معجزات المسيح (ع) في قصائد السيّاب - فاطمة فائزي-طهران

Sun, 10 Jul 2011 الساعة : 12:43

 القسم 2
ب.
أما المعجزات كرامات عيسى المسيح (ع) الخالصة لشخصية المسيح (ع) فقد إستعملها الشعراء المعاصرون بمثابة رموز في أدبهم و شعرهم.
و يستلهم الشاعر بدر شاكر السيّاب فكرة التأثير الخارق لقوة من القوى كبقية الشعراء المعاصرين و يستغلّ هذا الملمح من شخصية المسيح (ع) و من هذه الرموز التي إستعملها السيّاب في شعره من الموروث المسيحي وشخصية مريم**(ع).
ج. رمز شخصية مريم (ع): ففي قصيدة «شناشيل إبنة الجلبي » للسيّاب، حين يستعيد الشاعر ذكرياته عن شتاء قريته، و كيف كان يتساقط المطر من خلال سعفات النخيل كأنّه الرطب يقفز إلى ذهنه ـ عن طريق التداعي الحر ـ موقف مريم (ع) عند مولد المسيح، و هي تهزّ جدع النخلة ـ فيتساقط عليها الرطب، و عن طريق تداع آخر يثب المسيح إلى ذهن الشاعر مرتبطاً بتجربة الشاعر الخالصة في مرضه، و رمزاً لتلك القوة الخفية التي كان يأمل ان تتحقق على يديها معجزة شفائه [1] :
و تحت النخل، حيث تظلّ تمطر كلّ ما سعفة
تراقصت الفقائع و هي تفجر، انه الرطب
تساقط في يد العذراء، و هي تهزّ في لهفة
بجذع النخلة الفرعاء لتاج وليدك الأنوار لا الذّهب
سيصلب منه حب الآخرين. سيبرئ الأعمى
و يبعث من قرار
القبر ميتاً هذه التعب
من السفر الطويل
إلى ظلام الموت. يكسو عظمه اللحما
و يوقد قلبه الثلجي
. فهو بحبّه يثب[2]
و في هذه القصيدة تستلهم ـ إلى جانب آية المائدة السابقة ـ قوله تعالى في سورة مريم "فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربّك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنبيا"[3] ـ وهي من القصائد القليلة التي إستمدت ملامح شخصية المسيح (ع) من مصادر إسلامية خالصة.
" إلى جانب ذلك فقط نشأ السيّاب يتيماً، يبحث في وجوه النساء عن ملامح أمّه، فلم تقع عيناه إلا على قسمات توحي بالرياء واللامبالاة و النّفور. و لم تستطع جدّته لابيه تعويض الحرمان الذي كان يعانيه، على الرّغم من الحنان و الحب اللذين غمرته بها. و صحيح أنّها كانت ملاذه و خشبة خلاصه، في طفولته، يأوي إلى حضنها الدافئ، و يدرأ عنه نظرات أترابه الشامتين، إلا انها لم يتمكن من تبديد كآبته، فظلّ يعاني عقدة نقص، و عجز عن الإقتناع بأن الموت سنة عامة، و بأن طريق الحياة قد تقصر أو تطول. و لذلك كتب أحاسيسه، و لاسيّما بعد ما أيقن أنّ أمّه لن تعود، و أن تسويفات ذويه مخدّر فقد مفعوله، و لم يكن عمره يسمح له بإكتناه مغزى الأمور المعقدة فظلّ يسأل عن أمّه، و عن وقت رجوعها. و كان الجواب دائما «بعد غد»"[4] :
كان طفلاً بات
يهذي قبل أن ينام
بأن أمّه ـ التي
أفاق منذ عام
فلم يجدها، ثم
حين لجّ في السؤال
قالوا له: «بعد
غد تعود...»
لابدّ أن تعود[5]
يحسّ الشاعر بالألم والعذاب من فراق أمّه التي لم يقدر لها الدهر أن تكون مع إبنها لمدة أطول. و تلوح له الذكريات الحلوة عن حياته مع أمّه وسط جو قاتم من الأحزان والبؤس و المشقة فتومض قصيدة شناشيل ابن جلبي بلمعات من سعادة الأمس البعيد.
فقد عاني الشاعر كثيراّ في حياته و ذاق أنواع العذاب و أنواع الآلام الجديدة و المعنوية والنفسية.
فلهذا يرسم الشاعر صورة أمّه في قصيدة شناشيل إبن جلبي من خلال مريم المقدسة فهو يبحث عن أمّه. و بطلات قصائده في الحقيقة، هنّ توسل للحب الذي يفقده.
و لانه يتقمّص شخصية المسيح (ع) رمزاً لنفسيته و الأمة فمن الطبيعي أن يتّخذ شخصية القديسة مريم رمزاً لأمّه و حبّها الطاهر و حنان الأمومة و الغرض من إنشاده لقصيدة شناشيل إبنة جلبي و أخذ ملمح شخصية مريم (ع) لحبّه لأمّه و صورة لها؛ " إنّها الرغبة في النكوص إلى الماضي الذي يمثّل، بالنسبة اليه عهد النعيم والطمأنينة، والحب" [6]
و يشعر الشاعر بالنقص و الحرمان و الألم و يستمرّ الألم طالما إستمرت رغبته في لقاء أمّه التي ليست لها وجود في هذه الحياة ـ فيدفعه التفكير إلى " التهالك على كلّ ما نظن إنه يهدّئه "[7].
كان الشاعر بحبه العميق للقديسة مريم (عليها السلام) الذي يرى صورة أمّه فيها. يعاقب نفسه، فيتسرب إليه الحرمان من الحب و الملال من عدم تمكنه لرؤية أمّه و هذا الحرمان الذي لا فكاك له يتحوّل إلى عقاب جسدي و ينتشر في كافة جسده من ألم و المرض و الإرهاق.
" فالسيّاب لم ينقطع ولو لحظة عن التفكير بأمّه في اللحظات التي ظنّ فيها أنّه سعيد و كانت تتراءى له في قصائده و أشعاره، فيتعذب و في وجهي جديته اللتان فقدهما أيضا، في تألم و لهذا عشق الألم على الرغم من كفاحه للخلاص منه و من هنا شقاءه، لأن جهوده لم توصّله إلى الراحة و السكينة، بل إلى تعددّ أنواع آلأمّه، فعاش أسير مرضه و آلام جسده و اسير أوهأمّه و وساوسه"[8].
" لهذا يرى السيّاب النور و الراحة في وجه القديسة مريم (عليها السلام) التي يخيّل لها صورة أمّه فيها فهو يطلب و يرجو الشفاء و الشفاعة والراحة و السكينة. و لا تتبدّى للشاعر السعادة إلاّ حين يستعيد في ذاكرته صورة أمّه، و لكن سرعان ما يفتح عيناه على واقع الحياة المر، فيقع من
بحرمن الشقاء التي يدمّره. لأنّه لم يبق في نظره من سعادته و حبّه لأمّه سوى ذاكرة".[9]
فهو يفقد ما فيه لطفولته و ذكراه مع أمّه في نقل هذا الماضي إلى الحاضر من خلال رؤية صورة أمّه في القديسة مريم (ع ) لانّ الشاعر يريد العيش مع ماضيه الجميل و ذكرى أمّه إلى الأبد و كذلك يطلب الشفاعة من القديسة مريم (ع) لأنه يرى لحب الأم قوة خارقة والسعادة الأبدية من الراحة والسكينة و الطمأنينة و الحب.
فإن السيّاب و من خلال ترسيم صورة مريم (ع) في قصيدة «شناشيل إبنة جلبي»، أحسّ بأنّه " عاد إلى أحضان «الرّوحية» إذعاناً لصورة الأم، و تقبلاً لإرادتها، فقد كان يحسّ أنّه لا يستغني عن وجه من وجوه اللقاء بها" ،[10]
و هذا معناه أن يؤمن على الأقل بالتحلّي بالأمل و الإيمان و طلب الشفاعة من الشخصية المقدسة لمريم (ع).
فهو يرى فيها القوة و كفاحه النضالي في مجال «الروحية». و كذلك الشاعر يصوّر الأمة و عذابها منخلال إتكاء مريم (ع) بجذع النخلة الفرعاء. فإنّ مصاعب و حزن مريم(ع ) يمثل أوجاع طفولته و إستحالة الأم، في زمن المرض و الشدّة والدموع، الحامية والإلهة التي تجترح العجائب و المرض يجعله يتمسك بجبال الأمل والرجاء و يستغيث بمن يحب و لأنّه يرى صورة أمّه في القديسة مريم (ع ) ولهذا يرجو الخلاص و الشفاعة منها ـ "كما أنّ النخلة في شعر السيّاب يرمز إلى الآلهة أو الأم دائما"[11].
وكذلك "الأمّ ترمز إلى كلّ ما يهب الحياة"[12].
فمن العسير أن ينسى مرحلة نعم فيها بكلّ ما يحلم الطفل من رعاية و إهتمام. ولأنّه وجد نفسه وحيداً و يصارع قدره يائساً، حاول أن يعيش في الماضي هارباً من ثقل الحاضر ومن مصير المستقبل القاتم فصورة «النخلة الفرعاء» هي قوة الإيمان بشفاعة القديسة مريم (ع)، التي يستند عليها الشاعر فتغنيه عن السند الذي كان يحتاج إليه و هو متفرّد و منعزل في شبابه الباكر لا يجد إلا «النخلة الفرعاء» مستنداً عليها تحمل روحه أو جسده.[13]
و هاهو يوحّد صورة أمّه مع القديسة مريم (ع) و معجزة ولادة المسيح (ع) في القوة الرمزية.
"ففي هذه القصيدة يعود السيّاب إلى الأمّ بعد إنتماء جماعي إلى فرديته القديمة".[14]
و غرض الشاعر من إنشاء القصيدة هو اليأس و الضجر في إسترجاع ذكرى أمّه ـ فهو يشعر بفقدانها أكثر في فترة مرضه و ما جرّه من نتاج، فلهذا جعل القديسة مريم (ع) قناعاً لأمّه و حبّها و عذاب طفولته. كان القديسة مريم (ع) تماهت في صورة أمّه التي يخيّل إليه أنّه يسمعها و يشعر بدفء نورها التي تتسرب إلى عالمه المظلم المملوّ بالألم و الحرمان. و لانه يطلب من أعماق أن يولد من جديد أو يموت و يبعث من جديد من الموت و يودّع الألم و العذاب فلهذا يتقمّص شخصية المسيح و يصوّر مريم (ع) و معجزة ولادة المسيح (ع) فقد آمل شعر الشاعر أنّه بتمثيل لهذه الصورة قديولد من جديد مع ولادة المسيح (ع) فلذلك يريد المعجزة وهو الشفاء و الولادة من جديد في حياة أرقى و أسعد و يطلب ذلك بشفاعته من مريم المقدسة (ع).
د. رمز شخصية لعازر:
و من معجزات المسيح (ع)، هو إحياء لعارز من موته.
" فمن الشخصيات لدينية التي إستدعاها الشعر المعاصر والتي حظيت في التراث الديني بلون من لقداسة، شخصية لعازر الذي أحياه المسيح بعد موته، و قد شاع وظيفة لعازر رمزاً لبعث و الحياة بعد الموت في الشعر المعاصر"[15]، وخصوصاً في شعر السيّاب الذي إستخدم شخصية لعازر رمزاً للبعث بعد الموت.
" ففي قصيدته(مدينة السندباد) أداء شعري يتركّب من حلقات تصويرية، يتآزر في بنيتها الداخلية شر من الأنماط الأدائية، فهي تستخدم الأسطورة، و توظّف مغزاها مع دلالات موائمة ع التراث الإسلامي و المسيحي ، لتخدم في تضامينها، ترميز نسيجها اللغوي ، و فيه إقتدار فني يتلبس في توّحد و تجسّد واسطة إندماج شذرات الصور في تواصل داخلي متيحاً رؤية كونية متكاملة و تتكئ القصيدة على جدلية الموت والحياة على حسب طقوس الأسطورة التموزيّة و إن كان لا يذكر (تموز) في القصيدة و إنّما تتقاعد
ملامحه الأسطورية من خلال الإيماءات الطقوسية حيث يمتزج الشاعر به، و يتجسدان ـ معاً ـ في تشخيص متوحّد"،[16]
و كلاهماـ في مفتتح قصيدة «السندباد» في زمنية الموت :
جوعان في القبر
لا غذاء
عريان في الثلج
بلا رداء[17]
" و من جهة أخرى فإن السيّاب يرغب فقط في العودة إلى رحم الأرض الأم انتظار لولادة جديد ـ بل إنّ «السيّاب» بحتمية التداعي النفسي و السببي ـ يربط ـ مباشرة بين (تموز) في صورته الأسطورية السابقة،وبين «ألعارز» في صورته المسيحية ، رافضاً ـ أيضاً ـ في توحّده معه هذه المرة العودة لحياة لا أمل فيها"[18] ، فيقول:
من أيقظ (العازر) من رقاده الطويل
ليعرف الصباح
والأصيل
والصيف والشتاء
لكي يجوع أو
يحسّ بجمرة الصدى
و يجذر الردى
و يحسب الدقائق
الثقال و السراع
و يمدح الرُعاع [19]
" و في المقطع الثاني يمزج (السيّاب) بين (أدونيس أو تموز) في مسماه اليوناني أو البابلي،و بين صورة (ألعارز) السابقة، و يتعادل كلاهما أدونيس ـ العارز في العودة للحياة،و هما خائران يائسان، عاجزان عن منح الأرض العقيم ما يعيد إليها خصبها "[20] ، فيقول:
أهذا أدونيس؟
هذا الخواء؟
و هذا الشحوب، و
هذا الجفاف
أهذا أدونيس ؟
أين الضياء
و أين القطاف؟
مناجل لا تحصد
أزاهر لا تعقد
مزارع سوداء من
غير ماء
مزارع أدونيس يا
لإنحدار البطولة
لقد حطم الموت
فيك الرجاء
و أقبلت بالنظرة الزائفة
و بالقبضة الفارغة[21]
و مع براعة (السيّاب) في إستخدام مدلولات البعث أو الإنبعاث، فقد غلب عليه طابعه الذاتي من سيطرة فكرة الموت و أنّ (الموتى ) لا يرجعون، ذلك الطابع يمثّل قراراً نفسياً في كثير من قصائده مثل قصيدة (سفر أيوب) يوظّف السيّاب قصة (لعارز) مرة أخرى في صورة مقابلة تشي برغبة
جارفة في العودة إلى الحياة، و التمسّك بالبقاء و واضح مدى تشابك جدلية الموت والحياة. و منها[22]:
ليتني (العارز) إنقضّ عليه الحمام
يسلك الدرب عند الغروب
يتمهّل لأيّ فرع
الباب من ذا يؤوب
من سراديب للموت
عبد الظلام
لن تصدق
أني ... تسهوي يداها
عن رتاج و تصفر
لي و جنتاها
...ايه (اقبال)
لا تيأس من رجوعي
هاتفاً قبل أن أخترع
الباب: عاد
عازر من بلاد
الدُجي و الدموع
قبليني على جبهه
صكّها الموت و صكّاً أليماً
حدقي في عيون
شهدن الردى و المعادا
عدت ـ لن أبرح
الدّار حتّى لو أنّ النحو ما
دحرجت سلماً من
ضياء و قالت: تخطّ السديما[23]
و نضيف بأنّ السيّاب عمد إلى كرامات السيد المسيح و معجزاته ، " فوظّفها في قصائده الذاتية والاجتماعية و جعلها تحمل دلالات البحث عن المعجزة المخلصة، كذكره لسير المسيح على الماء، إحيائه (ألعازر)، و تطهيره للأبرص و شفائه للمرضى، و غير ذلك من الكرامات، و قد برع في تحوير دلالاتها بجعلها صرخات تنتظر يد المعجزة لتخلّصه مما كان يعانيه من الآلام الجدية و النفسية مرةً "[24] ، مثل أنشده في قصيدة «في غابة الظلام»:
أميت فهيتف المسيح
من بعد أن يزحزح
الحجر:هلمّ يا عارز[25]
ه ـ شفاء الأعمى و الأبرص : "و من معجزات المسيح (ع) كان شفاءه للأعمى و تطهيره للأبرص و يستخدم السيّاب رموز تخلّص الآخرين من حاملي وزر عالم خراب من واقعهم المتهرئ المخيف"[26]، في قول في «القصيدة السندباد»:
خيّل للجياع إنّ
كاهل المسيح
أزاحه عن مدفنه الحجر
فسار يبعث
الحياة في التصريح
و يبدي الأبرص
أو يجدد البصر[27]
و. يهوذا؛ الشخصية المنبوذة :
" الشخصيات المنبوذة هي تلك الشخصيات التي إرتكبت خطيئة فحلّت عليها اللعنة و يمكن التمييز بين نوعين من هذه الشخصيات النوع الأول لهذه الشخصيات التي حلت عليها اللعنة لتمرّدها على إرادة الله عز وجل، و على قمة هذا الغريق و يقف «الشيطان» ويتلوه في الصف «قابيل» بني آدم أوّل قاتل على وجه الأرض متحدّياً إرادة أبيه و إرادة الله. أما النوع الثاني فسبب لعنته السقوط و ليس التمرّد، و على رأس هذا الفريق يقف يهوذا تلميذ المسيح الذي وشي به إلى الكهنة "[28].
" و قد وجدت هذه الشخصيات لوناً من تعاطف الأدباء في العصر الحديث، و خصوصاً الأدباء الرومانتيكين في التعبير عن تعبير الشيطان هو الشاعر الإنجليزي ملتون في «الفردوس المفقود» الذي كان بطله الأول الشيطان، و قد تغنّي الشاعر بنزعته إلى الحرية و تفرّده، و قد تأثر الرومانتيكيون جميعاً بصورة الشيطان عند ملتون حيث صوروه بصورة الثائر الذي نبذ قسراً من الأدباء الرومانتيكيين: بيرون، و ألفريد، دي فيني، و فيكتور هجو و سواهم"[29].
ولقد تأثّر الشعراء المعاصرون بهذه الإتجاهات الغربية المتعاطفة مع مأساة هذه الشخصيات المنبوذة و قد ظهرت بوادر هذا التأثر في قصائد عديد من الشعراء المعاصرين و الأدباء الرومانتكيين و منهم كان بدر شاكر السيّاب الذي إستفاد من الشخصيات المبنوذة في شعره ك«قابيل» و «يهوذا» و غيرها من الشخصيات التي إستعان بها للتعبير عن خلجات نفسه و شرح موقف المجتمع العربي المعاصر بما فيه من الظلم أو الفساد أو الجهل و التخلّف. هو من الشخصيات المنبوذة في التراث الديني، و التي لم تحلّ عليها اللعنة بسبب تمرّدها على الشرائع و التعاليم و إنّما بسبب خطيئة أخلاقية لا تقبل التبرير، أو جريمة في حقّ الإنسان، فإننا لا نجد أحداً من الشعراء المعاصرين إستخدم مثل هذه الشخصيات في غير التعبير عن جوانب السقوط و الخسة و الجريمة في تجربة الإنسان المعاصر،[30] "فهو
من أشهر هذه الشخصيات و هو فإن تلميذ المسيح الذي وشي به و أسلمه ".[31]
" و شخصية يهوذا في شعر السيّاب كما هو الحال في كلّ شعر المعاصر للجريمة، و للخيانة، والسقوط "[32] ، فهو في «مدينة السندباد» يغري الكلاب بأطفال المدينة تنهش لحومهم:
فيها يهوذا أحمر الثّياب
يسلّط الكلاب
على مهود إخوتي،
الصغار و البيوت
تأكل من لحومهم [33]
و نشير بأن رمز يهوذا في كلّ قصائد الشعر الحديث يحمل نفس الدلالة.

** مريم (ع): القديسة العذراء إبنة يواكيم و حنّة من سبط يهوذا من آل داود. عاشت في الناصرة حيث ظهر لها الملك جبرائيل و بشّرها بالحبل
البتولي بالمسيح الكلمة المتجسد. إنتقلت إلي السماء بنفس الجسد و قد شاد المسيحيون لتكريمها الكنائس في أقطار المسكونة و تبارى فنانونهم في إبداع أيقوناتها. ويحفّها المسلمون بالإعتبار و يدعونها. «ستّنا مريم». أهم أعيادها: الإنتقال ؛ 15 آب، الحبل بلا دنس 8 ؛ كانون الأول، البشارة؛ 25
آذار، أنظر المنجد في الأعلام، (حرف الميم)، ص 657.
مصادر البحث
[1] أنظر:عشري زايد، علي؛ إستدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، ص 87.
[2] السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية، الكاملة، ج 2، ص 26.
[3] القرآن الكريم، سورة مريم، الآيتان 24، 25.
[4] بطرس، أنطونيوس، شاعر الوجع، ص 14.
[5] السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة، ج ، ص 237.
[6] بطرس، أنطونيوس؛ شاعر الوجع، ص 24.
[7] كريسون، أندرية؛ شوبنهور؛ ترجمة كوي، أحمد، ص 42.
[8] بطرس، أنطونيوس؛ شاعر الوجع، ص 25.
[9] م.ن، ص 25 ، بتصرف.
[10] عباس، احسان؛ بدر شاكر السيّاب ((دراسة في حياته و شعره))، ص 272 ، بتصرف.
[11] م.ن، ص 278.
[12] العيسوي، عبد الرحمن؛ مشكلات الطفولة و المراهقة، ص 371.
[13] أنظر: عباس، إحسان؛ بدر شاكر السياب دراسة في حياته و شعره، ص 272
[14] م.ن، ص 272 ، بتصرف.
[15] عشري زايد، علي؛ إستدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، ص 94 ، بتصرف.
[16] عيد، رجاء، لغة الشعر «قراءة في الشعر العربي الحديث»، ص 318.
[17]السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة ، ج 1 ، ص 227.
[18]عيد، رجاء؛ لغة الشعر «قراءة في الشعر العربي الحديث»، ص 319، 320 ، بتصرف.
[19]السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة، ج 1، ص 228.
[20]عيد، رجاء، لغة الشعر «قراءة في الشعر العربي الحديث»، ص 321 ، بتصرف.
[21]السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة، ج 1، ص 229.
[22]أنظر: عيد، رجاء؛ لغة الشعر «قراءة في الشعر العربي حديث» ، ص 320.
[23]السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة، ج 1، ص 440.
[24] علي،عبد الرضا؛ الأسطورة في شعر السيّاب ، ص64 ، بتصرف.
[25]السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة، ج 2، ص 118.
[26] علي عبد الرضا الأسطورة في شعر السيّاب ، ص65.
[27] السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة، ج 1، ص 232.
[28]عشري زايد؛ إستدعاء الشخصيات التراثية في شعر العربي المعاصر، ص 98.
[29] غنيمي، هلال؛ الأدب المقارن ، ص 213 و ما بعدها.
[30]أنظر: عشري زايد، علي؛ إستدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، ص 102.
[31] إنجيل متي: الإصحاح السادس و العشرون.
[32] عشري زايد، علي؛ إستدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، ص103.
[33]السيّاب ، بدر شاكر؛ المجموعة الشعرية الكاملة، ج 1، ص 463.

• فاطمة فائزي ماجستير اللغة العربية طهران
Email:
[email protected]

Share |