تراجيديا السيد طالب الرفاعي/محمد عيسى الخاقاني
Sun, 3 Mar 2013 الساعة : 23:14

اطلقت عليها تراجيديا باعتبار تعريفها الذي يعني الالم والحزن والمأساة ، والتي تأتي نهاية قصتها بموت البطل او الابطال ، وذلك ان السيد طالب الرفاعي وبسبب طول عمره امد الله في عمره بصحة وعافية وحرسه ورعاه ، لم يبقِ من ابطال روايته او اماليه بطلا حيا ، فهم جميعا انتقلوا الى الرفيق الاعلى رحمة الله عليهم اجمعين ، وقد تركوا (للسيد) صياغة تراجيديا حياتهم من وجهة نظره الشخصية ، وحسب انطباعاته الخاصة عنهم ، وهذا العنوان يأتي تجاوزا مع الاعتذار، على اسم الكتاب الذي نشره الباحث الدكتور رشيد الخيون بعنوان امالي السيد طالب الرفاعي.
كتاب امالي السيد طالب الرفاعي هو مجموعة املاءات السيد على المؤلف ، وقد نشرها بعد توبيبها وان تداخلت بعض احداثها بين الفصول لتداخل مواضيعها ، الا انها شكلت صورة جديدة للمذكرات السياسية التي ازدادت وتكاثرت في العراق في العقدين الاخيرين.
كان السيد طالب الرفاعي (الراوي او المملي) في هذا الكتاب ، وقد مثل دور البطل في اغلب القصص التي حكاها ، وكانها رواية الرجل الواحد ( (One Man Show، وكما يقول المثل الالماني (من منا لا يروي قصة ليس هو بطلها) ، ولكن السيد الجليل الرفاعي حمّل ذكرياته مقاطع جارحة بحق بعض الرموز العلمية والشهداء الخالدين ، وكنت اتمنى انها ما كانت ضمن الامالي ، مع احترامي لشخصه الكريم ، خاصة انها لو حذفت من المذكرات ما اثرت على سير الاحداث ، ومنها قوله في الصفحة 171 : (كثيرا ما كنت اتجاسر على السيد الصدر بحكم الصداقة المديدة بيننا ، لا اخفي اني كنت متسرعا فقلت بالحرف الواحد بحدة ، الان فكرتَ بالاسلام وتقول هذا ليس بمصلحة الاسلام ، او يضعف الاسلام ، هل كان في فمك عظم ، لماذا لم تتحدث من قبل عن ضعف الاسلام ، وكنت معك صباح مساء....).
هذا الحديث مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر ، يرويه الرفاعي وقد خمن حدوثه بين عامي 1961 او 1962 ، طبعا لو كانت للسيد طالب الرفاعي ذاكرة حديدية لا يمكن ان يتذكر كل كلمة قالها للشهيد الصدر منذ 52 عاما ، خاصة وانه لم يتذكر السنة بالضبط ، ولذا ان ينقل النقاش الذي دار بينه وبين الشهيد الصدر بهذه المفردات وبهذا النص يعتبر امرا معيبا بحقه قبل ان يكون معيبا بحق الشهيد الصدر.
وكذلك حكمه على السيد الشهيد محمد باقر الصدر : (بانه كان قليل الحيلة في السياسة) في الصفحة 271 ، او (ان الصدر لم يكن كائنا سياسيا) في الصفحة205 وكذلك : (ما دفعه الى الشهادة هو قلة تجربته وخبرته في السياسة) في الصفحة 205 .
مع احترامي للسيد طالب الرفاعي وهو بمثابة عمي وقريب الى نفسي ، حيث اتصل بي اول يوم وصل فيه الى لندن هذا العام 2013 وتحدثنا لحوالي الساعة في الهاتف ، وقد طلب مني متكرما ان نلتقي ، لكن صروف الايام وظروف الزمان لم تساعدني لأوافيه والتقيه ، اكرر ومع احترامي لشخصه الكريم ، ان السيد طالب نقض ما قاله عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر في الصفحة 171 ، حين ذكر ان الملحق العسكري العراقي في القاهرة اعطاه ارقام صدام حسين على ان يتصل به متى ما احتاجه ، وحين جاء الى العراق اخبر السيد الشهيد الصدر بذلك وله النص : ( اتذكر اني اخبرت محمد باقر الصدر بما نقله لي الملحق العسكري العراقي بالقاهرة خضير غضبان بان صدام حسين عرف بقدومي الى العراق ، فأمر ان تعطى لي ارقام تلفوناته وانه اوصى ان ادخل عليه متى ما شئت ، الا ان موقف الصدر قد فاجأني عندما قال لي لماذا لم تذهب اليه ؟ فقلت له وماذا افعل به ؟ قال نقضي اشغال كثيرة بواسطة هذه العلاقة ، فاجبته اذا صار الامر معكوسا ستقولون سيد طالب فعلها ، لا لم اذهب الى صدام ، عموما سيد باقر قليل الحيلة...).
يؤكد السيد طالب ان السيد الشهيد الصدر اراد ان يخترق صدام ويصل اليه لتحقيق اشياء كثيرة او اشغال كثيرة كما جاء في النص ، ويبدو انه كان يجس نبض السيد طالب ، وهل هو اهل لهذه العملية الخطيرة ام لا ، ولكن السيد طالب وكما اخبرنا هو في اماليه ، خذل السيد الشهيد حين اجابه باسلوب بسيط لا ينم عن فهم سياسي (...) ، واذا صار الامر معكوسا ، ستقولون سيد طالب فعلها...!!
من هذا المنطلق وهو ان السيد طالب الرفاعي يعطي انطباعاته الشخصية في الكتاب ، وليس بالضرورة ان تكون هذه الانطباعات الشخصية موافقة اومتوافقة مع الواقع ، ومن خلال هذه الانطباعات الغير متوافقة ، احببت توضيح قضية عمي المرحوم آية الله العظمى الشيخ محمد طاهر الخاقاني الذي تناوله الكتاب عنوانا مع عناوين الغلاف البارزة وخصص له الفصل الخامس عشر من الصفحة 361 الى 374 بعنوان : ( الخاقاني المرجع العربي بايران).
يذكر السيد طالب الرفاعي عن دور الشيخ محمد طاهر الخاقاني في نجاح الثورة الايرانية في الصفحة 363 بالنص التالي : (الا دور الخاقاني في نجاح الثورة ظل مجهولا ، ومعلوم ان وقف النفط من الاهواز يعني لأيران شلل الاقتصاد ، وكم من فاعلين في الثورة من علماء الدين وغيرهم من القوى الاجتماعية ، غيبوا ولم يسلموا على انفسهم منها).
وقد حدد السيد حقا احدى اهم الادوار السياسية التي لعبها المرجع الخاقاني لنجاح الثورة في ايران وهي تحمل تكلفة رواتب عمال النفط حين نظموا اعتصامهم عن العمل ، مما عجل بسقوط الشاه ونجاح الثورة ، والامانة التاريخية توجب علينا ان نقول ان السيد الخميني بعث برقية مطولة الى الشيخ محمد طاهر الخاقاني يشكره على دوره في الثورة ونجاحها (تراجع الصفحة 210 من كتاب صحيفة نور الجزء السادس وتاريخ البرقية في 22 ربيع الأول1399 هجرية) ، اما مجموع برقيات السيد الخميني الى الشيخ محمد طاهر الخاقاني فتجدها في المجلد الثالث والسادس من كتاب صيحفة نور الذي يحتوي رسائل السيد الخميني وخطبه والمطبوع في طهران.
يقول السيد طالب في اماليه عن قضية المحمرة وهي المشكلة التي حدثت بين عمي الشيخ محمد طاهر الخاقاني والسيد الخميني ما نصه : (انتبه الشيخ محمد طاهر الخاقاني الى هذا الوضع ، باعتباره هو الزعيم الروحي لبلاد الاهواز ، فدفعه ذلك الى السفر الى مقابلة قائد الثورة السيد الخميني ، وعرض مطالب الشعب العربي عليه لتلبيتها).الصفحة364 ، وهذه قضية صحيحة مئة بالمئة ، وقد زار السيد طالب الرفاعي الشيخ الخاقاني في مقر سكناه ، معرفا بالشيخ الخاقاني (بانه كان بحرا في علم اصول الفقه لا يشق له غبار وليس له نظير ) الصفحة 365، وقد سمعت رأيه هذا في علم المرجع الخاقاني رحمه الله من اكثر من عالم متبحر ، لم يكن آخرهم العلامة الدكتور حسين علي محفوظ ، واتفق مع السيد طالب في هذه ايضا.
يستطرد السيد طالب الرفاعي ثم ينقل لنا انطباعاته عن الشيخ الخاقاني بالنص التالي: (نظرت في الوجوه العربية ، التي حوله ، واذا بينهم مَن لا يحبه ، وكنت اسمعهم يتحدثون ضده ونحن كنا بالكويت ، وهم من المعممين ، فقلت في نفسي : لا يا مسكين الشيخ طاهر ، فانا اعلم كم كان الشيخ بسيطا وطيبا ، والسياسة ليست كاره او شأنه ، فهو رجل عِلم ومعرفة...) ثم يستطرد الى ان يصل الى العنوان الرئيسي للفصل وهو (انه لولاه ما نجحت الثورة) الصفحة 366 ، ويذكر السبب مطيلا في الدور السياسي البارع للشيخ الخاقاني والذي (كسر ظهر نظام الشاه).
وهذا هو ما يعرفه كل منصف تحدث عن الشيخ محمد طاهر الخاقاني ، وقد ذكرت ان الدور ليس بخاف على احد ، فقد شكره السيد الخميني وبعث له (للشيخ الخاقاني) برقية بتاريخ 10 جماد الاول 1399 يؤيد فيها ولاية الشيخ الخاقاني الشرعية على اقليم الاهواز ، (تجدها في الجزء السادس من كتاب صحيفه نور الصفحة 91).
لكن السيد طالب الرفاعي ابى الا ان يتلبس دور البطل في هذه التراجيديا ايضا ، حيث قال : (كان ذلك اليوم موعده مع السيد الخميني ، قبل الغروب بساعة ، واللقاء حُدّد بساعة فقط . فقلت في نفسي : ماذا سيطلب الشيخ الخاقاني ، من قائد الثورة ، والرجل لا يجيد اولويات السياسة ، فربما دخل في مجادلات في علم الاصول وعلم الفقه ، انما هذا شأن سياسي وفيه تطلعات شعب ، ففكرت ان اهييء له المطالب التي يقدمها للخميني ، فكتبت اربعة عشر مطلبا ، وكل مطلب يشكل مادة للحوار. لم اتذكر منها شيئا سوى التأكيد على عروبة المنطقة كبند جوهري في اثبات حقوق اهل المحمرة وعبادان والاهواز كافة). الصفحة 367 .
لم يكتف السيد طالب الرفاعي بدور البطل حسب بل انه همش دور جميع الممثلين في نصه التاريخي بقوله : (استيقظ الشيخ الخاقاني ، وجلس الى جانبي على فراش واحد فوق الارض ، فهمست باذنه : كتبت امورا اود عرضها عليك ، فان وجدتها مناسبة اعرضها بدورك على السيد الخميني ، واريد عرضها عليك بمفردك ، فقال لبساطته وبصوت مسموع : ليس بين هؤلاء القوم سر.
فانفضح امري وانا اعرفهم تمام المعرفة لا يسمعون كلمة الا وسعوا بها الى الجهات الرسمية. على اي حال ، اضطررت ان اقرأها عليه ، وكلما قرأت بندا وجدته فرحا به ، يحرك جسمه وكأنه يحاول الرقص طربا. فلما انتهيت قال لي : من اين الله بعثك لي ، وهذا ما يجب ان اطرحه على الخميني اليوم).الصفحة 368 .
في الحقيقة لا يسعني الا ان اصلي على محمد وآل محمد واشكر الله واثني عليه ، اذ بعث لرجل بسيط ، لا يجيد اولويات السياسة مثل المرجع الخاقاني ، رسولا محنكا يتلو عليه آياته فيجعله يحرك جسمه وكأنه يحاول الرقص طربا.
وفي الواقع ان السيد طالب الرفاعي العم العزيز وقع في مطب الذكريات المسرودة ، حيث لا ينتبه الراوي الى ما قاله سابقا ، فيخالفه لاحقا ، كان السيد طالب الرفاعي قد اعطى المرجع الخاقاني دورا سياسا عظيما لولاه (اي لولا الشيخ الخاقاني) ما نجحت الثورة ، وهذا الدور جعل الدكتور رشيد الخيون يضعه من عناوين الكتاب الرئيسية ويخصص له فصلا كاملا في أمالي السيد طالب الرفاعي ، فكيف تحول فجاءة ودون سابق انذار من عنصر دونه لا تنجح الثورة الى شخص بسيط لا يفقه من السياسة شيئا.
السيد طالب الرفاعي اشار في حديثه اولا : ان الشيخ الخاقاني قادم الى قم (لعرض مطالب الشعب العربي عليه لتلبيتها).الصفحة364 ، وثانيا : ان هناك مشكلة حدثت في المحمرة وهي بحاجة الى حل ، وثالثا : ان هناك موعدا بين الرجلين السيد الخميني والشيخ الخاقاني قد حُدد لحلها.
فكيف كتب السيد طالب الرفاعي في ساعة قيلولة الشيخ ، مطاليب الجماهير ، التي لا يتذكر الا واحدة منها ، وقرأها على الشيخ الخاقاني وجعله يتراقص فرحا ، وهو نفسه الشيخ الوقور الذي شهد اقرباءه قبل الغرباء بانه ما شوهد ضاحكا بصوت مسموع قط ، بل كان كاظما غيظه ، مسيطرا على عواطفه .. يتحدث بثقل العلماء النبلاء ويميزه وقوره وحضوره عن غيره.
رافق السيد طالب الرفاعي الشيخ محمد طاهر الخاقاني الى المحمرة ، ووصف تراجيديا الرحلة التي كادت ان تودي بحياتهما ومن معهما في القطار ، وبات ليلة واحدة في بيت الشيخ الخاقاني كما قال واقول انا الذي جهزت له مكان نومه ، ثم خرج الى مكان آخر ، بيت الشيخ سلمان الخاقاني رحمة الله عليه او بيت نسيب الشيخ الخاقاني او كلاهما وهو ما حصل فعلا ، مما جعله حفظه الله واطال في عمره ، بعيدا عن مركز الاحداث حيث بيت المرجع الخاقاني رحمه الله ، وانا اؤيد ما ذكره في مذكراته.
لكن تراجيديا البطل المنقذ حلت مرة اخرى على نفس سيدنا الرفاعي البطل الاوحد ليلتقي بشخصين (مجهولين) وصلا من طهران لحل قضية المحمرة بعد ان اسيلت الدماء ، ولم تنفذ المطالب التي توافق عليها السيد الخميني مع الشيخ الخاقاني ، ولكنهما ذهبا الى بيت الشيخ سلمان الخاقاني (العراقي الجنسية) والذي لم يكن مشاركا في اي مرحلة من مراحل النزاع او الاشكال ، وهما المجهولان علما وحسب رأيهما كما يقول الرفاعي بانه هو اي السيد الرفاعي (انا من احركها واني اوقفها) الصفحة372 ، وبناء على ما تقدم فهما يريدان حلا منه (المُحرك والموقِف) ، فاعطاهما السيد الرفاعي الحل السياسي الامثل ، يقول : (فقلت هل انتما متاكدان ان محافظ الاهواز ينفذ كل شيء يطلب منه ؟ اجابا لدينا اوامر رسمية بذلك. فقلت المحافظ غبي لأنه صعد الامر مع الشيخ محمد طاهر الخاقاني الى هذا الحد. بينما كانت المشكلة تحل بتقبيل اليد ليس الا. ونحن (المعممين) تستطيعون الضحك علينا بقبلة اليد ومظاهر الخضوع والطاعة ، فهو لو اتى الى الخاقاني وجلس بين يديه لأنتهى الامر). الصفحة 372 .
يؤسفني ان اخبر السيد الكريم الفاضل بأن الامر لم يكن كذلك ، وانما القضية ابعد غورا ، واتمنى لو كانت كما قال السيد طالب الرفاعي في اماليه ، وانتهت بقلبة يد ، بل ان الوقائع والوثائق اثبتت ان الجنرال احمد مدني كان عمليا امريكيا ، وقد صنع هو والمجموعة التي معه ، ازمة في المحمرة لكي يوهم السيد الخميني انه اعاد المحمرة الىحضن ايران قبل ان تنفصل منها ، وبذلك يتم ترشيحه كشخصية مؤهلة لرئاسة ايران ، واذا ما تمكن من الرئاسة ، اسقط كل النظام برمته.(هكذا تحدثت وثائق السفارة الامريكية في طهران.
وترشح المدني للرئاسة فعلا وحاز المركز الثاني بعد ابو الحسن بني الصدر ، وكان ينتظر ان يسلم منصبا كبيرا ، بعد استلامه لوزارة الدفاع...ولكن احتلال السفارة الامريكية في طهران بواسطة طلاب نهج الامام كشف هذا المخطط الذي يصل الى قتل السيد الخميني شخصيا ، وقد هرب الجنرال من ايران عام 1980 وعاش في ولاية كولورادو الأمريكية حتى أصيب فيها بمرض عضال وتوفي عام 2003 .(تجد ذلك في كتاب وكر الجاسوسية (لانه جاسوسى) ، وفيه وثائق الجواسيس الامريكان في ايران ، وكذلك نقلت ذلك وكالة أنباء فارس: (عن مذكرات القائد محمد حسين علم الهدى بتاريخ 15/10/89 حوزه حماسه ومقاومت، العدد 1344).
كان المرجع الخاقاني قد نبه السيد الخميني اكثر من مرة بانه يعلم ان هناك اتصالات بين الامريكان والجنرال مدني لكنه لا يملك دليلا حسيا عليها ، نظرا لتحسبهما ، وحين انكشف الجنرال مدني بالوثائق ، زار السيد احمد الخميني الشيخ محمد طاهر الخاقاني في محل اقامته الجبرية في قم ، وقدم الاعتذار بالنيابة عن ابيه الى الشيخ ، الذي رفض قبول الاعتذار ، وقال للسيد احمد : ابلغ اباك بان موقفه سيطول امام الله ورسوله مع يوم القيامة.اما عن اتصال صدام حسين بالشيخ محمد طاهر الخاقاني وعرضه ارسال طائرة لنقله الى العراق ، ليكون خمينا ثانيا ضد ايران ، ورفض الشيخ محمد طاهر الخاقاني للموضوع ، ثم انه استشار السيد طالب الرفاعي !! ، فانه لم يحدث تماما ، وللتاريخ لا صدام عرض ، ولا الشيخ رفض ، ولعل الامر اشتبه على السيد الفاضل اطال الله في عمره.وللتاريخ اوضح : لم تكن السياسة يوما دخيلة على الشيخ محمد طاهر الخاقاني ، فقد وعاها حين ثار والده المرحوم الشيخ عبدالحميد الخاقاني ضد نظام رضا بهلوي (الشاه الاب) عام 1925 اثناء احتلال ايران لأقليم الاهواز ، وتعرض جراء مواقفه السياسية لمحاولة اغتيال ، وحين عاد الشيخ محمد طاهر الخاقاني الى المحمرة من النجف بعد وفاة والده ، تعرض لضغوط لمقابلة شاه ايران محمد رضا بهلوى (الشاه الاخير) حين زار مدينة المحمرة سنة 1959 ميلادية ، وهدد الشيخ بانه سيخرج من البلاد ، اذا فرضت عليه مقابلة الشاه ، وبالرغم من الاغراءات والتهديدات التي قدمت حينها للشيخ فانه لم يوافق على استقبال الشاه في بيته او الترحيب به في المحمرة ، وتستطيع ان ترى ذلك في سجل زيارات الشاه على الانترنت ، وكان هذا طبعا قبل ثورة السيد الخميني الاولى عام 1963 .وكذلك كان هناك تنسيقٌ دائمٌ بين الشيخ المرجع الخاقاني والسيد الخميني ، اثناء وجود السيد الخميني في العراق ، واذا شئت راجع مذكرات آية الله رسولي محلاتي الذي كان يسمى حواري السيد الخميني لقربه منه ، والتي نشرت مقتطفات منها وكالة فارس الإيرانية يوم الجمعة 28 رمضان 1430 الموافق للسابع عشر من سبتمبر لعام 2009 والتي قال فيها : انه طلب منه (الشيخ إشراقي (صهر الإمام الخميني) للذهاب الى الإمام الخميني في النجف الأشرف ، وأنه أعد العدة لسفره إلى العراق لإيصال ختم السيد الخميني ووثائقه الخاصة إليه ،... وذلك بعد ان زودنا الإشراقي برسالة إلى الشيخ العالم آل شبير الخاقاني بمهمتنا... وصلنا إلى خرمشهر(المحمرة) وذهبنا مباشرة إلى بيت الشيخ الخاقاني ، وبعد ان اخذنا قسطا من الراحة ، كفل أحد رجالاته بمرافقتنا حتى وصلنا إلى القارب المعد لنا ، وكان الشيخ الخاقاني قد أخبرنا بأنه اتصل في البصرة بالسيد القزويني (وهو أحد علماء البصرة المبرزين وكان من تلامذة الإمام الخاقاني) لاستقبالنا وتهيئة سفرنا إلى النجف). وهذا يدل على ان اقرب الناس الى السيد الخميني ، محملين بختمه الخاص ووثائقه ، حملوا رسالة خاصة من صهره ، للشيخ الخاقاني ، الذي بدوره يسر لهم السبيل باتجاه العراق للالتحاق به. هذا بعض ما نشر بالوثائق عن الادوار السياسية التي قام بها سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد طاهر الخاقاني رحمة الله عليه ، وما قاله السيد طالب الرفاعي حفظه الله بانه لولاه ما نجحت الثورة في ايران ، وتؤيد كلامه برقية السيد الخميني للشيخ الخاقاني التي ذكرتها سابقا.ارجو من العلي القدير ان يأخذ بيد سيدنا الاكرم السيد طالب الرفاعي حفظه الله ورعاه ويسدد على طريق الخير خطاه ، وما هذه التراجيديا الا توضيح للتاريخ ، ارجو ان لا تكدر خاطره.