مفهوم الأمن/ جسام محمد صالح الحمد
Sun, 3 Mar 2013 الساعة : 0:15

لقد أهتم الأنسان ومنذ بدء الخليقة بالأمن اهتمامه بمقومات الحياة الكريمة الأخرى ، لأن الأمن مطلب فطري لدى كافة الكائنات الحية، فهو يعتبر ركيزة أساسية من ركائز الحياة في هذا الكون ، فشأن الأمن لا يقل أهمية عن شأن الغذاء، إذ لا يمكن أن نتصور أن تكون هناك حياة بلا غذاء، وكذلك الحال بالنسبة للأمن، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم صراحة في قوله جل وعلا ( فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمكم من جوع وأمنهم من خوف ٍ ) ( سورة قريش 3- 4 ) وإقامة الحق والعدل بين الناس قاعدة أصيلة يقوم عليها الأمن والهدى والرشاد، يقول الله عز وجل ( وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون إنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً أحق بالأمن إن كنتم تعلمون * الذي امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) ( سورة الإنعام 80 – 81 ) والحياة الكريمة الهانئة والسعادة الغامرة وراحة النفس تكون حيث يكون الأمن، قال تعالى : ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما امنين ) ( سورة سبأ : 18 ) وعلى النقيض تماماً تكون حياة الخوف والجو ع والتشريد في حال انعدام الأمن وضياع الإيمان بين الناس، قال تعالى ( وضرب الله مثلاً قرية كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) ( سورة النحل : 112 ) ولما كان الأمن أساسا للحياة الكريمة والراحة النفسية، قامت الدول والتنظيمات الإنسانية ببذل كل ما هو ممكن من مال وعتاد لتحقيق الأمن لشعوبها، وحماية مقدراتها من خطر الأعداء ، سواء أكان خطراً داخلياً أو خارجياً.
يعرف الأمن لغة:
ما يدل معناها على سكون القلبي والهدوء النفسي
الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان : احدهما الأمانة والتي هي ضد الخيانة ومعناها سكوب القلب والأخر التصديق
وقيل الأمان والأمانة بمعنى وقد أمنت فانا امن وأمنت غيري من الأمن والأمان والأمن ضد الخوف
والأمن : ضد الخوف امن أمنا وأمانا بفتحهما ، وأمنا وآمنة محركتين ، وأمنا بالكسر ، فهو أمن وأمين ، ورجل أمنة كهمزة ويحرك بأمنه كل أحد في كل شي
و ما يدل معناها على الثقة والطمأنينة.
فلان أمنة أي بأمن كل أحد ويثق به وبأمنه الناس ولا يخافون غائلته
و الأمان والأمانة بمعنى، وقد أمِنتُ فأنا أمِن، وآمنت غيري من الأمن والأمان. والأمن ضد الخوف، والأمانة ضد الخيانة والمأمن: موضع الأمن، والآمِن: المستجير ليأمن على نفسه ومن خلال ما تقدم من معاني لغوية يتضح لنا أن كلمة الأمن لها عدة أطلاقات فهي تعنى الطمأنينة وعدم الخوف، أو الثقة والهدوء النفسي، إضافة إلى راحة القلب وعدم وقوع الغدر أو الخيانة من الغير
يعرف الأمن اصطلاحاً :
تباينت التعريفات الاصطلاحية للأمن لتباين المشارب السياسية والتنوع في النظرة واختلاف التصورات بين الكتاب والعلماء وخبراء السياسة والأمن، لكنها في المحصلة تصب في معين واحد وتسعى لتحقيق هدف مشترك يتفق عليه جميع الأطراف وهو توفير حياة كريمة هانئة يعيش فيها الفرد بأمن وسلام، وفيما يلي أهم تعريفات الأمن في الاصطلاح:
هو تأمين سلامة الدولة ضد أخطار خارجية، وداخلية قد تؤدي بها إلى الوقوع•. تحت سيطرة أجنبية أو داخلية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي تأمين الدولة من الداخل ودفع التهديد الخارجي عنها، بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له استغلال أقصى طاقاته للنهوض والتقدم والازدهار الإجراءات الأمنية التي تُتخذ لحفظ أسرار الدولة وتأمين أفرادها ومنشآتها ومصالحها الحيوية في الداخل والخارج . والإجراءات الأمنية تتطلب درجةً عاليةً من الّتدريب واليقظة والحذر والمهارة، للوقاية من نشاط العدو المتربص هو عكس الخوف مطلقاً ، أي حالة الطمأنينة التي تسود المجتمع نتيجة الجهد المبذول من قادة المجتمع ، في شتى الممارسات الحياتية ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية والتكتيكية ، ومنع الأعداء من محاولات الاختراق لتلك الأهداف ، أو وسائل تنفيذها وأدواتها ، والسيطرة التامة على السياسات الموضوعة ، وبالتالي تكريس النجاح تلو النجاح ، وإحباط المؤامرات وقيل " هو مجموعة القواعد والوسائل المتخذة التي تطبقها الدولة لتكتسب القوة وتحقق لنفسها الحماية الداخلية والخارجية من الأخطار الواقعة والمحتملة "ومن خلال ما تقدم من تعريفات، يمكن الخروج بخلاصة لتعريف الأمن في الاصطلاح: بأنه مجموع الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة أو لحماية أفرادها من أي خطر يتهددها سواء كان داخلياً أو خارجياً بما يكفل لشعبها حياة حرة كريمة هانئة و مستقره.
إن أفضل ما وقف عليه في تقسيمات الأمن هو
تقسيم الأمن إلى ثلاثة عشر نوعاً هي:
الأول : أمن الدولة :
ويعني مجموع الإجراءات التي من شأنها حماية النظام الفكري من جهة، والنظام الاقتصادي من جهة أخرى، باعتبارهما ضمانة قيام الدولة المستقلة، والتي تستطيع بناء مؤسساتها المختلفة والتي تقوم بحماية نظامها العام .
الثاني: الأمن الاقتصادي :
ويعني مجموع الإجراءات الخطط التي على الدولة تبنيها لتحقيق القدرة المالية المستقلة الفاعلة، والناتجة عن صناعة متطورة، وتجارة منافسة، وزراعة ملائمة ضمن نظام مالي واستثماري واعد ينطلق من المفاهيم الفكرية السائدة، والمعلومة التقنية المتطورة والمستمرة .
الثالث: الأمن الغذائي :
ويعني مجموع الإجراءات الخطط التي على الدولة اتخاذها لتأمين المجتمع بكافة احتياجاته الغذائية الأساسية، وفي كافة الظروف وضمان عدم ربط المجتمع بخطط لا يستطيع السيطرة عليها، أو تأثر تلك الخطط بظروف غير محسوبة .
الرابع: الأمن الاجتماعي :
ويعني مجموع الإجراءات الخطط التي على الدولة اتخاذها لتأمين المجتمع ،وبكافة أفراده ، بوسائل العمل والإنتاج والمساهمة في استغلال كامل الطاقات المختلفة ،لتحقيق القدرة على الحياة بكرامة ، وفي نفس الوقت ، حماية المجتمع من وسائل عمليات التخريب والتي تؤدي إلى الفساد والإفساد
الخامس: الأمن المادي :
ويعني مجموع الإجراءات التي من شأنها حماية المجتمع بكل ما فيه من مظاهر محسوسة ومكونات طبيعية أو غير طبيعية، كالأرض والجو والمياه الإقليمية، والدولة ومؤسساتها، كالإنسان ودائرته، ومصادر القوة والإنتاج، والبيئة والصحة والتطوير .
السادس: الأمن المعنوي :
ويعني مجموع الإجراءات التي من شأنها حماية فكر المجتمع وطريقة تفكيره والوصول بالإنسان فيه إلى الالتزام بالفكر والممارسة من منطلقاته ، وتكريسه مظهرا فكرياً واعياً متفانياً في إيمانه وحمله بثقة وقوة .
السابع: الأمن الوقائي :
ويعني مجموع الإجراءات التي تتخذها الدولة - المؤسسات والأفراد - داخل مجتمعها لمنع وقوع الجريمة والداخلة في نطاق الأمن المادي والمعنوي .
الثامن: الأمن الهجومي :
مجموع الإجراءات التي تتخذها الدولة _ المؤسسات والأفراد - داخل مجتمعها ،أو ضد الأهداف المعادية في الخارج، لإحباط مخططاتها الموجهة ضد أمن المجتمع عن طريق اختراقها، وعدم تمكينها من تنفيذ تلك المخططات .
التاسع: أمن العمليات :
ويعني مجموع الإجراءات التي يتخذها الجهاز الأمني لضمان نجاح العمليات التي يقوم بها، تشمل إجراءات ما قبل التنفيذ فيما يتعلق بإعداد الخطة والخطة البديلة، والإجراءات أثناء التنفيذ، أي فيما يتعلق بواجبات كل فرد ودوره في العملية، والإجراءات بعد التنفيذ، أي فيما يتوجب عمله على ضوء نتائج التنفيذ والاحتمالات المتوقعة وكيفية معالجتها .
العاشر: الأمن الشخصي :
ويعني مجموع الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الأشخاص العاملين في مجال الأمن لضمان حمايتهم الشخصية، وحماية أجهزتهم وأهدافهم ونشاطاتهم، وفي نفس الوقت التأكد من عدم الوقوع في ثغرات مسلكية أو مهنية تعرضهم للخطر .
الحادي عشر: أمن المعلومات :
ويعني مجموع الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الأجهزة الأمنية أو الأخرى للمحافظة على سرية المعلومات، وضمان وصولها إلى الجهات المختصة فقط، وفي الوقت المناسب، وضمان عدم وقوعها في أيدي الأعداء أو الأصدقاء على حدٍ سواء .
الثاني عشر: الأمن ألاستخباري :
ويعني جميع الإجراءات _ فعل أو امتناع _ التي يجب اتخاذها لحماية العنصر ألاستخباري ، والجهاز ألاستخباري، والعملية الاستخباراتية، ويشمل الأمن الشخصي، وأمن الأماكن والعقارات والأدوات والمعلومات والعمليات والجهاز نفسه، واختراق الأجهزة الاستخباراتية المعادية والصديقة والوقوف على نشاطاتها واستثمارها .