"وما نحن إن شاء الله ، إلا كلنا أقمارا ساطعة، ألا أن الوجه الآخر فينا يبقى وللأسف مظلم"/علي الحاج

Fri, 22 Feb 2013 الساعة : 19:42

لقد أودع الله سبحانه وتعالى ، صفة "الطفو" لكل ما يصح ان نطلق عليه خشبا .

فلو وضعنا قطعة من الخشب في الماء لطفت على سطحه ، بفعل قانون "الطفو التكويني" المودع فيها ، وتظل طافية إلى ماشاء الله إن لم يطرأ عليها طارئ بفعل فاعل ،

هذا يعني وبمعنى آخر ، إن صح القول ، فهي "معصومة" من حالة الغرق بفعل عامل الطفو كما أسلفت ، وبفعل التسديد الآلهي المودع فيها .

ولو افترضنا أن الخشبة خالفت أو اخطأت هذا القانون لغرقت من فورها ،لكن ذلك لن يكون لغياب العقل عنها ولعدم صيرورته فيها أصلا ،

ويمكن لو انها امتلكت عقلا لكان الوقوع في ارتكاب الخطأ ومخالفة القانون التكويني محتملا .

وهذا يعني أيضا وبالقطع أنها "مسيرة" ، وليست "مخيرة" .
على عكس من كان له عقلا فهو مخير وغير مسير .
أقول : نعم ، إنه "مخير" وليس "مسير" ، بحكم إنه يمتلك عقلا بكامل آلاته ، وإن العقل هو مصدر الخطأ والصواب ، والخير والشر ، والعقاب والثواب ، ويقع في حكم ذلك الإنسان وبعض الحيوان . وان جميع احتمالات وقوع الخطأ والصواب واردة وفي مجالات "العلم والعمل والاجتهاد والاختيار" .

كل إنسان "خطاء" ، إلا من ."عصم من ارتكاب الأخطاء وبتسديد الهي حصرا" . "بعصمة شاملة كبرى" ، وفي جميع مناحي الحياة ، أو "بعصمة خاصة صغرى" ، وفي منحى واحد أو يزيد من مناحي الحياة ، ولا ينحصر ذلك في عمر أو بيئة معينين ، وإن ارادة الله فوق كل شئ ، وسائدة على جميع الارادات ،
("إنما أمره إذا أراد شيئا أن
يقول له كن فيكون") .

وهذا يعني أن السواد الأعظم من الناس ما هم إلا مشاريع "لنظرية الخطأ والصواب" ، فكل إنسان يخطأ ويصيب .

وعلى من ينطبق عليه الوصف كإنسان ، إذا ما وقع في حبائل الخطأ ، فالأحرى به أن يسدد ذلك الخطأ بالصواب أوالاعتذار ، وأسمى آيات الاعتذار التوبة النصوح .
("وكلكم خطائون وخير الخطائين التوابون") .

فما أجمل الإنسان عندما يرقى إلى هذا المستوى الإنساني الرائع من العرفان ، وماأجمل من ذلك إن يسمو في سماء الإنسانية ، فيكون قمرا منيرا في بدره ، وما أجمله حينما يكون مشعا بهذه الدنيا يفيض بنوره في الليالي الحالكة السواد ، ويقلب حلكتها إلى نورا يهتدي به جميع الناس بلا فرق أو تميز .

وما نحن إن شاء الله ، إلا كلنا أقمارا ساطعة ،("كل في فلك يسبحون") في كبدالسماء ، "ألا أن الوجه الآخر فينا يبقى وللأسف مظلما".
 

Share |