مظلومية العشوائيات/عبدالرزاق العبودي

Fri, 1 Mar 2013 الساعة : 23:24

من المسميات التي ظهرت حديثا والتي تبدو غريبة للوهلة الاولى مصطلح العشوائيات اومايعرف ب(الحواسم)، والذي يعني ببساطه( قيام البعض بالتجاوز على مساحات فارغة من الاراضي داخل المدن او على اطرافها واقامة مجمعات سكن عشوائية عليها دون استحصال الموافقات الاصولية للبناء او السكن فيها) ، الامر الذي يعني وببساطة خرق واضح للا نظمة والقوانين مما يستدعي الردع ومحاسبة المقصر وازالة التجاوز.
صحيح ان ماذكر اعلاه هو عين الصواب، الا ان التأني ودراسة الامر بجدية بغية معرفة الحقائق والدوافع والمبررات يتطلب عدم الاستعجال والتسرع في اتخاذ اجراءات من شانها ان تؤذي البعض او تحملهم فوق طاقاتهم ، فمن المعروف بان العراق قد تعرض لسيل من الكوارث والهزات العنيفة التي أتت على الحرث والنسل معا وتمثل ذلك بسلسلة الحروب الطاحنة التي انهكت البلد ودمرت بنيته التحتية وتركيبته السكانية واعادتة الى مجاهل القرون الوسطى وقد تم كل ذلك رغم انفنا وبفعل فاعل واحد هو المجرم الملعون ((صدام )) الذي لم يجرأ كائن من يكون على مجرد مناقشتة فضلا عن الاعتراض عليهوهم مالايمكن اصلا ، فلقد اختصر كل البلد في شخصية هذا الدكتاتور الذي صممت له الهالة المعروفة والتي تقول :- (اذا قال صدام.. قال العراق) ، وهكذا كان..حيث جرى ماجرى وتم ماتم ، شئنا ام ابينا ، وهاهي نتائج حروبه القذرة التي دفعنا ثمنها المتمثل بالملايين من الايتام والارامل ومئات الالاف من المفقودين ومعوقي الحرب اضافة لافواج من العاطلين عن العمل ومن كلا الجنسين اضافة للآلاف ممن لامعيل لهم .
اذن ليس من المستغرب بان نرى ظهور العشوائيات كنتيجة طبيعية لما جرى في بلد كالعراق الذي كان ولازال يأن من الويلات والمآسي والحروب الكارثية ،وهذا يعني ان لاذنب لاحد في ظهورها بل ان من دمر العراق وادخله في هذا النفق المظلم هو السبب والمسبب لها معا.
لنعد قليلا الى الوراء ولنتحدث وبكل صراحه عما دعاني لتناول الموضوع فاقول وبلا تردد انها المعاناة المستمرة لسكنة الاحياء العشوائية في مدينة الشطرة بالذات ، كوني احد ابناء هذه المدينة وممن عايش الامر عن قرب ، فقد طلب من هؤلاء وبالذات ممن سكن منهم مدينة الالعاب ومعسكر القدس بالتحديداخلاء تلك الاماكن وتم تخصيص مكان لسكنهم خلف محطة توليد كهرباءالشطرة فقبل الجميع وارتحلوا للحي الجديد ، الا ان مايحز في النفس ويثير المشاعر هو ذلك الاهمال الذي يتعرض له هذا الحي ، فلا ماء ولا كهرباء ولاحتى طريق معبد اوغير معبد خلافا للوعود التي وعدوا بها من قبل المسؤولين، مما حدى بالكثير من هؤلاء لبيع ممتلكاتهم البسيطة ( وهم الفقراء اصلا) من اجل ايصال انبوب ماء او سلك كهرباء لبيوتهم البائسة .
ان مايثير الدهشه هو تلك الوعود الكاذبةالتي تصدر من هذا الطرف او ذاك من المسؤولين بانهم سوف يعالجوا مشكلة هؤلاء المساكين ..ولكنها تبقى سوف فقط ليس الا، ولكم ان تتصوروا الان وبعد بدء الحملات الانتخابية فكيف سيعرض المرشحين انفسهم وماذا يقولوا لهم وبالتالي كيف ستكون المزايدات وبورصة المرشحين ازاء امر كهذا.
اقول وبصراحة انه لمن المعيب جدا ان نتركهم في العراء وبعضهم لايملك ادنى مقومات السكن ،كفراش يأوي اليه للنوم مع اطفاله او غطاء يحميهم من البرد ، لانهم اصلا لامال ولاعمل لهم بل ان الاكثرية الساحقة منهم ومن ابنائهم عاطلين عن العمل اصلا او هم بالكاد يدبرون قوت عيشهم ليس الا .
انني اقولها وبكل قوة ، لقد ان الاوان لانصاف هؤلاء ورفع الحيف عنهم ، فكفاهم اذلالا وتحقيرا واستهزاءا واستصغارا من قبل البعض ولنشعرهم بآدميتهم لكي يعيشوا بكرامة، فالفقر ليس عيبا او عارا او مذمة لهولاء ونستشهد بقول الامام علي (ع) حيث يقول :- (لو كان الفقر رجلا لقتلته)، وقد بات من الضروري بان نعترف بانسانيتهم .
انني اوجه كلامي الى السيد محافظ ذي قار والسيد رئيس مجلس المحافظة باعتبارهم السلطة المحلية العليا للتوجية واصدار الاوامر وبالسرعة الممكنة لتعبيد الطريق الواصل للحي والذي لايزيد طوله على 500متر وايصال الماء ونصب اعمدة الكهرباء لحي المساكين هذا فهو ذمة في رقبتكم وقد اوعدتموهم واكثرتم الوعود لهم بذلك منذ البداية لكن الوعود لم تتحقق والاقوال لم تقرن بالافعال.... فاصدقوا مع الناس وانقذوهم ، ونحن لم نطلب منكم تخيص مساكن او شقق سكنية لهم بل ان مانقوله هو جزء يسير من(مظلومية العشوائيات) التي اصبحت عارا لبعض الناس ،وهذا هو المحك فاثبتوا مصداقيتكم ووطنيتكم من خلال انصاف هؤلاء .
 

Share |