عيد الصحافة .. وحزن الانسان العربي -د. محمد ثامر مخاط

Sat, 7 May 2011 الساعة : 12:06

تشير الاحصائيات الى ان هناك 490 فضائية عربية ، تتوزع بين ( 386 ) منوعات وقنوات اخبارية ، (27 ) دينية ، و ( 81 ) قناة للفتاوى ، هكذا يشير د. نسيم خوري في ورقة نقاشية بعنوان "الاعلام  ومسيرة الاصلاح في الاقطار العربية " وتحديدا في الصفحة 228 ، وإذا قمنا بمقارنة هذه المعلومة بمعلومتين اخريين ، هما : ان المفوض السامي لحقوق الانسان يتلقى سنويا ما يقارب ( 100 ) الف شكوى تتعلق بانتهاكات حقوق الانسان ، ونسبة مساهمة المواطن العربي في تلك الشكاوى لا تكاد تذكر ، والاحصائية الثانية تقول ان عدد الشاكين الى منظمة العفو الدولية التي تتلقى شكاوى تتعلق بسجناء الرأي بلغ مليون مشارك حصة العرب منها ضئيلة جدا ..
   وإن استقراءً لهذا الكم الرقمي يشير الى ( حقيقة ) واحدة فقط هي ان من لا يشاهد الا القنوات المنوعة فهو منعم بالرفاهية حتما ، وان من يكف عن رفع أي شكوى انتهاك لحقوقه يدل على انه يتناول ماله من حقوق على اتم وجه وافضل سبيل .. !!!
       ولكن واقع الحال يشير الى  خلاف تلك ( الحقيقة ) ويدل اكثر على ان الصحافة العربية وقعت فريسة اعتداء ثلاثي النفوذ يتمثل بـ :
1-    النفوذ السياسي ( الحكام والوزراء والبرلمانيون ورؤساء المؤسسات السياسية )
2-    النفوذ المالي ( التمويل )
3-    نفوذ العولمة ( الاساليب والموضوعات )
واستسلمت واخذت تحاكي وسائل الاعلام الغربية بوسيلتيها الفاعلتين ( العنف والجنس ) واستقصت مماهية اصحاب المال وارباب السطلة ، ونست وتناست الانسان ، وعجزت ان تكوّن او توجه رأيا عاما عربيا يلتفت اول ما يلتفت الى الانسان العربي ..
     وهكذا فالتفسير الصحيح للاحصائيات يشير الى ان الانسان يأس وفقد الثقة في اعلامه ، وإن الاعلام هو الآخر ادرك هذه الحقيقة فساقه الى المنوعات التي لا تجلب غضب الحكام وتدعم رضا الممولين .. كما تشير تلك الاحصائيات أيضا الى عجز الصحافة عن تعبئة الانسان العربي للمطالبة بحقوقه واستنهاضه للدفاع عنها وفق اساليب مدنية وقانونية ، أو ان تزرع فيه مجرد الاهتمام بحقوقه . .
      لقد اقيمت الصحافة العربية على ركنين فقط لم يمكناها من الاستقراء والتطور والنمو وهذين الركنين هما الركن السياسي والركن الاقتصادي ، بينما فقد الركن الاساسي وهو الركن الاجتماعي ، ركن التواصل مع الانسان والمجتمع ، والذي يجعل بدوره الصحافة متميزة وقادرة على النهوض وثابتة ومتمكنة من الخلق والابداع . .
المراجع :
1-    د. نسيم خوري ، ورقة نقاشية الاعلام ومسيرة الاصلاح في الاقطار العربية ، بيروت ، 2010 ، ص 228 .
2-    د. محمد بشير الشافعي ، قانون حقوق الانسان ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2000 ، ص 331 .
3-    د. نبيل دجاني ، الاعلام العربي وصناعة الرأي العام الدور المفقود ، بيروت ، الاعلام ومسيرة الاصلاح في الاقطار العربية ، 2010 ، ص 207 .

Share |