
قبل عدة أسابيع زارني صديق عزيز كان زميلا لي في كلية الطب في أحد الجامعات الألمانية في بداية ومنتصف السبعينات من القرن المنصرم.إستقر به المطاف في بريطانيا.الأتصال بيننا لم ينقطع طوال هذه المدة(زيارات وتلفون!).سبب زيارته لي هذه المرة (أيضا )هو السفر من المدينة الألمانية التي أعيش فيها إلى العراق وعن طريق كردستان حيث يوجد طيران مباشر إلى الأقليم.ترافقه في هذه السفرة زوجته الأنكليزية.نصحته بأن يحاول الحصول على طيران إلى مطار بغداد أو إلى مطار النجف الاشرف الدولي،سيما وإنه من مدينة البصرة وحتى لو كان خط الطيران غير مباشر وشرحت له بأن المعاملة الرديئة،لابل اللاإنسانية التي سوف يتعرض لها هناك (كعربي!)قد تضاعف عدد شعرات الشيب في رأسه!.حذرته بأن كثير من الذين سافروا عن طريق الأقليم عوملوا هناك كبشر من الدرجة الثانية!.رفض صديقي تحذيراتي قائلا:نحن الشيعة نبالغ كثيرا!وأضاف:إنه لايتوقع أن الأخوة الكرد الطيبين سوف يعاملون شيعيا (عربيا) بقساوة وسوف يعاملوني كضيف عندهم ،ربما أحسن من أبناء قوميتهم!إبتسمت عندما سمعت رده وقلت له:لاعذر لمن أنذر!.في اليوم التالي أوصلته وزوجته إلى مطار مدينتي وتمنيت لهم سفرة سعيدة وعودة ميمونة!قبل أن أودعهم سألني عن الأشياء التي أحب أن يجلبها لي من العراق!أجبته:ماأريده لايكلفك ماديا كثيرا ولكنه صعب المنال!قال!وماذا تريد:قلت أريد كيلو تمر من سوق الشطرة الرئيسي وحفنة من التراب من مقبرة السلام في النجف الأشرف!.ضحك صديقي وقال:"غالي وطلب رخيص"!ولكن لماذا التمر من الشطرة وأحسن التمور العالمية موجودة في أي مدينة أوربية وبسعر بخس؟ولماذا التراب؟أجبت:التمر(الشطراوي)يذكرني بطفولتي في مدينة الشطرة الحبيبة وتلك الأيام الجميلة عندما كان والدي( رحمه الله )يرسلني كصبي لشراء التمر من السوق الرئيسي في المدينة!والتراب(المقدس!) هو سيرافقني إلى القبر في كفني ،إن مت هنا ،ولم أدفن في النجف الأشرف لأي سبب من الأسباب!.إغرورقت عيناه بالدموع بعد سماعه ماقلت ،إتجهوا نحو صالة الأنتظار ومنه إلى الطائرة.ومرت الأيام وبعد ثلاثة أسابيع رجعوا وجلبتهم من المطار وأول ما خطر ببالي هو(التمرات والتراب!)وعندما سألته عن هذه الأشياء بدأ يشتم كردستان (وجلاوزتها!)،قال:لقد نصحتني ياصديقي بأن لاأسافر عن طريق كردستان أبدا ولكني فعلت هذا وهي لعمري غلطة مابعدها غلطة! وسوف لم أعمل هذا مادمت حيا!واردف :عندما نزلنا في مطار أربيل عوملت كشخص جاء للأستجداء عندهم وإني أجنبي بالنسبة لهم علما أن الأكراد الذين وصلوا معنا عوملوا معاملة طيبة(كمواطنين جاءوا لبلدهم!) .الموظفون في المطار إدعوا أنهم لايتكلمون اللغة العربية؟والتكلم معهم أما باللغة الكردية التي لاأفهمها أو باللغة الأنكليزية وأضطررت أن أكلمهم بها.وعندما سألته عن معاملتهم لزوجته قال:عوملت أحسن معاملة وبلطافة وخاصة عندما شاهدوا جواز السفر الأنكليزي في يدها وأضاف:أما عند الأياب فحدث ولا حرج!من سوء حظك ياصديقي أني وضعت التمر والتراب في حقيبة السفر الصغيرة اليدوية(يدخل المسافر بها إلى الطائرة!)،وعندما تم تفتيشها صودرت هذه الأشياء ،علما أن الأكراد المسافرين معنا كانت حقائبهم اليدوية مملوءة بالمؤكولات والمشروبات الكردية ولم يتعرض لهم أحد وعندما حاولت أن أشرح لهم سبب جلبي لها معي قالوا بأن هذه الأشياء (تشوه!)سمعة الأقليم العالمية الطيبه؟؟؟وهز رأسه وهو مستمر على شتم الأقليم والشوفينية الكردية القبيحة هناك وأستمر:عن أي عراق موحد يتكلم الشيعة؟كردستان دولة مستقلة بكل معنى الكلمة والأكراد يحتقرون العراقيين الآخرين فيها واللغة العربية في الدرجة الثالثة بعد الكردية والأنكليزية عندهم ويرفضون التحدث بها طواعية!.عندما سألني صديقي عن سبب وقاحة الأكراد وصلافتهم وقلة أدبهم وإستهتارهم في المطارات!ضحكت بصوت عال وقلت له وباللهجة العراقية الجنوبية الشطراوية:"ولك ليش هيه بس الأكراد بالمطارات المستهترين،ماشوف شيسوي السيد مسعود وجماعته!لايريدون تسليح الجيش العراقي ويمنعونه من دخول إقليمهم الأكشر ويشترون أسلحه وطيارات لبيش مركتهم ويحاولون كحراميه الأستيلاء على مناطق ومدن عربية بأكملها ويبوكون النفط ويبيعونه وفوكه يريدون أن تقوم الخزينة الأتحاديه بدفع قسم من رواتب البيشمركة ،والأكراد في الحقيقة كلهم من نفس الطينة ،ولا فرق بين إبن السليمانيه أو إبن أربيل ، وكلما تعطيهم يصرخون زيدوا حصة الأقليم ! زيدوا حصة الأقليم!!وهمه سبب كل المشاكل تقريبا اللي صارت بالعراق بعد سقوط الطاغية وإستهتار السنه في المناطق الغربية حاليا صار بسبب العدوى الكردية إلهم!"وعندما سألني عن كيفية الخروج من هذه( الورطة!)المزمنة!أجبته:يجب أن تقول الحكومة لهم وبكل صراحة(وبلا لف ودوران!)بأن العراق من اللآن فصاعدا ليس له أي علاقة بكردستان وهم دولة مستقلة (والجميع يتمنى لهم التوفيق!) ويجب طرد سياسييهم من الحكومة والبرلمان!.الأكراد أصبحوا وللأسف كالسرطان الذي سيدمر العراق حتما إذا إستمر في نموه،وخير الحلول هو إنفصالهم عن البلد .