التمييز وشريحة قصار القامة /الحسن علي الرفاعي
Fri, 22 Mar 2013 الساعة : 0:09

يساور شريحة قصار القامة القلق الكثير ؛ بسبب الظروف الصعبة التي يواجهوها وما يتعرضون له من الأشكال المختلفة للتمييز العنصري على أساس اختلاف الطول والحجم ، مما صنفهم في مراتب غير متكافئة في التعليم والتوظيف والرعاية الصحية والاجتماعية ، ومختلف جوانب الحياة لاسيما منها المراكز الاجتماعية والدوائر الحكومية وغيرها . مما جعلهم عرضة للاستغلال وبالتالي محط استهزاء وسخرية .
ومعنى التمييز عند ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة ، يعني أي تمييز أو استبعاد أو تقييد على أساس الإعاقة ويكون غرضه أو أثره إضعاف أو إحباط الاعتراف بكافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو حرمانه من التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة مع الآخرين في الميادين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو أي ميدان آخر . ويشمل جميع أشكال التمييز بما في ذلك الحرمان من ترتيبات التسهيل المعقولة .
نسعى قدر الإمكان للقضاء على التمييز الحاصل ضد الأشخاص قصار القامة بناء على أساس الإعاقة فقصار القامة كبشر كاملين فعلاً وعليه لهم الحق الكامل في ممارسة حقوقهم التي كفلها لهم الدستور وعلى المشرع والمنفذ ان يكفل لهم كافة الحقوق المشروعة . بناءً على ما ورد نسعى لعدم التمييز في دخول المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وعلى الحكومة ان توفر لهم وسائل الدخول الى المدرسة والجامعة والنادي الثقافي والرياضي والأسواق الاقتصادية والتمتع بجميع الأنشطة أسوة بعامة المواطنين . فلقصير القامة حق التعلم والتعليم وممارسة نشاطاته المختلفة في جوانب الحياة كافة في جميع المؤسسات العامة في جميع المستويات .
نسعى لتفعيل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري حيث نصت ديباجة الاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على ما يأتي : (( أن الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة فعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين )) ( ديباجة الاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الفقرة (هـ) ص:2 ) .
من خلال تجربتي الشخصية لاسيما حياتي العملية والعلمية على حد سواء ، أدركت بان التمييز تجاه ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة والذي يعد على أساس إعاقته يمثل جريمة مع سبق الإصرار والترصد لاتغتفر بحق الإنسانية جمعاء ؛ لاعتبارها انتهاكاً صارخاً لكرامة الإنسان والحرية الشخصية لذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة ( ديباجة بتصرف : الفقرة (ح) ، ص:3 ) ) .
ان الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع ، فإذا ما صلحت صلح المجتمع بمختلف مكوناته ، وعليها يقع على عاتق ترتيب الوحدة الأساسية وتهيئة الظروف المناسبة لحماية الشخص ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة وقصير القامة منهم ، بتوفير حياة تبغض التمييز وتحقره .
ان الانعزال الحادث لقصار القامة مع المجتمع في بعض الحالات ناتج عن عدم تفاعل بعض افراد المجتمع معهم فيكونوا في حالة تصادم مع بعض الوقائع ، لما يرونه ويجدونه من سخرية واستهزاء تعتبر العائلة أهم الشبكات الاجتماعية في المجتمعات كافة . حيث تمكنهم من مواجهة وصد التحديات في جميع مجالات الحياة العملية والعلمية والاجتماعية ، وهنا يظهر دور التعامل العائلي في تكوين شخصية الفرد القصير .
يجب احترام رأي قصيري القامة في أخذ القرار من خلال أخذ احتياجاتهم بعين الاعتبار عند وضع التشريعات وسن القوانين والأنظمة لذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة بهم في مختلف ميادين الحياة فمن حقه التعليم والعمل والصحة والتأهيل والنقل والرياضة وغيرها .
ان الهدف الرئيسي من تأسيس منظمات وجمعيات ومنظمات قصار القامة في العراق ، هو توفير فرص متكاملة وشاملة لحماية تلك الشريحة ، وتعزيز حقوقهم ؛ لاسترجاع كرامتهم التي سلبت من قبل ذوي النفوس الضعيفة ، عسى وان تقدم الشيء القليل من خلال مساهمتها مساهمة جوهرية في تدارك الحرمان البالغ الذي وقع عليهم . وعليها تشجيع تلك الشريحة على المشاركة في مختلف مجالات الحياة التعليمية والصحية والاجتماعية المدنية والثقافية والرياضية على أساس تكافؤ الفرص في العالم عموماً والعراق خصوصاً . نشجع مشاركة قصير القامة في كافة المجالات مشاركة كاملة وفعالة في المجتمع يجب احترام القدرات المتطورة لقصار القامة ، واحترام رأيهم ؛ لضمان عدم ضياع حقوقهم ولإبراز هوية لهم تعرف عن تطلعاتهم ومواهبهم .
في واقع الحال ينتابني كثير من الأحيان شعور بالأسى والإحباط ويعتصر قلبي ألماً وحسرة حينما أقرء موضوع عن قصار القامة وطرق معاملته خصوصاً في الدول العربية ، وأيقنت ان قصار القامة رغم مايمرون به ويعانونه من أقسى نظرات الاستهزاء وحالات السخرية لله المشتكى . إضافة الى بعض المعاملات السيئة الطابع من قبل المجتمع لاسيما أصحاب العقول الفارغة من الجهلة ومعدومي الضمير ومما زاد الطين بله ما إضافته الحكومة على كاهل قصير القامة من خلال مراجعته لدوائر الدولة حيث كثيرا مايعامل معاملة سيئة إلا ما رحم ربي في بعض الدوائر ؛ لتواجد الخيرين من الموظفين . ومع شديد الأسف قد عثرت على الشيء الكثير من هذا القبيل خلال مطالعتي وبحثي وإجرائي الاستبيانات الكشفية الخاصة بجمعية قصير العراقية وتجمع قصار القامة في ذي قار ، ولاحظت هذا الأمر في جمعية قصار القامة في كركوك ايضاً . فاستطعت تحديد محور المشكلة لعلي أقف على حل لها في المستقبل القريب إن شاء الله فنرى ان بعض الدوائر الحكومية ولست بظلام لجميع الدوائر ، تعامل قصار القامة معاملة الشخص طبيعي وهذا شيء جميل إلا ان هناك مواقف يصعب حسب نظري على قصير القامة ان يعامل كالشخص الطبيعي الطول ، كالوقوف في طابور طويل مزدحم أو تسلم وتسليم معاملة من أو الى موظف حكومي من خلال نافذة مرتفعة يصعب الوصول إليها بسهولة ناهيك عن الموقف المحرج . فعلى الدولة مراعاة ودراسة تلك الحالات للتخفيف من معاناة ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة في المؤسسات الحكومية والدوائر الخدمية حيث تعكس هذه المعاملة صورة حضارية لتلك الدائرة ولذلك البلد . تعاني اغلب مجتمعاتنا العربية وفي مقدمتها الإسلامية فقر ثقافي وجهل حضاري حاد جداً غير قابل لعلاج بسبب النظرة المتخلفة لتلك الفئة التي مابات الله سبحانه وتعالى يبارك فيها وبمناصريها يوم بعد يوم لحكمة لايعلمها إلا الله جل وعلا . أكتب وكلي ثقة بالله سبحانه وتعالى ثم بنفسي العالية الهمة كوني عايشت بعض تلك الحالات . فرأيت معاملة رجال العلم والدين لقصير القامة ورأيت معاملة العامي والأمي والتي كثيراً ما تفوقت في التحضر والتمدن واحترام حقوق الغير على العالم الملتزم كما يسمون أنفسهم ، فاختلطت عندي الأوراق واختلت الموازين ودهشت أيما دهشة بسبب ذلك .
من خلال العمل المستمر وبفضل الله سبحانه وتعالى وجهود الأخوة رؤساء وأعضاء منظمات وجمعيات قصار القامة ، أصبح اليوم لقصار القامة هوية من خلال حضورهم الفعال في المؤتمرات والندوات والمهرجانات التي تهتم بشؤون ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة . وهنا صار لقصار القامة صوت يسمع في المحافل كافة أهمها العلمية والرياضية ، واستطاع قصير القامة اليوم الدخول على مسؤولي الدولة والتكلم معه بثقة مطلقة وعزيمة ثابتة دون تردد أو تخوف من نظرة استهزاء أو سخرية ، صحيح الى الآن لم ينل قصار القامة في العراق مبتغاهم ولم يحصدوا أي ثمرة تذكر إلا ان الهمم ثابتة الجأش لم تخمد ولن تهون . والحمد لله ان صار لقصار القامة في العراق لقاء سنوي يجتمع فيه رؤساء وأعضاء منظمات وجمعيات قصار القامة بمختلف محافظات القطر ( الشمال والوسط والجنوب ) يجمعهم هم وهدف واحد يناقشون فيه أهم أحداث السنة من انجازات ومعوقات صاحبة العمل ، لينتهي اللقاء بنتائج وتوصيات ومقترحات جديدة تسير عليها جمعيات ومنظمات قصار القامة العراقية لسنة الجديدة والتي من مصلحتها خدمة تلك الشريحة .
ومن صور التمييز في المدارس والجامعات العراقية والتي عاصرة منها ، عدم قبول الكثير من الطلبة قصار القامة في بعض الكليات مهما بلغ معدله النهائي من الدرجات الدراسية الممتازة ، وان كان تقديره متفوق على باقي الطلبة غير ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة . على سبيل المثال : لايسمح للطالب قصير القامة في العراق . دخول كلية الطب أو كلية الصيدلة أو كلية الهندسة بمختلف أقسامها وخصوصاً المدنية والميكانيكية ؛ وحجتهم في ذلك ان قصير القامة لايستطيع مزاولة مهنة الطب أو الصيدلة أو الهندسة لأسباب واهية لا أساس لها من الصحة وعلى رأسها قصر قامته وصغر حجمه . علماً ان كل تلك تصرفات شخصية ، اذ لم ينص قرار دستوري أو جامعي على حرمان حق قصير القامة من العلم ومنعه من دخول هذه الكليات والتي تتناسب مع تقدير درجاته وفق سياقات أصولية تسمى بـ ( الانسيابية ) : والتي يتم من خلال توزيع الطلبة الخريجين من الدراسة الإعدادية الى الجامعات والكليات والمعاهد العراقية بحسب معدلهم النهائي ، اذ ان لكل جامعة وكلية ومعهد معدل مخصص له . حصلت مواقف عدة بهذا الصدد بشكل متكرر وبلغة صريحة في كثير من الجامعات العربية على العموم والجامعات العراقية على الخصوص ، اما اذا دخل الطالب قصير القامة غير تلك الكليات المذكورة ، فالمصيبة أعظم ، كقبوله للدراسة بكلية التربية والآداب واللغات والإعلام والعلوم الإسلامية وغيرها .
الحسن علي عبد الرحمن الرفاعي
المين العام لجمعية قصير العراقية