"الشريك الناصح".....(50)«ظاهرة تفشي وسيادة المجرمين في المجتمع وإستأسادهم على الناس»/علي الحاج

Fri, 1 Mar 2013 الساعة : 0:22

قد تبتلى مقاطعة أو مدينة أو قرية ما، ببعض الكوارث الطبيعة كالاعاصير والفيضانات والزلازل والحرائق والهزات الأرضية، أو تبتلى ببعض الأوبئة، وهذه جميعها خارج ارادة الإنسان، وتكاد أن تكون نسبة تدخله في حصولها شبه معدومة، وقد سلم فيها الناس أمرهم لقضاء الله.

أما كوارث الحروب والاقتتال والفتن والأزمات السياسية والاثنية والطائفية والنزاعات العشائرية، فهي من عند أنفسنا ولنا فيها اليد الطولى، كما أن أسباب حدوثها لاتأتي من فراغ ولا من لاشئ، بل إن جملة مبادئ وأفكار وقيم قد تسوق ذلك الحراك كمحرك أساسي لها وسببا لحصولها وتأجيجها.

ويتوقف بروزها وإنحسارها في المجتمع على مدى قوة الدولة ومؤسساتها وعلى مدى ضعفها، وعلى مدى درجة سيادة القانون وتنحيه، كما وللقضاء والمؤسسات الأمنية والاستخبارية الدور الكبير في شد ذراع الحكومة وفرض هيبتها وبسط نفوذها ووضع بصمتها في جميع مفاصل وحلقات المجتمع الجغرافية والشرائحية والمؤسساتية.

أما ماكان خارج هذا التصنيف هو انتشار واستشراء ظاهرة العصابات والجرائم الفردية التي تتقاعس السلطات المحلية أحيانا من علاجها ووأدها والقضاء عليها بسبب الخوف والذعر الذي ينشره المجرمون وأفراد تلك العصابات في اوساط السلطات الأمنية المحلية، وبسبب التهاون في تنفيذ الواجبات الملقى على عاتقها، وبسبب الفساد الأداري المتأتي من المحسوبيات والتأثيرات العشائرية والوجاهية وصفقات الرشا، بحيث أن المجرم يظل يصول ويجول ويترنح مستأسدا ومنتشيا في طرقات وأسواق المدينة وفي اوصال الوحدة الادارية، الحاضنة لمسرح الجريمة، وامام انظار واسماع جميع المؤسسات الحكومية والمدنية ويمارس دوره الوظيفي والتجاري والاجرامي بكل يسر وبشكل طبيعي، ويمرق نقاط التفتيش والسيطرات بأحدث سيارة وامضى سلاح، دون كشفه، وهم عنه غافلون.

كما وباستطاعته ملاحقة الضحية بشكل غير طبيعي أيضا، وابتزازه وبتعاون تلك السلطات التي تغض النظر عن جرائمه، وتزويده بالمعلومات الأمنية والأهلية التي تضمن سلامة تحركه، ويكأنها تعمل لصالحه بصفة عملاء، وبدلا من القاء القبض عليه وتنفيذ حكم القضاء بحقه،-وبحسب حديث ونبض الشارع- تعمل على تسريب المعلومات الخاصة بالمداهمة عن طريق أجهزة الاتصالات الشخصية، لكي اعطائه فرصة بمغادرة المكان الذي كان مختفيا فيه، والتواري عن انظار القوة المداهمة، وكذلك اخفاء جريمته، بغلق وتعليق جميع ملفات قضاياه، وتتجاهل تنفيذ اوامر القاء القبض عليه، والتغاضي عن الملاحقة القضائية الصادرة بحقه، وعدم زجه في السجن، الذي يتنافى مع انصاف الضحية والمظلوم، ونشر الأمان والعدل والانصاف في صفوف المواطنين.

نحن لانقصد التعميم في هذه الاوساط، بل نقصد حالة التبضيع وابطال ورموز المفسدين وابطالهم في هذه المؤسسة، والكثرة الغالبة من أفراد السلطات المحلية والجهات الأمنية المنفذة هم المتفانين دوما في تنفيذ الواجبات وتطبيق القانون ولو على أنفسهم، وهم مثالا ونموذجا رائعا للنزاهة ومثلا اعلى للشرف والأخلاق الرفيعة والنزاهة والتواضع مع الناس والترفع عن الفساد والرذائل المهنية والوظيفية التي يمارسها المفسدون لمرض في قلوبهم وضحالة في نفوسهم مما ورثوه من أجهزة النظام السابق.
ولايخفى على الجميع، أن المواطن العراقي قد تأهل لمرحلة أنه يعرف كل شىء، ويستقرأ كل شئ، ويقرأ مابين الأوجه و السطور "يعني مفتح باللبن" ومعرفته هذه، لن تأتي من فراغ، بل من خلال الأوضاع القاسية والظروف الإستثنائية التي مر بها البلد وفرضت عليه كمواطن، وهذي المعرفة أيضا تقوده إلى تمييز الغث من السمين، والشريف من الوضيع والطيب من الخبيث، مهما اختلفت وتعددت الاقنعة التي يرتديها المنافقون.

إن البلاء وإلإبتلاء الذي يتعرض له المواطن البسيط في أغلب محافظات الوسط والجنوب، يتأتى من هذه الظاهرة-ظاهرة تفشي
وسيادة المجرمين في المجتمع وإستأسادهم على الناس، وعدم تنفيذ الأوامر القضائية الصادرة بحقهم للاسباب الواردة في آنفا- التي تقوض الصحة والأمان، النعمتان الخفيتان اللتان كفلهما الدستور والقوانين الالهية والوضعية للإنسان، وتستنزف الزمن والمال، وهما حق المواطنة للمواطن على الوطن، وغيابهما يعني تحويل ذلك الوطن أو الرقعة الجغرافية إلى غابة ياكل فيها القوي الضعيف.

وفي هذه الحالة يضطر الضحية لانصاف نفسه، والاستئثار لمظلوميته، ورفع الحيث عن نفسه، وأخذ حقه من الجلاد بيده، وهذه الظاهرة تشكل أيضا عيبا على الحكومة، وعبئا ثقيلا على المواطن حيث تحتاج هذه العملية لمزيد من الطاقات والجهود والأموال والنفوس، التي يفتقر إليها المواطن البسيط.

نداء إلى/ السادة رئيس وأعضاء مجلس المحافظة ، ورؤساء وأعضاء المجالس البلدية في الاقضية المحترمين ، والسيد المحافظ المحترم، والسيد رئيس مجلس القضاء الاعلى في المحافظة ،والسيد قائد شرطة المحافظة المحترم، والسادة مدراء شرطة الوحدات الادارية في المحافظة المحترمين، والسادة مدراء شؤون الشرطة في المحافظة والوحدات المرتبطة فيها المحترمين، والسادة رؤساء وأعضاء مكاتب الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني في المحافظة، والسادة رئيس وأعضاء مجلس المختارين في المحافظة والوحدات الادارية التابعة لها المحترمين.

هذا نداء كل مواطن إليكم
،المواطن الذي أوصلكم لهذه المراتب، وهذه مسؤوليتكم التي سيحاسبكم الله عليها، في يوم غد، يوم لاينفع فيه مال ولا بنون، وسيطول فيه وقوفكم بين يدي الله "وقفوهم إنهم مسؤولون" فأتقوا الله في أبناء جلدتكم والإنتصاف لهم ودفع المظلومية عنهم ولا تستهينوا بها مهما صغرت، فعود الثقاب الصغير يستطيع أن يحرق غابة كبيرة مترامية الأطراف. "وكلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته"

هذا النداء سادتي يبحث عن خطوات ونتائج ملموسة يطمأن لها المواطن، وتقر فيها عينه، وهي زكاة لمناصبكم، ولشرفكم المهني والوظيفي، ولله فيها رضا وللجميع فيها الصلاح والاصلاح إن شاء الله ودوام النعم.
 

Share |