الدونمه..بين تركيا وقطر/مهدي الصافي

Tue, 12 Mar 2013 الساعة : 6:16

لم يكن انهيار الإمبراطورية العثمانية(عشرينيات القرن الماضي), ورحيل أخر سلاطين بني عثمان السلطان عبد الحميد الثاني إلى منفاه في جزيرة سالونيك ,مجرد نهاية طبيعية لعجوز مخرف مليء بالأمراض,
وإنما هناك أسرار خفية لم يتعرف عليها الكثير,لاسيما تلك الأصوات الكريهة المنادية اليوم بعودة عهد دولة الخلفاء,
مع إن النماذج التاريخية للدول الإسلامية المتعاقبة(دولة قريش -والدولة الأموية والعباسية )نماذج شبه فاشلة ,وأحيانا كارثية(عدا دولة الرسول محمد ص-والإمام علي ع)
على الرغم من إن كثيرين تحدثوا عن مؤامرة ماسونية –يهودية-دولية, كانت تقف خلف رصاصة الرحمة التي أطلقها كمال اتاتورك ضد بقايا الجسد العثماني المتعفن,إلا إن الحقائق التاريخية التي تحدثت عن وجود لوبي يهودي قوي, كان يدعم ويغذي جمعية الاتحاد والترقي,ومن ثم دعم أعضائها لتأسيس وقيادة تركيا العلمانية الحديثة,هي الحلقة المفقودة في مسيرة التقييم العربي للدور التركي في المنطقة,
يقول الكاتب جعفر هادي حسن في كتابه الدونمه بين اليهودية والإسلام,إن ظهور ثقافة العودة للسيد المسيح ع, التي ابتليت به بعض الطوائف اليهودية وغيرها,استقرت فكرتها بقوة في جماعة اعتقدت إن شبتاي صبي هو المسيح المخلص(ولد عام 1626م في مدينة ازمير التركية من أبوين يهوديين),مع إن بقية الطوائف اليهودية عدته خارجا عن ملتها ,واتهم عدة مرات بأن سلوكه غير طبيعي(تغيير بعض عقائد اليهود المتمثلة بالمناسبات الدينية كالصيام والأدعية أو الترانيم والأعياد الخاصة بهم ,وكذلك إباحية تبادل الزوجات,الخ.)
,اعتقل ونفي هذا الرجل أكثر من مرة في القسطنطينية,ومن ثم أرسل إلى سجن أدرنة,وبحضور قائمقام تلك المدينة كورو مصطفى باشا, وشيخ الإسلام يحيى أفندي إمام القصر,وطبيب السلطان الخاص اليهودي الأصل فوزي أفندي,تحول شبتاي صبي إلى الإسلام بعد أن أقنعه الطبيب اليهودي بأنها الوسيلة الوحيدة لإنقاذ رقبته من كسرة الإعدام,
وهنا بداية الكارثة حيث تحولت هذه الطائفة الغريبة الأطوار, إلى طائفة باطنية خطيرة,تظهر الإسلام وتتعبد به شكليا,تغيرت أسمائهم اليهودية إلى أسماء إسلامية(وبنيت مساجد لها), لكنها بقيت تمارس عقائد يهودية سرية,بعيدة عن أعين السلطان العثماني,
المهم في كل هذه المتغيرات, امر باطنية هذه الطائفة المنبوذة يهوديا وإسلاميا(يمارسون الشعائر الإسلامية كالصوم والصلاة والحج ولكنها مجرد وسيلة لإخفاء حقيقتهم اليهودية الخاصة),فقد تحولت هذه الضلالات إلى واحدة من أهم عقائدهم القائلة بضرورة فسادهم (وفساد ملك الملوك,ملكهم شبتاي صبي)قبل ظهور السيد المسيح(والحق يقال إنها أيضا عقائد الديانات الأخرى المنتظرة للمنقذ أو المخلص بعد ان يفسد آهل الأرض) ,
متدرجة في هيمنتها الميدانية المحلية ماديا وسياسيا,ومن ثم اصبحت قوى خفية تحرك السياسة التركية الداخلية والخارجية,وتسيطر بشكل كبير على الحركات التحررية التركية (ويقال إنها هي من غيرت واستبدلت الأحرف العربية وحولتها إلى اللاتينية).
فوفقا لما يورده الكتاب عن وثيقة بريطانية منشورة حاليا,كانت مرسلة من السفير البريطاني إلى وزارة الخارجية مؤرخة 29 مايس1910م (محفوظة في مكتب الوثائق البريطانية العامة-كما يذكر الكاتب),تشرح الوثيقة علاقة طائفة الدونمه في سالونيك بجمعية الاتحاد والترقي(وابرز أعضائها عمانوئيل كراسو حيث كان الرئيس الأكبر للمحفل الماسوني المسمى "مسدونيا ريزورتا" ,وهو أيضا عضو مجلس الأمة العثماني,والذي كان من ضمن الوفد الذي أذاع بيان خلع السلطان العثماني الأخير..
تورد الوثيقة تفاصيل كثيرة حول علاقة تلك الطائفة بالوضع السياسي والاقتصادي التركي,التي سيطر أغنيائها على الحياة الثقافية التركية العامة, بما فيها الصحافة ,حيث كان مدير المطبوعات المتمتع بصلاحيات واسعة يهودي ماسوني ,إضافة إلى وزيرين في أول حكومة الانقلاب ,فائق ومصطفى عارف استلم الأخير حقيبة الداخلية..............
وصولا إلى وزير خارجية تركيا 1997-2002 إسماعيل جم(ابكجي),ورئيس المحفل الماسوني حتى عام 1999 ساهر طلعت عاكف,
ويقول الكاتب إن وزيران في حكومة بولند اجاويد الثانية كان من الدونمه,وكذلك تانسو جلر رئيسة وزراء تركيا ,الخ.
من هنا يجب ان نعرف إن التحالف الثلاثي الإقليمي المحلي(تركيا-قطر وبعض دول الخليج,والتحالف الكردستاني العراقي وبالأخص مسعود -الحزب الديمقراطي ,والذي يعتقد إن دولة كردستان الكبرى يمكن ان تقام علا أنقاض تلك التناقضات الاثنية والعرقية والطائفية) ,
المحيط بالمثلث الشيعي (كما يسميه أتباع الحلم العثماني-الصهيوني),لم يأتي من فراغ,وإنما خطط له بعناية منذ أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية وصولا إلى حروب الشرق الأوسط الجديد(لبنان-العراق-وسوريا-وإشاعة حروب الطوائف-الخ.),
وكذلك تقديم المساندة والمساعدة اللوجستية والمادية والإعلامية لتهيئة الأجواء لبداية رحلة مشروع التغير الشامل للمنطقة العربية(ثورات الربيع العربي),
فقبل ان تندمج دولة قطر الصغيرة في هذا المشروع ,تحالفت مع دولة إسرائيل ,وأقامت علاقات صداقة متبادلة فيما بينهم(حتى اجبر القرضاوي كما أشيع عن مهادنة ومصافحة عدة حاخامات يهود تحت ستار التطبيع العربي الإسرائيلي),
وتم استبدال القواعد العسكرية المتواجدة في السعودية بقواعد امريكية قطرية,وتحول مركز قيادة عمليات احتلال العراق إليها,وشن حملة طائفية منظمة تستهدف الشيعة في المنطقة العربية,
ومعاداتهم العلنية الغير مبررة لحزب الله اللبناني ,الذي قاوم واخرج الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان,وتكريمها دوليا لتنظيم بطولة كأس العالم,وبناء اكبر جامع للوهابية هناك, مع استقطاب العقليات الخارجة عن إجماع المسلمين, من نواصب اهل بيت النبي الأكرم عليهم السلام جميعا,وقد مارست قناة الجزيرة ,وهي فكرة يهودية بامتياز دورا فاعلا في إشاعة روح الكراهية بين أبناء الطوائف الإسلامية(بين السنة والشيعة),الخ.
هذه الحقائق يجب إن لاتغيب عن عقول الشباب العربي المندفع حول تلك الأحلام السخيفة المجردة من الأخلاق والقيم وحتى الرجولة,لأنها تستحقر العقول العربية وتدوس على تاريخ وثقافة تلك الشعوب,وتحولهم إلى إمعات ,ودمية سهلة التداول بين دول الإقليم الكبرى(سواء كانت إيران أو تركيا),فالمعطيات التاريخية الحديثة تقول إن رائحة الماسونية كانت دائما تفوح من المطبخ السياسي التركي الحديث ,وإنهم هم من باع فلسطين لليهود وليس الشريف حسين بن علي كما يدعون,مع إن هذا الأخير رحمه الله وقع في فخ لعبة سياسة القوى الدولية الكبرى..
ترى هل كان محمد بن عبد الوهاب منظر التيار السلفي,أو ابن تيمية أبناء أوفياء لتلك الطائفة,أم هم كمن تأثر بثقافة هذه الفرق ,فانحرفوا عن جادة الحق,ولعل كعب الأحبار هو أول من نظر لتلك الفرق اليهودية الباطنية,عندما أصبح راويا لحديث الرسول محمد ص,ومستشارا للمنافق معاوية بن أبي سفيان..........
هل بقي احد في ساحات الاعتصام في المناطق الغربية المنادية بتدمير العراق,غبيا إلى هذه الدرجة التي يضن فيها ان اردوغان هو مخلص الأمة ,وهو حفيد السلطان العثماني محمد الفاتح..........
مهدي الصافي

Share |