بيان سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي عن تفجيرات بغداد ليوم 19 آذار 2013
Thu, 21 Mar 2013 الساعة : 0:10

بسم الله الرحمن الرحيم
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}الأنفال/25.
رُوّع العراق أمس بسلسلة من التفجيرات في بغداد: في (الكاظمية) و(العطيفية) و(الحسينية) و(مدينة الصدر) و(الشعلة) و(العلاوي) و(بغداد الجديدة) و(المشتل) و(الزعفرانية), نفذّتها العصابات الطائفية الحاقدة الملطخة بدماء الابرياء, وهو الوجه الآخر للخطابات الطائفية المتشنجّة التي تحملها هذه العصابات كل اسبوع في الانبار.
ونحن في البدء نقدم العزاء ونعزّي أهلنا الذين فقدوا أعزائهم أمس في مسلسل التفجيرات التي تجري في العراق منذ سنين على يد هذه العصابة, كما نقدم التعازي الى جماهير شعبنا الذي نكب في هذه التفجيرات يوم امس.
إنّ الذي يجري في الأنبار ونينوى وصلاح الدين منذ عدة أسابيع من التجمعات والخطابات الاستفزازية والتحريضية الطائفية جزء من مؤامرة سياسيّة واسعة, تكمن وراءها قوى إقليمية وغربيّة والغاية منها إعادة العصابات التي كانت تحكم العراق حتى آخر يوم من حكومة صدام... الى مواقع القرار والحكم والمال والاعلام والقيادات العسكرية والأمنية في العراق مرة أخرى.
والمرحلة الاولى من هذه المؤامرة الواسعة هي الخطابات التحريضية الطائفية التي تعكسها الفضائيات القطرية والسعودية والغربية, ويجري ضمن هذه المرحلة خطاب طائفي متشنج آخر بلغة مختلفة, هي لغة التفجيرات التي تجري في المناطق الشيعية المكتظّة بالسكان في العراق, كما حدث أمس في بغداد في مناطق شيعية مكتظة بالسكان.
واللغتان (الخطابات التحريضية والتفجير) تُعَبَّران عن رسالة واحدة, وهي دعوة جماهير المواطنين في العراق الى الانسحاب من الحضور في الساحة السياسية الى بيوتهم لتعود هذه العصابات مرة أخرى الى مواقع القرار والحكم, ويعود الارهاب والقتل والتعذيب وانتهاك الحرمات والمطاردة والتهجير والمقابر الجماعية الى العراق مرة اخرى. والذي لا يفهم هذه الرسالة من خلال هذه الخطابات المتشنّجة وهذه التفجيرات لا يفهم شيئاً من الفباء السياسة.
وليكن واضحاً إنّ خطابنا في هذا البيان ليس موجّهاً الى الجمهور الذي يحضر التجمعات السياسية في الانبار وصلاح الدين ونينوى. فإنّ في هذا الجمهور شرائح كبيرة تطالب بحقوقها. والحكومة في بغداد جادة في تحقيق الحقوق المشروعة لهذه الشرائح, وندعوها نحن الى مضاعفة الاهتمام والسعي في ذلك, وهناك شرائح مغررّ بها, لو كشف لها الغطاء عن فضائح هذه العصابات الطائفية وغاياتها لتبرأت منها, وإنّما خطابنا الى مثيري الفتنة وحملة الخطاب الطائفي الذين تستخدمهم قطر والسعودية وتركيا لتحقيق أهدافها السياسيّة وهذه هي المرحلة الاولى من المؤامرة.
والمرحلة الثانية من هذه المؤامرة هي الانتقال الى حرب الشوارع ودخول العصابات المسلحة الى العراق كالجيش الحرّ وجبهة النصرة ومرتزقة حزب البعث, وحثالات بشريّة مرتزقة من هنا وهناك, ليحوَّلوا العراق الى انقاض وحرائق ومذابح ومقابر جماعيّة, كما يحصل منذ سنين في سورية.
ولسنا نشك أنّ قادة المؤامرة ومدبريها في قطر والسعودية وفي امريكا يخططون لنقل الكارثة التي أنزلوها بسوريّة الى العراق هذه المرة ليجري مسلسل الاجرام والقتل والتخريب في سورية والعراق بصورة متزامنة.
ومن أعظم الواجبات الاسلاميّة- الوطنية في فتنة مثل هذه الفتنة أن يتحرك أصحاب الضمائر والعقل والدين لدرء هذه المحنة عن العراق.
وفي هذا السياق نخاطب عصابات الفتنة ونقول: أنّ العراق بكل شرائحه شيعة وسنّة لن يسمحوا إن شاء الله لان تعود هذه العصابات الطائفية التي اهلكت الحرث والنسل في العراق الى مواقع الحكم والقرار مرة أخرى.
ولكننا لا نستبعد في نفس الوقت أن تجَّر هذه العصابات العراق الى فتنة طائفية عمياء كالتي تجري في سورية, إذا لم ينهض المخلصون من العلماء والمثقفين بتوعية واسعة لجماهير العراقيين بأخطار هذه الفتنة, وفضح هذه الشبكة المتأمرة على وحدة البيت الاسلامي الكبير في العراق, وفضح أهداف هذه الشبكة ومن يقف خلفها من القوى الاقليمية والغربية.
إن الشبكات الفضائية القطرية والسعودية تنقل الى العالم في كل اسبوع الخطابات الطائفية التحريضية والاستفزازيّة لهذه العصابات.
وعلينا نحن أن نُسْمِعَ العالمَ في مقابل هذا الخطاب المتشنج, خطاب الاسلام والعقل والاعتدال الذي يرفعه جماهير شعبنا في إستنكار هذه المؤامرة الطائفية والدعوة الى إخماد هذه الفتنة.
وإن لم تتظافر الجهود على إخماد هذه الفتنة, والاعلان عن رفضنا واستنكارنا لهذه المؤامرة, فإنَّ الفتنة التي يثيرها هؤلاء في العراق قدّ تعُّم الجميع لا سمح الله, كما حدث مثل ذلك في سورية.
يقول تعالى: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}الأنفال/25.
النجف الأشرف