لا ديمقراطية بدون عدالة/طالب الحسيني

Sat, 23 Mar 2013 الساعة : 0:02

    
ان أهم الأهداف التي يجب ان تسعى اية حكومة وطنية في العراق الى تحقيقها هي بلوغ ساحة الاستقرار السياسي فهذا الهدف هو الذي عمدت اغلب دول أوربا الى تحقيقه ومن ثم وصلت من خلاله الى ما وصلت إليه , وبالمقابل فأن اغلب دول العالم الثالث لم تنحدر الى ما آلت إليه الا لأنها أهملت تحقيقي هذا الهدف. أما كيف يمكننا ان نزرع الاستقرار السياسي في بلدنا فان ذلك لا ينجح الا من خلال تبني الديمقراطية منهجا للحياة بكافة أشكالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك العلاقات العائلية (علاقة الوالدين بأبنائهم او علاقة الزوج بزوجته) على ان الديمقراطية لا يمكن فرضها على جميع مؤسسات ومفاصل الدولة دفعة واحدة بالقوة لان الديمقراطية هي تغذية واستعداد نفسي تحتاج الى كثير من الإقناع والتربية والمعاشية. ولذا فان أولى الخطوات الصحيحة في سبيل هذا الهدف هي فصل السلطات الثلاث بعضها عن بعض , السلطة القضائية مثلا يجب ان تؤثر على نزاهتها. على ان يد هذه السلطة أي القضائية يجب ان تطال هذه السياسة والحكم , وهذه قضية خطيرة تعاني منها اغلب الدول النامية اذ يتمتع الأقوياء فيها بحصانة تبيح لهم ما لا تبيح لغيرهم وفي المقابل تترك ثغرات في النظام القضائي , يحاول الكثير من المغامرون العبور خلالها , إننا نؤمن بأن تحقيق العدالة يشكل المرتكز الأساسي الذي تبني عليه صروح الديمقراطية المتينة وانه لا ديمقراطية بدون عدالة اجتماعية وسياسية , على ان أهم مستلزمات العدالة هو اشتراك اكبر عدد ممكن من شرائح وفئات المجتمع في السلطة سواء عن طريق التمثيل الشعبي او التمثيل البرلماني او حتى الإشراك الفعلي في السلطتين التشريعية والتنفيذية. الخطوة المهمة الثانية لأجل توطيد الإيمان والديمقراطية هي تبني روح الديمقراطية نهجا تربويا يتعاطى معه الأطفال في مدارسهم ومن ثم في معاهدهم وجامعاتهم وكذلك في جميع مؤسسات ودوائر الدولة , بحيث تكون كل العلاقات والمعاملات محكومة بالتوجه الديمقراطي وفي المقابل تهشم أصنام القدوة والرمز والمركزية الصارمة التي حاول النظام البائد ان يزرعها في عقول الناس لمدة طويلة. وهذه الخطوة تتيح لنا خلق جيل جديد تربى على مرابع الديمقراطية وأصبح مهيأ لان يعمل بالياتها بإخلاص ودون تلفت.
على ان هذه الأهداف تعد أهداف إستراتيجية تحتاج الى تفهم ووقت كافيين ولذا فإنها لابد ان تسبق بخطى عملية تهيئ لها وهي ما يمكن ان نسميه بالسلطة المؤقتة التي يجب ان يكون من أهم خططها بالإضافة الى معالجة الفساد الإداري والقضائي الحد من العنف والفوضى هو التهيأة للحكم الديمقراطي الذي لا بد منه لأجل عراق ديمقراطي جديد. 

Share |