وتميزه بخصوصيّة المعطى الثقافي والانساني , وهي لبنة مهمة , وخطوة مباركة رائعة في بلاد الثلج , ستكون لحرارتها نكهة ومعنى وطعم خاص .نبارك لمركز تنّور الثقافي انطلاقه في فنلندا , بروح عراقية مخلصة , وسمات وملامح وطنية صادقة , ومسعى طموح لتقديم كل ما هو مفيد وممتع , لنطل على العالم بقوة , ونقدم عطاءنا الثقافي , ووجهنا الابداعي الحقيقي , ومرحى للمبدع الباسل النبيل عباس داخل حسن , مبدعا وناشطا وإنسانا