أمي الكبيرة/نور جبار حسين
Wed, 27 Mar 2013 الساعة : 6:22

قضيناأياماً شتويه ممطره نقيم فيها عزاء جدتي الحبيبه كنا كالطقس غائمين من الحزن على فراق حنان نبع منه حنان والدتي،تلك ايام لاتنسى من الحزن لأن جراحه بليغه صعبة الالتئام لا تقطبه خيوط الفرح لأن الفرح بطابعه قصير سهل النسيان أماالحزن فقد تميز بطابعه الخاص. جدتي ليست ككل الجدات لكنها ليست أعظم من جدة الائمه الاطهار فاطمةالزهراء((عليها السلام))،جدتي هي كالملاك الساكن على أرض الدنيا لقدأتخذتها مثلاً عاليا في جميع الامثال في الفتاة العذراءالتي لاترى ولاتسمع ولاتقول ولاتفعل كل ماينهي عنه رب الجلاله، الى الزوجه المطيعه التي تفعل كل ما يامر به زوجها،الزوجه التي لاتخرج عن طوعه ولم تقل لزوجها(لا)،الى الأم الحنونه التي خرجت منهاأجيال ثم كبرت تلك الاجيال وأنجبتناورأينا جدتي تلك الجده التي أتخذت بيتها مسجدها كما قيل عن هذا النوع من النساء،كانت إذا أحتاجت الى شيءلاتقول أريدهذا بل تلزم جانب الصمت والهدوء هذا مالاحظته على جدتي أنها كالدميةالبيضاءالمتلئلئه التي تملئ بنورهاوحنانها زوايا البيت لقد كانت تستقبل بحضنها الدافئ الصغير والكبير منا وحتى الغريب،عندما كنت اجلس بجانبها تبدءُ بسرد القصص القديمه التي مرت في حياتها منذإن كانت صغيره وكيف توفي والدها ثم بقيت هي وأخواتها مع والدتهاوغيرهاكثيرمن قصص جدتي التي ستبقى في قلبي كالصفحةالبيضاءالتي خُطـت بأقلام الذهب ثم حفظـت في خزائن ذاكرتي ،لم أرى من جدتي ماقد يصيبني بسوء بل رأيتُ منها كل الخير كانت يداها مُعطاءمدرارا لم تجعل جدتي يوم العيد فقط يوم أغداق الهداياوالنقود بل جعلت كل ايام السنه عيدا بالنسبة إلينا لأني لم أرى أيدي جدتي قد توقفت عن العطاءإلا حين موتها،لقد أصبحت جدتي الآن صورة في العقل والقلب وفي يوم من الايام جاءت ذكرى عيد الام وأردت أن أهدي لوالدتي هديه بهذه المناسبه إلآ إنها رفضت قائله:إهديها لجدتك لإنها تستحقها،لقد أهديتُ لجدتي هدية عيد الأم وكم تمنيت أن أُهديها في العام الذي يليه هديةأخرى في هذه المناسبه إلآ أنني لم تتسنى لي الفرص في إشباع رغباتي بل رحلت جدتي قبل حلول موعد عيدالأم. كانت لجدتي جدائل سوداء ثم اصبحت هذه الجدائل بمرور الزمن بيضاء يملؤها الشيب وصغيره نحيفه تنهزم من انامل خالتي عندما تضفرها، كانت جدتي بدينه ذات جماليه تميزها كشخصيه حنينه لكن في آخر سنتين من عمرها بدئت تنحف وتذبل كأوراق الشجر عندما يأتيها فصل الخريف فيأخذ حصته منها وتبدء الاوراق بالتساقط الواحده تلو الأخرى هكذا جدتي ذبلت ورقتها عند الأله فأمر بقبض روحها والغريب في الأمرعندما لفظت انفاسها الأخيره تبسمت مرتين ياترى هل رأت الملائكه وهي تزورها وتفتح لها طريق الجنه إنها تستحق الجنه حقاً لقد كانت تصلي حتى في أيامها الأخيره ذاكره ربها طوال حياتها باكيه على مصيبة الامام الحسين((عليه السلام))فعندما كنت أزورها ثم يأتي ذكر الحسين والبلاء الذي حل به تبدء دموع جدتي تذرفها على مصائب أهل البيت((عليهم السلام)) وحين سمعت بخبر وفاة جدتي لم أصدق ذلك إلآ حين شاهدت جدتي قد حضنها صندوق خشبي كانت ممده فيه بلا حراك أيقنت ان جدتي قد حل بها قضاءاللـه وقدره وفي تلك اللحظه بدئت دموعي تنهار من شدة البكاء لأني لاأرى جدتي مرة أخرى لأني أبكي على فراق حنين ملئني منذإن فتحت عيناي على هذه الدنيا وكبرتُ وهو بجانبي ولم يفصلني عن هذا الحنان إلآ الموت الذي تجسد أمام ناظري بقِطع خشبيه قد ألتفت حول جدتي لتحملها الى وادي السلام حيث الأمان لها، أتمنى من الأله العزيز أن تشفع دموع جدتي لها وأن يرحمها ويضلها بظل جنانه وأن يسكنها جنباً الى أفضل عبادهِ الأطهار.