عشرات الاطفال والنساء يبحثون عن لقمة العيش بين النفايات/حسين علي غضبان
Tue, 12 Mar 2013 الساعة : 23:20

ما ان يبزغ ضياء فجر جديد ومع اولى ساعات الصباح , تنطلق قوافلهم باتجاه الشمس, يحملون على اكتافهم اكياسا فارغة اعتقد انها مملوءة هموما ثقالا لزمن لم يعد يرحم براءتهم , وانسانيتهم ... اطفال صغار تلمح على وجوههم تجاعيد المسنين, وعلى اكتافهم هموم الكبار... وجوه اسمرت بفعل حرارة الصيف اللاهبة... ولفحات برد الشتاء القارصة... ثياب رثة مزقتها عوامل القدم ... وايد تشققت بفعل البحث عن لقمة العيش المرة في اماكن تفوح منها روائح تشمئز منها الانوف, وتعوفها النفوس... فيها وليس في غيرها حكم القدر ان تكون مصدرا لرزقهم ...... بعد ان حكمت قسوة الحياة.... وعدم مبالاة الرعاة بالرعية ... ان تكون النفايات هي المصدر الوحيد لعيش هؤلاء وهي الاداة التي تخفف عنهم الم الجوع ... ومعاناة الحرمان ... صغار .. بنين ...وبنات ... ليس لمهنتهم من ادوات, سوى كيس يحمل على الظهور... واكف ناعمة تقرحت وتخشنت , نتيجة النبش بين اكوام النفايات ... انوف تعودت على شم الروائح الكريهة, بعد ان عجزوا عن استنشاق رائحة العطور والورود... لغياب رعاية الدولة لهم وعدم التزامها بمسؤولياتها عندما تركت هذه الفئة تواجه الحياة وصعوباتها دون معين....
وازاء ذلك اندفعوا مجبرين نحو عالم النفايات ... لتوفير مستلزمات الحياة , والبحث عن لقمة العيش بين الازبال , حيث من المفترض ان يكون هؤلاء في معاهد الدراسة صباحا , ويلهون في الحدائق والمتنزهات مساءا...
الازبال .. مصدرا للعيش هل يمكن للنفايات ان تكون مصدرا للعيش ... ولسد رمق الحياة للآلاف من العوائل العراقية ,في بلد يطفو على النفط وارضه مثقلة بالخيرات... ولكن لم هذه المهنه دون غيرها ..؟ الم تجدوا مهنة اخرى تصون كرامتكم وتحفظ انسانيتكم ....؟ فكان الجواب واحد لم تبق مهنة لم نزاولها ولم يبقى امامنا الا التسول هل ترضى ان نتسول ونحن في بلد يعد الاغنى بين بلدان العالم واجاب اخر , الا تعتقد ان جمع النفايات , وتحمل روائحها وحتى امراضها اكثر رحمة من مد اليد للاخرين, او امتهان مهنة غير شريفة ...
عدة العمل .... احد الاطفال يقول ..نحن ثمانية ابناء خمس اناث تركن الدراسة , وثلاثة ذكور , اما الوالد فهو عسكري متقاعد , ويتقاضى راتبا لايكفي لسد احتياجات البيت لمدة اسبوع ,كذلك بيتنا ايجار ومتطلبات العيش هي ثقيلة على كاهلنا نحن الفقراء .... وعن سبب امتهانه هذه المهنة اجاب بحزن بحثت عن عمل في كل الاماكن في الحي الصناعي , في المطاعم فلم اجد.. ولم يبق امامي الا المزابل التي لاتحتاج الى خبرة او راس مال او شهادة او رشوة وكل ما ا حتاجه هو كيس ( جنفاص ) اضعه على ظهري واجوب الشوارع بحثاِ عن النفايات . وماالذي تبحث عنه في النفايات..؟ ابحث عن كل شييء قابل للبيع مثل علب المشروبات الفارغة وعلب العصائر وعلب المياه الشفافه وصفائح الزيوت وقطع الفافون ونوعية الاشياء التى نبحث عنها تختلف من منطقة الى اخرى فالمناطق الراقية تكون فيها نوعية النفايات غيرها في المناطق التي تسكنها طبقات فقيرة فاحيانا نجد الكثير من الاشياء التي يمكن الاستفاده منه مثل الملابس وادوات الطبخ كذتك نجد احيانا جهاز راديو او مبردة او تلفزيون واحيانا نجد بعض الافرشة مثل البطانيات او الكاربت او الموكيت البعض منها نبيعه بمبالغ جيده وبعضها نستفيد منه في بيوتنا ...البعض قال كنا نعمل في المناطق كفلاحين في المناطق الصحراوية وبعد ان اهملت تلك المزارع بسبب ارتفاع اسعار البذور والاسمدة لم يبق امامناالا العمل في النفايات ونحن لانملك لا راتبا ولا بيتا سوى بيتا مبني من الطين يقطر ماء في الشتاء .... ويفور كالتنور في الصيف .
لم تستطع ام احمد ان تحبس دمعتها الساخنة التي عبرت من خلالها عن مدى الذل الذي تعانيه ... تركتني والعبره تخنقها وواصلت النبش بين النفايات بحثا عن شيء يمكن له ان يباع لتلقم في نهاية النهار افواها جائعه من خيرات المزابل , فيما بدأ ابنها الصغير يبكي الجوع فألقمته ما عندها من خبز , بينما هي واصلت مشوارها اليومي في مقبرة النفايات .... في انتظار ان تحمل غلتها على عربتها التي يجرها الحمار..