أحلام ميتة/نور جبار حسين
Fri, 22 Mar 2013 الساعة : 0:31

في صباح باكر خرجتُ أنا وأخي للذهاب إلى مكان معين نقصده وفوجئت بأطفال محافظتي الحبيبة يتمشون في شوارع أزقتها تزينهم ثيابا بألوان ربيعية كانت الابتسامة ترسم على وجوههم تعابير الفرح والسرور فلم يكن هناك فرقاً بين هذا اليوم ويوم خروجهم للعيد,فما السبب إذاً إنْ لم يكن هذا اليوم عيداً ولا مناسبة وطنية هل تعلمون ما سبب هذه الفرحة؟
أنه كارت النتيجة كانوا يحملون بأيديهم الصغيرة ورقة خشنة ذات طول وسُمْك ولون معين كتب فيها مصير الطالب النصفي أي انه كان هذا اليوم هو اليوم الأخير من انتهاء الفصل الأول للعام الدراسي وابتداء العطلة الربيعية.
كُنا صغاراً كهؤلاء الأطفال نتطلع الى المستقبل كالنظرة الى السماء فتراه مضيئاً كإشراقة السماء بالشمس نهاراً وبالنجم والقمر ليلاً فنظرنا الى المستقبل نظرة بريئة كلها تفاؤل لم يكن بالحسبان أم هناك ما سيعترض طريقنا امام استكمال الطموحات وتحقيق الآمال,كل منا طفلاً بريئاً ينتظر الربيع ليفتح له وروده الزاهية يوماً ما عندنا يصبح شاباً ويحقق ما كان يحلم به في طفولته,فالكثير كان يحلم أن يصبح طبيباً لتأثره بشخصيته فهو الملاك الذي يرتدي اللون الأبيض ويُبتعد السقم والألم عن مرضاه أما البعض الآخر فقد حلم أن يصبح معلماً لإعجابه بشخصية المعلم وشموخه على تلاميذه والبعض الآخر قد تأثر بوالديه إن كان الأب أو الأم مهندساً أو محامياً وغيرها كثير من الأمنيات التي طالما حلمنا بها فمنا من بقى على حلمه وطموحه ومنا من تغير على مر السنين ومنا من غدرته الظروف, فعندما كبرنا رأينا العكس وانصدمنا أمام واقع مرير يمشي على حساب ابن العم وابن الخال فقد دارت الدنيا من حولنا دورتها وأصبحت النظرة الى المستقبل خاطئة الآن لأن النهار أصبح في حالة غروب فقط والليل معتم بارد لم يضيئه قمر ولا نجم هذا هو حال مستقبلنا, فالبعض منا نال شهادة الدبلوم أو البكالوريا في مختلف المجالات فما جدوى ذلك ان يتخرج الطالب فيرى كل ما زرعه أصبح شوكاً لا يُحصد ولا يستطيع مزاولة عمله كما ينبغي فهنا مربط الفرس كما يقال لأن كلمة التعيين أصبحت في بلادي سلعة يتاجر بها وإذا لم يكن لدى التاجر رأس مال فلا يستطيع المتاجرة بها مما دفع بعض الطلبة الى عدم إكمال دراستهم لأن هناك شعار يقال:الخريج بشهادة كالجالس في البيت لا شهادة لأنهم متساوون في هذه الدرجة ,فأندفع الخريجون الى باب آخر يسمى المدارس الأهلية عسى أن يجدوا فيها ضالتهم يناقشهم على فتح ذلك الباب المعلمين والمدرسين الذين يستطيعوا مزاولة عملهم في المدارس الحكومية ففشل الخريجون من هذا الباب ايضاً لأنه الذي يفتح المدرسة الأهلية يأتي بقائمة المعلمين والمدرسين من أقاربه أولاً, أما أنا فقد كنت أتمنى أن أكمل مسيرتي العلمية ليس هرباً من التعيين الذي لا يوجد بل كان طموحي لنيل الماجستير والدكتوراه ثم أصبح أستاذة جامعية وأكون قد حققت ما كنت أحلم به الا أنني قد أنصدمت فرأيت الأبواب أمامي موصدة وفشلتُ مرتين في التقديم على الدراسات العليا رغم اني توفرت لدي كافة المؤهلات الموجبة للتقديم لكن يبقى طموحي وطموح أخواني من الخريجين ان شاء الله تعالى لا يعرف معنى التراجع والاستسلام وسنتجاوز كافة العثرات التي امام طريقنا بإذنه تعالى ولكن ان تعب وضعف لساننا من التعبير عن شعورنا بخيبتنا والمطالبة بحقنا فأن قلمي وقلمكم يا خريجين لن يتنحى جانباً ولن يصمت وان جلس مئات السنين على الورق الابيض فهو صوتنا ونبضنا , فيا حكومة التفتي الينا نحن وراءك منتظرين ان تعطفي علينا وتعطينا من حنانك , نحن كالطفل البريء الذي رمته أمه في الشارع ولم تنظر اليه ...هذا ما فعلتيه فينا يا حكومة فرفقا بالاطفال الذين حملوا كارت النتيجة ورفقا بأحلامنا منذ ان كنا صغاراً ورفقاً بجيلك المهضوم الذي قطعت أحباله الصوتية من شدة الصراخ فمتى ومتى ستحملينا يا حكومة على أكف الواحة؟