دعوة المالكي إلى تعديل الدستور و"هيئة قضاء مستقل" تواجه مصاعب سياسية وقانونية
Sat, 9 Mar 2013 الساعة : 7:25

وكالات:
أثار رئيس الحكومة نوري المالكي الكثير من التساؤلات بشأن دعوته تشكيل هيئة مستقلة للقضاء، وتجديده المطالبة بتعديل الدستور.
وكان المالكي في كلمة له في مناسبة يوم المرأة العالمي، أمس الأول، دعا إلى إنشاء "هيئة قضاء مستقلة"، وأكد أن الدستور يحتاج إلى تعديل وهناك ملاحظات على بعض فقراته.
وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها المالكي إلى تعديل الدستور، كما أنه لم يكون الزعيم السياسي الوحيد الذي وجد أن الدستور في الكثير من النواقص ويجب على الفرقاء السياسيين الشروع بتوافق بشأن التعديلات.
لكن المالكي يواجه صعوبات جدية بشأن انجاز تعديلات سلسة على الدستور، ومنها الخلاف مع بقية الكتل السياسية على أي مادة يجب تعديلها، والأهم إلى أي تعديل سيتم الاتفاق عليه.
ونالت الدعوة إلى تعديل الدستور إجماعاً كبيراً، بسبب ما تتضمنه من خلل، ويعتقد خبراء وسياسيون عراقيون أن هذا الخلل هو السبب في معظم الخلافات السياسية التي يعانيها العراق.
وفي البرلمان العراقي لجنة متخصصة بالتعديلات، لكنها قضت السنوات الماضية في عمل لم يثمر شيئاً بسبب تعثر التوصل إلى توافق.
اللجنة قدمت في 22 أيار 2007 تقريراً عن الخطوط العريضة للتعديلات، وفيها محاور عن "عوائد النفط التي يتم توزيعها بين الأقاليم والمحافظات على أساس الكثافة السكانية. وتشكيل المجلس الاتحادي من عدد متساو من ممثلي كل محافظة من المحافظات. إلى جانب أن يكون للحكومة المركزية سلطة على الضرائب والمياه وحماية البيئة والجمارك. وتعزيز مكانة المحكمة الدستورية العليا وتوسيع صلاحيتها، إلى جانب ضمان مكانة الهيئات المستقلة.
هذه التعديلات، وفق تقرير المعهد الأميركي للسلام الذي صدر في العام 2007، ستزيد من تماسك الحكومة المركزية في بغداد، وستضمن في نفس الوقت الاستقلالية الفدرالية".
وفيما قال البرلمان العراقي، في حينها، إنه يناقش هذه التعديلات، عمل لجنة تعديل الدستور على تقديم اقتراحات لحل مشكلتين عالقتين هما: مشكلة كركوك والمشكلة المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد في آب 2011 أن الدستور تضمن "ألغاماً بدأت تتفجر، وليس حقوقاً". فيما شدد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي على وجود حاجة تاريخية إلى تعديل مواد في الدستور، تهدد وحدة الشعب والبلد".
لكن مرَّ على عمل لجنة التعديلات أكثر من ست سنوات، ولم يتحقق شيء.
وفي الظرف السياسي الراهن تبدو دعوة المالكي إلى التعديل ناجعة من جهة أنها تحل الكثير من الأزمات، لكنه سيصطدم بعائقين: تعسر التوصل إلى توافق سياسي تحت وطأة أزمة سياسية معقدة، والانشغال بترتيب أوراق الحملات الانتخابية استعداداً لجولة مجالس المحافظات في 20 نيسان المقبل.
وفي شأن مطالبته تشكيل هيئة قضاء مستقلة، يبدو أن المالكي يشعر بأن السلطة القضائية تتعرض إلى ضغوط هائلة بسب النزاع السياسي.
ويعتقد مراقبون أن استقلال القضاء العراقي محاصر من القوى السياسية العراقية. ففي الوقت الذي يدفع المالكي باتجاه حمايته من التدخل، يتهمه خصومه بأنه يسيطر على رأس السلطة القضائية.
وعلى رغم أن مجلس القضاء اجتهد في النأي بنفسه عن الخلافات السياسية، لم يسلم من نتائجها.
وبلغ تأثير الخلافات ذروته أخيراً حين شُمِل رئس مجلس القضاء القاضي مدحت المحمود بلوائح "المساءلة والعدالة"، وعُزِلَ قبل ذلك من منصبه وفق قانون شرعه البرلمان العراقي ينظم عمل المحكمة الاتحادية الذي منعه من تولي منصبين في آن واحد.
ولم يوضح المالكي، في كلمته بيوم المرأة العالمي أمس الأول، أي تفاصيل بشأن الوضعية القانونية لهيئة جديدة للقضاء، وكيف سيكون عملها ارتباطاً بعمل مجلس القضاء.
وربما يفكر المالكي بمخرج ينقذ مجلس القضاء من الضغوط السياسية. لكن عليه أولاً أن ينال توافقاً سياسياً على مقترحه، وأن تتم الأمور من دون أزمات داخل البرلمان العراقي، وقبل ذلك كله التفكير بحسم التعدد في المهام القضائية بين الهيئة المقترحة والسلطة القضائية، إلا إذا كان يقترحها أن تكون بديلةً عنها.
وفي النظر إلى الدعوتين التي أطلقها المالكي، أمس الأول، فأنه في الوقت الذي يتحرك على ملفين مهمين من شأن حسمها تصفير مشاكل سياسية عدة، لكنه يواجه مصاعب جدية تتعلق بطبيعة الأزمة الراهنة قد تجعل من تحقيق الدعوتين أمراً شبه مستحيل.
المصدر:السومرية نيوز