الاصلاح بين الافكار ومشاريع العمل/عصام الطائي
Fri, 22 Feb 2013 الساعة : 20:00

من المعلوم انه لبناء أي سياسة واقعية في المجال السياسي والاقتصادي لا بد ان تكون هناك رؤية تستطيع من خلالها تنفيذ تلك السياسة والا حينما تنعدم تلك الرؤية سوف يحصل تخبط في أي عملية تطور او تقدم وهذا ما يؤخر أي تنمية بشرية فالتنمية لا تعني مجرد انجاز مشاريع بل تعتمد على التخطيط الذي يعتمد على اسس واقعية ونجد كثير من التوصيات على مستوى الخبراء والاختصاصين الا انه لا نجد أي تطبيق لتلك التوصيات وهذا يدل على ارادة ضعيفة لا تكون لها القدرة عن تطبيق تلك التوصيات لكونها لا تنبع من جهة سياسية معينة بل من اشخاص مستقلين لهم خبرتهم العلمية العميقة فالبعض يجد من ذاته شان اكبر من شانها الفعلي فلا يستجيب الا ان تكون نابعة من جهته السياسية المعينة.
وان الاصلاح يحدث حينما تتحول الافكار الى مشاريع وكلما كانت تلك الافكار واقعية سوف تتحقق تلك الافكار بالواقع على شكل مشاريع وهذه تحتاج الى اليات لتطبيق المشاريع وهذا يحتاج الى نضج سياسي واقتصادي من قبل الطبقة السياسية ويتطلب نظام اداري له القدرة على ادارة تلك الموارد البشرية والمادية ويحتاج نظام قانوني متطور لا يعيق أي تطور او تقدم ويتطلب اليات متقدمة ومعاصرة لتطبيق ذلك الاصلاح أي باختصار يحتاج ازلة كل المعوقات التي تعيق أي تطور او تقدم وقد تجد هناك كثير من الدراسات والابحاث الا انها لا فعالية لها لانها تبقى حبر على ورق لا يؤخذ بها وذلك لان البعض من الطبقة السياسية لا يعير اهمية لتلك الابحاث والدراسات بل ترسم المشاريع وفق رؤية ضيقة وفق الرغبات الشخصية.
ولاجل حصول أي عملية اصلاح يتطلب رؤية واقعية ولاجل تحديد معنى الرؤية فابسط مثال على ذلك فلو اراد تطبيق تحديد الرواتب لكل قطاعات الدولة لا بد ان تدرس المتطلبات المعيشية لكل فرد وتحديد لجان من الوزارات كوزراة التخطيط والمالية وممثيلن على كافة الوزارات يمتازون بالخيرة والكفاءة العلمية فحين ذلك يمكن جعل دائرة معينة لتحديد مرتب كل وظيفة بحيث تتحقق العدالة ولا تكون المرتبات وفق رؤية نابعة من الرغبات الشخصية ففي الغرب كل شيء حاضع للدراسة فحتى الرواتب للرعاية الاجتماعية تدرس حيث يمنح الراتب حسب الاحتياج لا مجرد منح بكيفية غير مدروسة وحتى التعينات تدرس وفق قدرة الميزانية وذلك لا يحصل ما لم يكن صاحب القرار له نضج اقتصادي وسياسي ثاقب.
وان هناك انواع من الرؤى فهناك رؤية نابعة من الرغبات الشخصية وهناك رؤية نابعة من المصالح الحزبية وهناك رؤية نابعة من عقلية لها اطار ضيق لا تحاول ان تطور نفسها وهناك رؤية نابعة من افكار الغير لا تكن منسجة مع الواقع للبلد وهناك رؤية نابعة من اصحاب الاختصاص تنبع من رؤية علمية واقعية فمثل هذه الرؤية يمكن ان تتحول الافكار الى مشاريع عمل وتتحقق انجازات كبيرة وان كل البلدان التي تطورات كانت بواسطة اصحاب الخبرة والكفاءة وافضل طريق لذلك هو بناء قدرات علمية ومهنية بشتى المجالات وليس مجرد بناء قدرات علمية ولا تستثمر بل لا بد ان تستثمر تلك الطاقات في شتى المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والمهنية من خلال تحويل تلك القدرات الى مشاريع عمل كتاسيس شركات ودعمها من قبل الدولة لتخدم عملية التنمية ففي الغرب الذي استطاع ان يحدث عملية التطور والتقدم هي الشركات فقد دعمت تلك الشركات فساهمت في عملية التطور فكل شيء يحتاج الى التاسيس والدعم والا البقاء على المقاولين في عملية التطور فسوف لا يحقق الا تطور جزئي.
وقد تجد ان بالرغم من عراقة بعض الاحزاب الا ان معالجتها للامور تكون خاطئة ففي مصر اريد معالجة مشكلة انقطاع الطرق من قبل اصحاب البسطات فقرر الرئيس المصري مرسي بتعليمات مشددة ضد اصحاب البسطات وهذا ما سببب اضرار كبيرة للناس فبدل من معالجة هذا ببناء المئات من المواقع لاصحاب البسطات وتأجيرها لهم باسعار مقبولة يعاقب الكسبة وهكذا نجد نفس العقلية في اغلب البلدان العربية وفي بعض البلدان الاوربي بنيت العشرا ت من المجمعات وعمل الالاف من الكسبة بهذا المجمعات وبهذه استفادت الدولة بتشغيل الكسبة وجعل تنظيم لعملية الكسب فالاصلاح يحتاج الى نضوج في الافكار لتتحول الافكار الى مشاريع عمل تخدم كل القطاعات.
ان لكل اصلاح يحتاج متطلبات فالاصلاح في الشان الديني يحتاج الى عقلية دينية لها رؤية تجديدية حيث تحارب كل المعوقات في بناء شحصية الانسان المسلم والاصلاح في الشان السياسي يحتاج الى جعل عقلية سياسية لها رؤية واقعية لمعالجة الشان السياسي وفي الاصلاح في الشان الاقتصادي يحتاج الى بناء اسس واقعية للنهوض الاقتصادي وفي الجانب الثقافي يحتاج اصحاب القدرات العلمية والثقافية التي تعالج القضيا بواقعية بعيدا عن التعصب فالاصلاح في كل جانب يحتاج الى الانفتاح على كل الافكار في العالم بعيدا عن ضيق الافق وهناك مساحة واسعة قد يتحرك فيها الكثير ويتصورون انهم يقومون بالاصلاح الا انهم ابعد ما يتصفوا بذلك بسبب ضيق الافق يقول الامام علي ع ( اكثر العلم ما تجهلون ) فان هناك مساحة واسعة من الجهل تعشش عند الكثير وهم يتصورون انهم غير جهلاء وذلك لان المصالح الشخصية والحزبية والقومية والمناطقية والعشائرية تجعل الانسان يندفع الى الجهل من حيث يشعر او لا يشعر ويتصور انه يعيش حالة العلم فحتى لو امتلك الشخص الشهادات العلميةالا ان قد يكون افقه ضيق فهو يسير مع الجهلاء من حيث يعلم او لا يعلم واننا بحاجة الى صاحب الاختصاص والخبير المخلص الذي ينظر الى الاشياء بمقياس اعمق .
عصام الطائي