بين الصفات الاخلاقية الحسنة والسيئة وعلاقتها بالسلوك الانساني/ عصام الطائي

Mon, 25 Mar 2013 الساعة : 22:39

قد نجد ان انسانا يملك من الصفات الاخلاقية الحسنة كالمودة والمحبة الا ان سلوكه الخارجي خاطى اذ لا يحسن التصرف والتعامل مع الاخرين بصورة تعكس وتطابق صفاته الاخلاقية فالناس تعتبر مثل هذا الانسان انسانا جيدا الا ان سلوكه الخارجي يحدث فيه نوع من الخلل وهذا ما نجده لدى كثير من الامهات والاباء حيث لا يحسنوا التصرف في ادارة شؤون الاسرة مما تسبب مشاكل اسرية فنجد بعض الاباء او الامهات لا يفكرون بعقلية ضمان عدم المشاكل بين الابناء بعد وفاتهم فيصرون على مطالب معينة يعتبرونها اساسية بينما هي خاطئة فقد يملك أي رب اسرة دارا او عدة من الدور فلا يفكر رب الاسرة بمحاولة تقسيم الدار او الدور بحيث يضمن عدم المشاكل المستقبلية بين الابناء مما يسبب بعد وفاة رب الاسرة المشاكل بين الابناء بينما كان بامكان رب الاسرة منع كل هذا المشاكل والتي قد تسبب قطيعة بين الابناء لو كان رب الاسرة يفكر بالمستقبل لكن نتيجة عدم الوعي والنضج يترك هذه الامور على الزمن.

وقد نجد على العكس من يملك صفات اخلاقية سيئة الا انه يحسن التعامل والمقصود من كلامنا هذا نريد ان نثبت ان الصفات الاخلاقية الحسنة والسيئة شيء والسلوك الخارجي شيء اخر فلا توجد ملازمة بين كون الانسان الذي يتصف بالصفات الحسنة ان يكون سلوكه حسن ولا يستلزم صاحب الصفات الاخلاقية ان يكون سلوكه سيء نعم غالبا يكون صاحب الصفات الاخلاقية الحسنة سلوكه حسن وصاحب الصفات السيئة يكون سلوكه سيء وهذا يستدعي الاهتمام بتربية الانسان على السلوك الحسن وهذا ما يهتم به الغرب كثيرا لذلك كان علم النفس بكل تفرعاته يعمل على معالجة السلوك الانساني اما وفق المسلك عند علماء الاخلاق فالاهتمام كثيرا على الصفات الاخلاقية الحسنة وهذا ما نجده عند علماء التصوف لذلك نجد ان هناك اهتماما مبالغا في كثير من الاحيان من قبل اهل التصوف بتزكية النفس بينما لا يوجد اهتمام بالمشاركة الاجتماعية مما يسبب انعزال هذه الطبقة عن المجتمع وهذا ما نجده عبر التاريخ الاسلامي الذي كان المتصوف غالبا منعزلا عن المجتمع لاعتباره ان المجتمع فاسد بينما قليل ما نجد من المتصوفة واهل العرفان من يشارك في الاصلاح الاجتماعي وهذا الكلام ينطبق على الفلاسفة الذين اهتموا كثيرا للتنظير الفلسفي وهكذا الامر انعكس على كثير من الفقهاء عبر التاريخ الاسلامي من خلال ترك الشأن الاجتماعي مما تسبب تراكمات من الاخطاء والسلبيات ولدت لنا واقعا فاسدا يصعب اصلاحه.

وان الموقف الاسلامي الواقعي كما نجده واضحا في المنهج القراني هو الذي يهتم بالصفات الاخلاقية الحسنة والابتعاد عن الصفات الاخلاقية السيئة والاهتمام بالسلوك لذلك نجد الانبياء والائمة والعلماء الصالحين نموذجا واضحا على ذلك فنجد من يتعامل مع كل هؤلاء يجد سلوكا راقيا فقد يتحول العدو الى صديق بمجرد موقف معين يتأثر به المقابل وهناك كتب كثيرة تتحدث عن النماذج الكثيرة من تلك التغييرات الانسانية نتيجة لتاثر الناس بالسلوك فان الصفات الحسنة مطلوبة ولكن تحتاج الى تكريس لها في الخارج لانه تكون لها اهمية في الشأن الاجتماعي نعم لو كان الانسان حسن الخلق ولا يعكس ذلك كسلوك حسن في الخارج يكون امرا فرديا خاص به لا يتجاوز ذاته فلا تحقق العظمة للرجل بخلاف ما لو تتحول تلك الصفات الاخلاقية الراقية الى سلوك حسن فتنعكس ايجابا على المجتمع.

وقد تجد بعض الخطباء يصعدون على المنابر ويدعون الى الالتزام بالسلوك الحسن والابتعاد عن السلوك السيئ ويسردون عشرات القصص باسلوب خطابي انفعالي شديد يدعو الناس الى الالتزام بالاخلاق الحسنة الا ان قد نجد مثل هذا الخطيب او ذاك بان سلوكه الخارجي يخالف كثيرا ما يقوله من ادعاءات فاذا كان يدعي عدم الطائفية فهو طائفي بامتياز واذا كان يدعي ضرورة الالتزام بالاخلاق الرفيعة فهو سيء الاخلاق بامتياز وهذا ما نجده واضحا في حالات عن امثال هؤلاء كثيرا خصوصا بين قسم من الخطباء ممن لا يملكون النضج في الخطاب الاسلامي مما يسبب اثار سلبية في تربية الناس على قيم وهمية يستندون بها على احاديث غير صحيحة السند فقد يساء الى رسول الله كثيرا من حيث لا يدون وهم يتصورون انهم يمتدحون الرسول الاكرم ولكن لاعتماد ثقافتهم كثيرا على الالتزام الحرفي بتلك الاحاديث بدون امعان دور العقل نجد استنتاجاتهم ضعيفة واذا ما تدخلوا في طرح القضايا في الشأن السياسي نجده تحليلا ساذجا وهو ديل على ضعف في العمق الفكري والثقافي ومثل هذا التشخيص يستطيع ان يحدده الشخص المثقف اما الشخص البسيط لا يمكن له معرفة ذاك فينساق الى هؤلاء بسبب بساطته.

وان الازمة التي تعيشها اغلب المجتمعات هو بسبب انعزال الطبقة المخلصة واصحاب الاخلاق الحسنة والسلوك الايجابي عن ممارسة دورهم في المجتمع وتجد المتهافتين على الدنيا هم من يتسلق ويركض على المناصب وهذا ما انعكس سلبا عن الاداء السياسي والثقافي والاجتماعي فجعل لنا واقعا فاسدا فلا تجد شيء صحيح يسر ويفرح ويسعد الناس به فنحن بحاجة الى كثير من الثورات ليس على الواقع السياسي فحسب كما نجد ذلك في التحركات الاخيرة في بعض البلدان العربية بل يحتاج الى ثورات في تطهير ذواتنا واذا تطهرت سوف يطهر كل شيء ونحتاج الى بناء تربوي قويم الى المجتمع مبنيا على اسس علمية رصينة ونحتاج الى ثورة ثقافية ترسم صورة واقعية للانسان في هذه الحياة واننا نجد الناس تشكو من كل شيء وتتذمر كثيرا لانها لا تجد في الغالب في أي قضية يتعامل بها تكون متحققة على وجه الكمال بل تجد النقص والضعف في كل شيء من الحاجات المستوردة التي ترهق المواطن كثيرا بسبب ضعف الجودة حتى على مستوى انجازالاعمال من قبل اصحاب المهن فتجد التعب يرهق الكثير من الناس وهذا يدل على وجود اسس ضعيفة واهية لا يمكن من خلالها النهوض بالمجتمع على وجه يسعد ويفرح الناس .
عصام الطائي

Share |